بغداد: مآب عامر
في مشغل رسم الفنانة تمارا الشبخون، وتحديداً في الطابق الثالث لبيتٍ تعلو حيطانه لوحاتٌ متفرقة ومتنوعة، تجد نفسك في فضاءٍ ممتلئٍ بعدة ألوان الرسم وحلي زينة إكسسوار وأوشحة لغطاء الرأس وفساتين كل منها يحمل اسم حكاية.
الجلوس في المشغل يعني التركيز على إمدادات ضوء الشمس الذي يشعُّ من نافذة كبيرة تنير لوحات تحتشدُ على الحيطان بخطوطٍ وضرباتٍ وألوانٍ تقول عنها الشبخون إنَّها «تمثل المشروع الذي أسست له في العام 2024”.
أطلقت الشبخون مشروعها “جلابية ولوحة” العام الماضي، كفكرة تستوحي ألوان لوحاتها من الأزياء التراثيَّة والشعبيَّة التي عشقت تصاميمها “فعادة ما تحرص النساء العراقيات في السهرات والمناسبات كشهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى على ارتداء الجلابيات التراثيَّة الخاصة أو البشت أو العباءة” فوظفت الجلابيات التي ترتديها على اللوحات بدءاً من مرحلة الثيمة وصولاً إلى الألوان والتصميم النهائي.
يضمُّ مشروعها “جلابيَّة ولوحة” 30 عملاً فنياً، إذ تأخذ الشبخون جزءاً من قماش الجلابيَّة وترسمه على اللوحة، ولأنها فنانة تشكيليَّة فقد كانت بحاجة لتبتكر على اللوحة وتضيف لها من ألوانٍ وخطوطٍ تشكيليَّة، لذا فقد عدَّت مشروعها هذا بداية لتأسيس أعمالٍ قادمة تخصُّ بها معرضها الشخصي الذي سيحمل الأفكار الرمضانيَّة ذاتها.
وتتذكر الشبخون التي شاركت في العديد من المعارض المحليَّة والدوليَّة ما حدث قائلة: تجربة «جلابيَّة ولوحة» دفعتني لتطوير الفكرة واستمرارها، وإطلاق «وشاح ولوحة» لهذا العام 2025.
تجربة تمارا في “وشاح ولوحة” لم تكن بعيدة عن بحثها عن الجمال وتأثيراته البصريَّة، إذ عشقت الألوان الصاخبة وتدرجاتها، وما تجسد في الرسم من أفكارٍ تعتمد على إدراك الذات ومعرفة دواخلها، فهي ترى أنَّ للشال أو الوشاح وظائف عديدة، وأنَّ المرأة لا تستغني عن وجوده سواء كغطاءٍ للرأس أو ربطة عنق أو شالٍ على الكتف، أو ربما يُربط متدلياً من حقيبتها
الصغيرة.
لم تكتف تمارا بقماش الشال، بل أدخلت مقتنياتٍ أخرى إلى مشروعها مثل الحلي النسائيَّة وإكسسوار الزينة، وكذلك الأحذية ذات الكعوب العالية والمسبحات والأواني الفخاريَّة وأكواب الشاي وفناجين القهوة وغير ذلك من تقنيات تدخل جلسة الأجواء لتظهر بشكلٍ تراثي مفعمٍ بالحداثة.
ولأنَّ الشبخون ولدت وترعرعت في مدينة الموصل قبل أنْ تسكنَ وتعيشَ في العاصمة بغداد، فقد تميزت أعمالها بحضورٍ قوي للألوان التي تعزز دمج العديد من المدارس، إذ تأثرت الفنانة ببيئتها بشكلٍ لافتٍ، كما تقول “الأماكن في شمال العراق والموصل تحديداً تشتهرُ بأجواء الطبيعة الخلابة من أشجارٍ خضراءٍ وأزهار، لذا فقد عكست أغلب أعمالي حياة الطبيعة وألوانها الزاهرة الصارخة”.
تمارا الشبخون حاصلة على ماجستير فنون تشكيليَّة من جامعة بغداد، وعضو الشعبة التشكيليَّة في نقابة الفنانين العراقيين، تمارس عملها اليوم كتدريسيَّة في معهد الفنون الجميلة في
بغداد