شوارع تتحوّل إلى ساحات لغسل السيارات

ريبورتاج 2025/03/18
...

   بغداد: سرور العلي 

في شوارع بغداد، حيث تسير الحياة بوتيرة متسارعة، تتسلل ظاهرة تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل في طياتها أزمة. غسيل السيارات في الشوارع والساحات العامة بات أحد الأسباب الرئيسة لهدر المياه في وقت تعاني فيه المدينة من شحٍ متزايد في هذه المادة الحيوية. بينما يتعاظم الطلب على المياه الصالحة للشرب في المنازل، نجد أن البعض يستخدم الخراطيم لغسل السيارات في الشوارع في مشهد من اللامبالاة يهدد بنية المدينة التحتية ويزيد من تعميق أزمة المياه.

ومع تزايد هذه التجاوزات، تتصاعد التساؤلات حول تأثير البطالة التي دفعت البعض إلى امتهان غسيل السيارات في الأماكن العامة، وأثر هذه الممارسات في الحياة اليومية.

يلفت المواطن محمد داوود إلى أن الاستخدام الخاطئ، يتسبب بهدر عشرات الآلاف من لترات الماء الصالح للشرب، ما يؤثر في تجهيز المنازل باحتياجاتها من هذه المادة الحيوية.

من جانبه طالب المواطن سعد كريم بتشديد الرقابة واتخاذ الإجراءات الصارمة بحق المتجاوزين، للحد من شح المياه في معظم المناطق، كذلك من الضروري اعتماد تسعيرة عادلة لجميع المواطنين، للحد من الاسراف في المياه.

وأكدت المواطنة أم عبد الله أنها تعاني من ضعف المياه الصالحة للشرب في منزلها، بسبب قيام العديد باستخدام الخراطيم الكبيرة في غسيل السيارات في منطقتها. من دون اهتمام بترشيد الهدر من الماء.

أبو سعد، أحد السكان المحليين يرى أن تفشي ظاهرة البطالة وانعدام فرص التوظيف دفعا بالكثير من الشباب لامتهان العديد من الحرف والمهن، لكسب مصدر رزق، كالعمل بغسل السيارات في الساحات العامة والشوارع الرئيسة، وتساءل بامتعاض: لكن هل تبرر البطالة التجاوز على حقوق الآخرين؟. 

وما زاد من تفاقم المشكلة أن البلاد تعاني من أزمة بتوفير المياه الصالحة للشرب، وقلة الايرادات التي بالكاد تغطي الحاجة الفعلية، ما يدفع بالكثير من المواطنين لشراء المياه من محطات التصفية الأهلية.

وفي أواخر العام الماضي أعلنت أمانة بغداد عن إنهاء 95% من عمليات تجديد شبكات الماء الصافي في بغداد ضمن المواصفات العالمية. 


جهد متواصل 

هناك حملات متواصلة لدوائر البلدية المنتشرة في بغداد، من خلال 14 دائرة بلدية، وثلاثة أقسام بلدية منها تغطي داخل التصميم الأساسي لمدينة بغداد، وجميع تلك الدوائر لديها أقسام خاصة بالتجاوزات على الأشخاص الذين يقومون بغسل السيارات في الشوارع العامة، بحسب المتحدث باسم أمانة بغداد عدي الجنديل، وبيّن في حديثه لـ"الصباح": "أن هناك إجراءات رادعة لهم من قبل أمانة بغداد، وغرامات تفرض على أصحاب هذه العجلات، عن طريق المرور العامة بعد أن يتم توثيق رقم العجلة، وإرساله إلى مديرية المرور العامة".

وأشار الجنديل إلى أن الغرامات تصل إلى (500 ألف دينار)، لكل سائق عجلة يقوم بغسل سيارته على الشارع العام، أو التجاوز على شبكة الماء، وأيضاً بالنسبة للمتجاوزين تتم مصادرة الأدوات التي تستخدم في عملية الغسيل.

وأكد أن "حملات أمانة بغداد مستمرة من خلال دوائر البلدية وباسناد من مديرية الحراسات والأمن، وهناك أعمال مراقبة بشكل يومي لهؤلاء، ممن يقومون بالتجاوز على شبكة الماء، ويستخدمون الشوارع لغسيل العجلات، وهذه الأعمال تتواصل لرفع التجاوزات".

