كان منهمكا في قص واجتثاث آخر شجرة في المنطقة الزراعية التي تم تجريفها لانشاء حي سكني عليها، وهو يلعن كل متسبب بهذا الارتفاع المقيت في درجات الحرارة، راميا الكرة تارة في ملعب الحكومة التي لم توفر الكهرباء، واخرى بملعب النظام المباد الذي جفف الاهوار، متناسيا وغافلا عن جريمته بحق البيئة وفتحه الباب على مصراعيه لأن تدخل الحرارة علينا من كل فج عميق.
كثيرون مثل صاحبنا نراهم اليوم، وكثيرون من المسؤولين سادرون في نوم اشبه بالموت، مرددين الاسطوانة المشروخة نفسها في كل صيف، بأن ملف الطاقة لو كان بحوزتهم لجعلوا الكهرباء تسري من فوقنا ومن تحت ارجلنا، حتى اذا تسلموا المهمة وانفقوا الميزانية بنجاح لاذوا بصمت يشبه صمت اهل القبور.
ونحن بين هؤلاء وهؤلاء نعاني الامرين ونتقلب مثل سمكة يتم قليها بواسطة اشعة الشمس الحارقة، محاولين بعد اليأس من اصلاح الوضع، التكيف مع الطقس والتحول بشكل تدريجي الى زواحف او تماسيح.
وفي الوقت الذي توصلت فيه دول العالم المتقدمة الى ان سبب ارتفاع درجات الحرارة يقع بشكل رئيس على عاتق النشاط الصناعي الانساني، محاولة وضع الاتفاقيات العالمية للحد من هذه المشكلة والتخلص منها، يبقى الكثير من اهلنا في مراجعات مستمرة طوال فصل الصيف الجهنمي لمديريات الكهرباء باحثين عن حل للمحولات كثيرة العطل في مناطقهم.
وتأكدت الدول المذكورة من ان التقدم الصناعي والاعتماد على أنواع الوقود المختلفة مثل البترول، الفحم والغاز الطبيعي، كمصدر أساسي للطاقة، واستخدام مركبات الكربون والكلور والفلور في الصناعة بكثرة، هو أحد أهم اسباب ارتفاع درجة حرارة الأرض، فكل تلك الاحتراقات تؤدي إلى تزايد انبعاث غازات الدفيئة التي تتسبب في إحداث تغييرات كبيرة في مناخ الأرض، إذ تعمل على حبس الحرارة المنبعثة من الشمس والمرتدة عن سطح الأرض ولا تسمح بنفاذها إلى خارج الغلاف الجوي وبالتالي ارتفاع درجات الحرارة.
هذا فضلا عن تراكم القمامة وروث الحيوانات اللذين يعدان مصدرين لانبعاث غاز الميثان، وكذلك احتراق وقود السيارات الذي ينتج عنه ثاني أكسيد الكربون.
وقياسا على هذه المعلومات التي توصلت لها مراكز ابحاث عالمية رصينة، نستطيع القول بأننا في العراق نسير بخطى ثابتة في ظل حكمة السادة المسؤولين على ملف الكهرباء والطاقة وغيرها من ملفات، وحرص المواطن على الحفاظ على البيئة، نحو صنع (جهنم) خاصة بنا لا ينافسنا فيها أحد، وكيف لا ونحن في طليعة الدول التي تتراكم فيها القمامة لمستويات غير مسبوقة، ولا يضاهينا احد في حرق غازات الدفيئة، من خلال الكم الهائل من السيارات في شوارعنا الضيقة ومولدات الكهرباء الاهلية والمنزلية.
من هنا لم يتبق امامنا من حل غير التكيف على الوضع والتحول الى زواحف كما ذكرنا آنفا، او الانقراض كما ذكرت ذلك دراسة دولية بأن ارتفاع حرارة الأرض قد يتسبب بإبادة ربع أنواع الكائنات الحية من نبات وحيوان على سطح الأرض، ويضر مليارات البشر بحلول عام2050 ، الامر الذي سيمثل واحدة من أكبر نوبات الاندثار الجماعي منذ انقراض الديناصورات، او حصول المعجزة عبر شروع السادة المسؤولين بحل المشكلة من خلال توفير حزام اخضر حول المدن، وشق الانهار لزيادة المساحات الخضراء والحد من فوضى السيارات والتعاقد مع شركات عملاقة لحل أزمة الكهرباء بشكل نهائي وبطرق صديقة للبيئة.