بغداد: سرور العلي
تصوير: نهاد العزاوي
يعد مرقد سلمان الفارسي أحد المواقع الأثرية والتاريخية، ومعلما دينيا مهما في العراق، ويقع في مدينة المدائن، التي تبعد عن بغداد بحوالي 30 كيلو مترا، باتجاه الجنوب الشرقي، حيث بني هذا المسجد بطراز مغربي، وشيء من العمارة العثمانية والعباسية المطرزة بالنقوش المغربية، وهي دلالة على أن عمارته تعود لأزمنة متأخرة.
إضافة إلى كونه مسجداً فيه الصحابي الجليل سلمان المحمدي الفارسي، وكل من حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي، وطاهر بن الأمام الباقر (عليه السلام)، الذي نقل قرب بغداد عام 1930 آنذاك، بعد أن تعرضت بغداد لفيضان كبير، كما يوجد بجانبه قبر لعبد الله بن جابر الانصاري رضوان الله تعالى عليه، ومسجد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وتشير الاحصائيات إلى أن ما يقارب 6 ملايين زائر سنوياً يدخلون لتلك المنطقة، لما تتمتع به من عوامل جذب متعددة، كالدينية والتاريخية والطبيعية، كذلك للتعايش بين مختلف الأديان، لذلك تسمى بالعراق المصغر، وما زادت من أهميتها هو اختيار بغداد عاصمة السياحة العربية، لتكون عامل جذب للقادمين إلى البلاد.
وقال د.محمد عودة العبيدي، نقيب السياحيين العراقيين في حديثه لـ"الصباح"،:"سلمان المحمدي فارسي الأصل، ويقال إن اسمه الأصلي الفارسي ماهو بن خشبوذان، من مواليد اصفهان من خرسان، وهو صحابي جليل حصل على مرتبة عليا عند النبي الأكرم صلوات الله عليه، لورعه وإيمانه، فقال فيه الرسول الاعظم (سلمان من أهل البيت)، كما قال أيضاً: (الجنة تشتاق إلى ثلاثة علي
وعمار وسلمان)، وسماه سلمان الخير".
مؤكداً "كما نال الصحابي الجليل سلمان أهميته وشهرته، من خلال مصاحبته للنبي في الكثير من المعارك، فكان يعرف بأنه شجاع وشديد، وكان صاحب الرأي في حفر الخندق في معركة الاحزاب المعروفة بمعركة الخندق آنذاك، كذلك تولى الإمارة على المدائن أيام الخليفة عمر بن الخطاب".
مبيناً "يعتبر مرقد الصحابي سلمان المحمدي أحد المواقع الدينية بالغة الأهمية في بغداد، والذي يعتمد عليه أيضاً في الجانب السياحي، لأن له دوراً إيجابياً في بناء جسور التواصل الحضاري والثقافي بين شعوب العالم، لأن هذه المزارات الدينية تكون مصدراً مهماً ومتجدداً، لاستقطاب وجذب وفود الزائرين لزيارة هذه الاماكن المقدسة، بما فيها مزار سلمان المحمدي، إذ له دور ثقافي إلى جانب موقعه الديني، فتتبلور به الكثير من الثقافات، التي تلتقي من مختلف الحضارات، فيتولد هناك نوع من الحركات الفكرية التي تؤدي إلى تغيير المسار العلمي والفكري والمعرفي للزائرين، وللمجتمع المضيف على حد سواء".
ولفت العبيدي إلى أن للمرقد أهمية اقتصادية وللسياحة الدينية، فهناك العديد من النقاط المهمة التي يمكن أن تخدم الحكومة العراقية بشكل عام، وسكان المنطقة بشكل خاص، إذ تعمل على توليد دخل سياحي، وبالتالي تحقق زيادة في الدخل القومي؛ نتيجة للعملة الصعبة التي يراها الزوار القادمون من مختلف الدول العربية، كذلك هذا الأمر يؤدي إلى نقطة مهمة جداً، بتوفير فرص عمل تساعد في تخفيف مشكلة البطالة، فتعمل على تحقيق مكاسب من العائد الصافي من العملة الاجنبية، من أجل تمويل مشاريع البلاد الاستثمارية والتنموية، ودعم ميزان المدفوعات، وله أهمية في عملية التنمية المتوازنة، خاصة في هذه الاماكن من الاقضية والنواحي أو أطراف بغداد.
ونوه بأنه "عندما تكون هناك حركة اقتصادية؛ نتيجة لظهور أو زيارة هؤلاء من مختلف الدول العربية لتلك المواقع، ستكون هناك فعاليات وأنشطة اقتصادية مختلفة، لا سيما أن السائح يحتاج للكثير من الخدمات، كالأسواق التجارية والجوانب المالية، وكذلك للتبضع وبعض الخدمات الشخصية الأخرى، وهذه تعمل على الانتعاش اقتصادياً، وبالتالي تحقيق مكاسب على مستوى الفرد والمجتمع.