لافتاً إلى أن "هناك تطبيقاً لدى أمانة بغداد، اسمه "بغداد صوت المواطن"، هذا التطبيق يتيح للمواطن تقديم مقترحاته وشكواه، كذلك نحن نحتاج للمواطن في هذا الأمر بالشكوى أو التقديم على المتجاوزين على شبكة الماء، وعلى الشوارع الرئيسة بإرسال هذه الشكوى إلى هذا التطبيق، والذي لا يحتاج إلى حضوره أو تكلف عناء الذهاب إلى البلدية، بل يقوم بإرسال صورة المكان والعنوان، ليتم إجراء اللازم بحق المخالفين". 

وخلص الجنديل إلى أن "تلك الظاهرة تعد غير حضارية لشوارع العاصمة، لا سيما بعد الحملة الكبيرة التي قامت بها أمانة بغداد من أعمال تطوير وتأهيل للشوارع، ولدينا الآن 84 مشروعاً تجميلياً كبيراً في العاصمة، إذ قمنا بإكساء الشوارع الرئيسة وتخطيطها وتزيينها، والبعض الآخر هو قيد العمل وسيتم إنجازه خلال الشهرين المقبلين وبذلك ستكون بغداد في حلة جديدة". 


إجراءات 

المهندس مصعب بكر محمود العبيدي، المدير العام لدائرة بلدية الأعظمية أكد في حديثه لـ"الصباح": "لدينا حملات كبيرة ومتعددة لإزالة التجاوز على شبكات المياه بالتنسيق مع شرطة أمانة بغداد والقوة الماسكة وهي حملات دورية، وحققنا من خلالها نتائج إيجابية بالتقليل والحد من تلك الظاهرة وفي حالة رصد أي فعل مخالف وممنوع يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالف".

مؤكداً "حملاتنا مستمرة على مدى أيام الأسبوع، كون تلك الظاهرة تتسبب بهدر كميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب".

مديرية ماء بغداد لديها إجراءات عدة، وتواصل جهودها في مكافحة ظاهرة التجاوز على المياه والأنابيب، وقالت أسيل عزيز محمد، مديرة إعلام المديرية في حديثها لـ"الصباح"،:"عادة ما تقوم دائرة ماء بغداد بتبليغ البلدية والتي تقوم بدورها بإزالة هذا التجاوز وأيضاً تقوم برفع كتابين، أحدهما للوكيل الفني والآخر لدائرة ماء بغداد، ومن جانب آخر قد يبلغنا المواطن بأن هناك تجاوزاً، لنقوم كذلك بدورنا بعمليات التبليغ للبلدية بما يخدم المصلحة العامة والحد من الانتهاكات من خلال الكتب الرسمية".

بدوره يقول عادل كاظم الساعدي، معاون المدير العام لبلدية الغدير في حديثه لـ"الصباح": "بشأن التجاوز على شبكات المياه، هناك عمل مشترك بين دائرة البلدية ودائرة الحراسات لإزالة التجاوزات على شبكة المياه وتتم إزالتها أحياناً عن طريق توجيه الإنذارات أو بالقوة بالتنسيق مع القوات الأمنية ويتم فرض غرامات للمخالفين حسب قرار (296)، بكلفة الأضرار والغرامات المتفاوتة من مليون إلى أكثر من (5)، ملايين".

ونوه الساعدي "أما في ما يتعلق بتحول الشوارع الرئيسة والساحات إلى أماكن غسل للسيارات كذلك يتم فرض غرامات على المخالفين فيها وتتم مصادرة أدوات الغسل وحجز السيارات المخالفة للقانون والتي تقوم بالغسل في الأماكن غير المخصصة بعيداً عن مواقع الغسل والتشحيم المجازة من قبل أمانة بغداد".      

والمادة (197) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، نصت على أن تكون عقوبة تخريب الممتلكات العامة في القانون العراقي الإعدام أو السجن المؤبد، لكلَّ من خرب أو هدم أو أتلف أو أضر أضراراً بليغة عمداً في مبانٍ أو أملاكٍ عامة أو مخصصة للدوائر، والمصالح الحكومية أو المؤسسات والمرافق العامة.