طهران: وكالات
بينما تتجه الأنظار يوم السبت المقبل إلى العاصمة العمانية مسقط لمتابعة ما تنتج عنه المفاوضات «غير المباشرة» بين إيران والولايات المتحدة، هددت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، بما وصفته بالرد «الخطير والمدمر» من إيران في حال استهداف «الصناعة النووية السليمة».
وأوضحت اللجنة في بيان تزامناً مع اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية، أمس الأربعاء، أنه: “بناء على معاهدة حظر الانتشار النووي، من حق إيران أن تمتلك صناعة نووية سلمية في مختلف المجالات، وأي تدخل أو تهديد لهذه الصناعة سيقابل برد فعل خطير ومدمر من قبل الأمة الإيرانية”.
واعتبرت اللجنة أنه: “وفقاً لنظام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن هذه الوكالة ملزمة بمساعدة الدول النووية في التمتع بالإنجازات السلمية للصناعة النووية، ولكن للأسف، أن تصبح أداة للدول المتغطرسة، فإن هذه الوكالة لم تساعد الأمة الإيرانية فحسب، بل خلقت على مدى عقود من الزمن عقبات أمام الأمة الإيرانية للتمتع بالفوائد السلمية للصناعة النووية”.
واتهم البيان الإيراني، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بـ”الإدلاء بتصريحات سياسية ومتحيزة بشأن الأنشطة النووية السلمية للأمة الإيرانية”.
في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركي أن إيران تفضل الدبلوماسية، لكنها تعلم جيداً كيف تدافع عن نفسها.
وكتب عراقجي في مقاله: “خلال الأسابيع الأخيرة، جرى تبادل الرسائل والاتصالات بين إيران والولايات المتحدة، وعلى عكس بعض القراءات السطحية، فإن هذه الاتصالات على الأقل من جانبنا لم تكن رمزية ولا شكلية، بل نعتبرها محاولة حقيقية لتوضيح المواقف وفتح نافذة على الدبلوماسية”.
وأضاف: “إيران مستعدة للدخول في تفاعل جاد وإجراء حوار بهدف التوصل إلى اتفاق، حيث سنجتمع السبت في سلطنة عُمان لإجراء محادثات غير مباشرة”، مبيناً أن “هذا الاجتماع يمثل فرصة واختباراً في آن واحد”، وتابع وزير الخارجية الإيراني: “السعي إلى المفاوضات غير المباشرة ليس تكتيكاً ولا يعكس توجهاً أيديولوجياً، بل هو خيار ستراتيجي تم اتخاذه بناء على الخبرة”.
وأكمل وزير الخارجية الإيراني: “الكرة الآن في ملعب الولايات المتحدة، فإذا كانت تبحث عن حلٍّ دبلوماسي حقيقي، فقد أظهرنا لها المسار بالفعل. ولكن إذا كان هدفها فرض إرادتها من خلال الضغط، فيجب أن تعلم بأن الشعب الإيراني سيرد بشكل موحد وحاسم على لغة القوة والتهديد”.
ومن المرتقب أن تجري إيران والولايات المتحدة مباحثات “غير مباشرة” رفيعة المستوى في 12 نيسان الجاري، وذلك خلافاً لما ذكره الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول وجود “محادثات مباشرة”.
في المقابل، نقلت صحيفة “واشنطن بوست”، عن مسؤول في الإدارة الأميركية أن فريق المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أرسل رسائل يحث فيها طهران على إجراء محادثات “مباشرة” عبر سلطنة عمان، حيث من المقرر عقد اجتماع السبت المقبل.
وأضافت الصحيفة، نقلاً عن المسؤول الذي لم تذكره اسمه، أن مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط لن يذهب إلى عمان إذا لم تكن المفاوضات “مباشرة”، ونقلت عن مسؤولين مطلعين على المفاوضات بأن ويتكوف سيسافر على الأرجح إلى العاصمة الإيرانية طهران إذا وجهت له الدعوة لزيارتها. وفي تصريح رسمي، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن المفاوضات بين ممثلي الولايات المتحدة وإيران ستتم بشكل “مباشر” يوم السبت. كما أضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس أن المفاوضات ستشمل مشاركة ويتكوف.
من جانبه، بيّن الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور خالد الحاج، أن المفاوضات المرتقبة بين واشنطن وطهران في سلطنة عُمان، إلى جانب المباحثات الثلاثيّة الروسية والصينية والإيرانية في موسكو، تعد جزءاً أساسياً من التحولات الجيوسياسية في المنطقة، وتؤكد دعم بكين وموسكو لطهران، مع ترقب نتائج ملموسة للمساعي الدبلوماسية، يوم السبت.
ورأى الحاج، في حديث لإذاعة “سبوتنيك” الروسية، أن “الجلوس إلى طاولة المفاوضات يسجّل لصالح إيران، ويأتي نتيجة للدور المحوري الذي أدته روسيا في تقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن”.
وأشار الباحث المتخصّص في الشأن الإيراني إلى أن “الجدل حول ما إذا كانت المفاوضات ستكون مباشرة أو غير مباشرة يرتبط بالضغوط الداخلية في كلا البلدين، حيث تسعى الولايات المتحدة للظهور بموقع المنتصر الذي فرض اللقاء، في حين تواجه إيران رفضاً داخلياً واسعاً من معسكر كبير يُعارض هذه المفاوضات من الأساس”.