جردة حساب من نوع آخر

الرياضة 2025/04/15
...

 خالد جاسم


الشغل الشاغل لجمهورنا الكروي هو إنقاذ ما تبقى من آمال وطموحات تحفظ لمنتخبنا الوطني فرصة أو حتى بقية من فرصة من أجل اللحاق بالمتأهلين إلى مونديال (2026).. العواصف القوية والريح العاتية التي أعقبت ميلودراما مباراتنا القاصمة أمام فلسطين خفت قوتها واضمحلت درجة سخونتها وخفت بريق ثورتها بعد أن استثمر اتحاد الكرة فرصة عطلة عيد الفطر وما قبلها وما بعدها لالتقاط الأنفاس ووضع الخيارات الممكنة التي تمكنه من التعاطي الموضوعي السليم مع ملف المنتخب الوطني والمتبقي له من مشوار التصفيات. في هذا التقرير سوف أسترجع العديد من المحطات والمواقف والتجارب التي مرت بها الكرة العراقية من خلال بوابة المنتخب طالما أنَّ ما حدث هذه المرة لم يختلف إلا في بعض التفاصيل الجزئية عن التجارب السابقة، والقصد من هذه التوقفات والمراجعة التي أراها ضرورية هو استنباط الدروس واستلهام فوائد التجارب المريرة مع أننا أثبتنا وكما قال التاريخ أننا لا نتعظ ولا نعرف طريق الاستفادة من الإخفاقات، ولم نبلغ بعد مرحلة النضوج الكامل في تجاوز قانون الفشل الذي سطرنا تفاصيله بإرادتنا وليس بفعل فاعل.

 استذكارات في مسيرة الخواجات

 استرجعت في شريط الذاكرة مسلسل بعض المدربين الأجانب الذين تعاقبوا على تدريب منتخبنا، وركزت على مشاهد توقيع العقود مع المدربين الصربي مليونوفيتش بورا (بطريقة الإعارة المدفوعة التكاليف) وقبله فييرا ثم ما بعد بورا وهو البرازيلي زيكو وسط حزمة من أضواء الكاميرات والفلاشات المكثفة في بغداد وعلى قدر كبير من الإبهار والتركيز الصوري على هؤلاء المدربين الذين ارتضوا كمن سبقهم تحدي الصعاب والقبول بما يراه معظم المدربين الأجانب مجازفة ليست مأمونة العواقب في تولي مسؤولية تدريب منتخب كمنتخبنا.. واللافت ومع الاختلاف الجوهري بين شخصيات فييرا وبورا وزيكو سواء على المستوى الشخصي أو على الصعيد التدريبي، أنَّ الثلاثة هم مدربون محترفون لم يجد أي منهم قبيل الموافقة على خوض المجازفة العراقية فريقاً أو منتخباً وطنياً يؤويه لا في الغرب ولا في الشرق، كما اللافت أيضاً في الخواص المشتركة بين هؤلاء المدربين إصرارهم على عدم الخوض في التفاصيل المالية للعقود الموقعة مع اتحاد الكرة الذي يبدو أنه وكما تأكد لاحقاً الطرف المسؤول عن الإصرار على عدم ذكر المدربين الأجانب أياً من تلك التفاصيل المالية المتعلقة بالعقود معهم، وما زلنا نتذكر ما حدث مع الألماني ستانج وبعدها مع النرويجي أولسن برغم أنَّ فييرا وخلال ولايته التدريبية الثانية مع منتخبنا قد توضحت مستحقاته المالية بجميع تفاصيلها ربما لأنَّ الجهة التي تكفلت بالدفع وتحويل مبلغ العقد إلى حساب فييرا الشخصي هي جهة حكومية وليس اتحاد الكرة في ذلك الوقت، كما توضحت لدينا في ما بعد أنَّ القطريين أعارونا خدمات بورا من أكاديمية أسباير، بينما ظلت قضية المستحقات المعلقة لزيكو مصدر شد وجذب بينه وبين اتحادنا الكروي لوقت طويل قبل أن يكسبها عبر القضاء الدولي. وكانت تبرز أيضاً في الملامح المشتركة لفييرا وبورا وزيكو تصريحاتهم المفرطة في التفاؤل وبوقت مبكر من تسلّم المهمة الصعبة، مع أنَّ واقع الأمر كان يبدو مختلفاً كلياً مثلما كانت العقبات والمطبات التي تظهر لاحقاً تنتهي في الفشل أو الإخفاق أخيراً، وكلنا يتذكر ما صرح به فييرا قبيل عودته لتدريب منتخبنا في خليجي (19) كما لم تغادر الذاكرة بعد كلمات السيد بورا عندما أعلن بعد توقيع العقد أنه عازم على خلق منتخب عراقي قوي مع مقدرته على نقل الفريق إلى الدور الثاني في بطولة القارات ومن دون أن يوضح بورا وبشكل مقنع الأسباب الموجبة التي يقف عليها تفاؤله المبكر هذا خصوصاً أنه كان قد تسلّم المهمة وأمامه مدة زمنية تُحسب وفقاً للقياسات التدريبية والمنطق التدريبي مدة عصيبة، إذ لا تتاح للمدرب المباشرة بإعداد متكامل بقدر اعتماده على مبدأ الجرعات المكثفة والمركزة التي تستند إلى خاصيتي البناء التكتيكي الخاطف والمباريات التجريبية الكافية التي تنسجم مع ذلك المبدأ، وهذا الأسلوب سبق لفييرا اعتماده قبيل انطلاقة خليجي (19)، ويبدو أنَّ المدرب الصربي بورا لم يجد مفراً من استنساخه لكنه كان بمعسكر قطري وليس إماراتياً وكانت الغاية واضحة تقريباً وهي العودة من جديد إلى منتخب (2007)، أي منتخب أمم آسيا وهو ذات الأمر الذي تكرر مع زيكو وقبل ذلك كانت الشهور التي قضاها المدرب راضي شنيشل في بناء كيان جديد للمنتخب قد أودعها اتحاد الكرة في ذمة التاريخ وكانت العودة إلى سلاح المحترفين أكثر الخيارات منطقية لدى بورا ومن ثم زيكو وبتروفيتش وهي خيارات كان في مسببات ترسيخها لدى الرجلين بصمات اتحادية واضحة.. تماماً كما حدث مع فييرا في تجربة الزواج الثانية والفاشلة مع منتخبنا.

