د. أثير ناظم الجاسور
من تجارب عاشتها أجيال ونعيشها اليوم تُثبت حقيقة أن الانسان العربي لا قيمة له على الإطلاق، كل مرحلة تؤكد وتُثبت أن قيمة ما نحيا لا تتعدى سوى لحظة انتظارنا ان نتعدى ظلم من نعيش معهم (الحكام) ومن في السلطة من تابعين وقافزين ومتسلقين، طالت أم قصرت المدة، بالنتيجة إننا ضحايا الأنظمة وأجنداتها ومعتقدها ونسقها العقدي التي بالضرورة تلعب دورا في صياغة أسلوب معيشتنا اليومية بكل الاشكال والتصورات، سواء كنا معهم أم بالضد منهم أم محايدين أو حتى كنا مواطنين سلبيين، بالتالي تعودت الشعوب التي تُعاني من الانتظار أما الفرج الرباني (الإنقاذ الإلهي) وإما الرفض وهذا يُحول المجموع إلى معارضة والوارد، هنا الجميع سيكونون في منطقة الخطر، تبقى مسألة الخلاص سواء في هذا أو ذاك المكان تنتظر العلاجات، وأول هذه العلاجات هو وهم الخلاص بأقل الخسائر وهنا يأتي العلاج الخارجي ( التغيير - التحرر) بهذه الطريقة نكون أمام نماذج أفضلها سيئ، أما من يقف مع السلطة فهذا ينتظر حالة مغايرة تماماً لا أفضلية بكل الاحوال سواء بقي النظام أم رحل فكل المؤشرات تُعطي نتائج ضرر هذا النموذج مهما كانت الصورة المرسومة.
حتى نبقى بمساحة إللا قيمة لا بد من أن تتوجه انظارنا إلى تجارب ذات قيمة تجارب تُشعرنا بالحاجة الماسة لها وعيشها بكل الطرق، ما لم يُدركه الحكام أو يكونوا مدركين للحالة أن العلاج الخارجي أو الإنقاذ الخارجي هو علاج بالوهم ذات الطريقة الطبية، التي من خلالها يتم إعطاء الدواء للمريض والطبيب على علم أن هذا العلاج لا يؤثر ولا يُعالج وما هو إلا علاج يوهم المريض بأنه العلاج الصحيح، بذات الصيغ تتوجه القوى الخارجية لتمنح مغريات التحرر والحرية لتجعل منا اجساد مجردة من الحركة منتظرين محو الكابوس التسلطي بديمقراطيتهم، التي ستفسح لنا مجالات الحرية والتحرر بطريقتهم هم بنموذجهم هم، وهذا ما حدث في تجارب كثيرة كتبتها كتبت التاريخ والسير وعشناها بكل تفاصيل معاناة من أراد عيش حياة اخرى، فكرة أن يأتي العلاج من خارج مساحة التفكير المنطقي عاشتها دول المنطقة سواء بتدخل عسكري أو تدخل أقل ما يسميه المُتدخل بالإنساني، ووهم أن تحمل القوى العالمية - الغربية علاج تخليص الشعوب ما هو إلا علاج بالوهم أو هو شعور انعكس برغبة المتلقي أو محاول من الاخير العيش كما الغرب دون الدخول في تفاصيل تلك المعيشة.
أوصلت حكومات المنطقة والعربية تحديداً شعوبها أن تتوهم وتقنع نفسها بعلاج القوى الكبرى مهما كانت الخسائر بعد أن ترسخت فكرة سيطرة وإمكانية المتفوق التي بالضرورة تعمل بالبداية على تحطيم كل الآمال بالتصحيح الداخلي، لتنتقل إلى عملية الرسم على الرمال لكل ما له علاقة بمستقبل افضل، ومع أول رياح للتغيير الخارجي تتطاير كل الألوان لتبقى رمادية المشهد التي تتحول تدريجياً إلى سواد مع تضارب التجربة مع واقع المُتبنى الذي لا يتناسب مع قيم وعادات الشعوب، لتتحول مشاهد الترقب ومن ثم السعادة إلى واقع مأزوم ابسط مخارجه الانهيار الذي تترتب أولوياته بأعراض جانبية خطيرة تبدأ بالتفكك الاجتماعي وضياع ابسط سُبل الحياة، علاج الشعوب العربية الداخلي منعه كبار رجال السياسة والدين منابر اختلطت فيها التجريم والتحريم، لينتج مساحات خوف تتطلب العلاج بالوهم، الذي سيعتاد عليه أغلب الشعوب المقهورة بعد أن فقدوا كل سبل الخلاص ولم يبقى لهم سوى الصبر على ما أصابهم، ما هي إلا مسافة رسم مشروع وتنفيذ مشروع وتصبح الدول العربية خارج إطار المنطق لتشهد الاجيال القادمة صراعات داخلية سياسية - دينية صامتة بلا خطوط واضحة، ما هي إلا مسافة ضياع عقل وتفكير حتى تبدأ عملية توريث الرايات المكسورة والدول المقسمة والجغرافيا المنهوبة والأراضي المُحتلة.