بغداد: سرور العلي
تعد المقبرة الملكية أحد المواقع المهمة في العاصمة بغداد، وتقع في منطقة الأعظمية، حيث تضم رفات الأسرة المالكة العراقية، وتسمى بـ"الضريح الملكي"، وإنشئت بين عامي 1934م و 1936م على يد المعماري البريطاني جي بي كوبر، وتشكل اليوم أهمية بالغة للزوار والسائحين، لا سيما بمناسبة اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.
وعن تاريخ المقبرة وأهميتها قال الباحث التاريخي ياسر العبيدي في حديثه لـ"الصباح":"وضع حجر الأساس عام 1924، وهي بالأصل المبنى أو القسم الإداري لجامعة آل البيت التي اختطها وبناها الملك فيصل الأول ملك العراق، بعد تتويجه عام 1921، واليوم تشغل مباني جامعة آل البيت كالجامعة العراقية، وإلى جانب المعماري البريطاني هناك أيادٍ عراقية أسهمت في بناء المقبرة على طراز يحاكي تاج محل، أو القباب أو قصر باب الذهب الذي بناه أبو جعفر المنصور حينما بنى مدينة بغداد المدورة".
مضيفاً "اختار الملك فيصل الأول منطقة الأعظمية لتكون مقراً لجامعة آل البيت، والتي شاءت الاقدار أن تكون مقبرة للأسرة المالكة، وذلك لسبب أن الخلفاء العباسيين المتأخرين كانت قبورهم في الاعظمية، وهنالك شاهد قبر لآخر خليفة عباسي، هو المستعصم بالله العباسي في منطقة رأس الحواش".
وأكد العبيدي أن "الراقدين في المقبرة الملكية، هم ثمانية أشخاص من الأسرة المالكة، وأول الراقدين هو الملك فيصل الأول الذي توفى في مدينة بيرن في سويسرا يوم 8 أيلول عام 1933، ودفن في أول الأمر في حديقة المقبرة الملكية بالقرب من السقاية، وذلك لأن المقبرة لم يكتمل بناؤها إلا في العام 1936، وبعد اكتمال بناء المقبرة تم نقل جثمان الملك فيصل ودفنه في الغرفة اليمنى قرب القبة الصغيرة من جهة التشريفات أو الباب الرئيسي، ثم دفن بقية أفراد الأسرة فيها وهم، الملك غازي، والملك فيصل الثاني، والملكة حزيمة، والملكة عالية، والملك علي بن الحسين ملك الحجاز، والأميرة جليلة بنت الملك علي بن الحسين، والأميرة رئيفة بنت الملك فيصل الأول، فضلاً عن أثنين من وزراء المملكة العراقية، ففي حديقة المقبرة الملكية يوجد قبران أحدهما يعود إلى جعفر العسكري، الذي كان أول وزير دفاع بعد تشكيل الحكومة العراقية 1921، ودفن في المقبرة تكريماً لمنصبهِ الوزاري، وكان قد قتل في محافظة ديإلى عام 1936، حينما ذهب ليتفاوض مع قائد الانتفاضة بكر صدقي، أما القبر الآخر فهو لرستم حيدر رئيس التشريفات الملكية ووزير المالية".
وأشار العبيدي إلى أن موقعها بين مبنى الجامعة العراقية ومنطقة السفينة، فهي كالجزيرة، وتم بناؤها بأسلوب العمارة الإسلامية، ولهُا ثلاث قباب فريدة مكسوة بالكاشي الأزرق، ومزخرفة بزخارف إسلامية وبفن معماري مميز، وبنيت المقبرة الملكية من صخر الجلمود المسمى بـ"حجر الشاطئ"، وهي مغلفة بالطابوق، أما الأبواب والنوافذ فهي مصنوعة من خشب الصاج، لافتاً إلى أنه في يوم 27 آذار سنة 2021، افتتحت المقبرة الملكية بعد ترميمها.
الجدير بالذكر أن المملكة العراقية هي أول حكم عراقي في العهد الحديث، وبدأ رسمياً منذ تعيين الملك فيصل الأول ملكا في عام 1921، إلا أن البلاد لم تنل الاستقلال إلا بعد العام 1932 لتكون من أوائل الدول العربية التي استقلت عن الوصاية الأوروبية، وتحديداً الانتداب البريطاني، وأسست المملكة العراقية على إثر تداعيات الثورة العربية الكبرى إذ كان يراود الشريف حسين بن علي والد الأمير فيصل طموح الأسر المالكة العربية في المنطقة، لتولي زعامة دولة العرب، ونقل نظام الخلافة الذي انهار في إسطنبول إلى إحدى الأسر العربية المتنافسة وهي: الأسرة السعودية في نجد والحجاز، كونها الأسرة الحاكمة في الأراضي المقدسة الإسلامية مكة والمدينة، والأسرة الهاشمية زعيمة الثورة العربية الكبرى في شمال الجزيرة وبلاد الشام والعراق، والأسرة الحاكمة من سلالة محمد علي في مصر.
واستمرت هذه الحقبة حتى شهر شباط/ فبراير 1958، حين دخل العراق مع الأردن في كيان غير اندماجي أطلق عليه (الاتحاد الهاشمي العربي)، في مقابل اتحاد مصر مع سوريا (الجمهورية العربية المتحدة)، لكن لم يدم الاتحاد الهاشمي سوى بضعة أشهر نظراً لقيام ثورة 14 تموز في العراق عام 1958، والتي كانت نهاية حكم الهاشميين للعراق.