غياب مزمن للتخطيط

*عندما كنا نكتب لم نبتغ استباق الأمور أو الأحداث التي كان المدربون فييرا وبورا وزيكو وبتروفيتش المسؤولين عن نتائجها وليس فقط جدولتها أو وضع تسلسلها الزمني، لكن كنا نشير من خلال تلك الاستذكارات إلى غياب التخطيط الصحيح والرؤى الفنية السليمة في عملية بناء المنتخب، وكان خيارا التسليم بأهمية عدم الاتكال بشكل كامل على خدمات المحترفين من جهة والاعتماد على المواهب المحلية التي تفرزها مباريات الدوري الممتاز من جهة ثانية، يقفان على خط متقاطع ولا يلتقيان بالمرة منذ ما بعد العام (2004)، ولم نجد إلى الآن مدرباً تولى قيادة المنتخب قد نجح في تحقيق المقاربة الأدنى بين هذين الخيارين, وهو أمر يعود كما سبق القول إلى غياب السياسة التخطيطية الصحيحة واعتماد مبدأ البناء المرحلي والحلول الآنية التي تعتمد خيارات معظمها بعيد عن المنطق الكروي الصحيح الذي يكفل البناء الصحيح للمنتخب الوطني.

 كنا نقول لندع فييرا ثم بورا ثم زيكو وأخيراً بتروفيتش يسيروا بعملهم كما يريدون لأنَّ الواضح تماماً أنه ليس لديهم شيء يخسرونه، مع أنهم بالتأكيد كانوا ينشدون شهرة ضائعة ومجداً مفقوداً ربما راهنوا على تحقيقه مع المنتخب، كما حدث مع فييرا قبيل إنجاز (2007) برغم الفارق الكبير بين ظروف المنتخب في ذلك العام والاختلاف الكبير في طبيعة التحدي بين أمم آسيا وبطولة القارات وتصفيات كأس العالم وغيرها من الاستحقاقات الأخرى التي أخفقنا فيها بامتياز في عهدة هؤلاء الأجانب، وصار لزاماً في ضوء ما حدث ومع تجدد النية والسعي نحو استقدام الكفاءة الأجنبية، أنَّ خيار المدرب المحلي هو الأفضل والأكثر تجنيباً لنا لصداع رأس لا مبرر له على الإطلاق.


عندما يعيد التأريخ نفسه

كما هو واضح يبدو أنَّ اتحاد الكرة اعتاد التعاطي مع قضية اختيار مدرب للمنتخب وفق مبدأ عملي جداً أو على الوجه الأصح تماشياً مع مثل بغدادي أثير يقول (مثل خبز باب الأغا.. حار ومجسب ورخيص) تذكرت ذلك المثل الشعبي في تجربة المدرب السلوفيني الذي أودعت فيه الثقة قبيل تجربتي أدفوكات وكاساس وهو السيد كاتانيتش مع طاقمه المساعد هو صاحب المبلغ المالي الأقل بين أقرانه الأجانب الذين بالغوا في عروضهم المالية بينما اكتفى كاتانيتش بمبلغ مليون و(200) ألف دولار، وآخرون قالوا إنَّ الاتفاق معه كان على مبلغ مليون دولار ولموسم واحد ولم يكن أحد يعلم إن كان قابلاً للتجديد أم لا مع أنَّ ما تسرب من اتحاد اللعبة في وقتها كان يشير إلى وجود اتفاق العقد معه لمدة ثلاث سنوات والهدف الأهم هو التأهل إلى مونديال (2022) في الدوحة. 

والمؤكد أنَّ اتحاد الكرة وعند اختياره المدرب السلوفيني لم يراع الجانب المالي فقط في التعاقد معه باعتباره صاحب أوطأ العروض وفوزه بالمناقصة التدريبية وفق ما تقتضي أصول المناقصات التدريبية لدينا والتي يبدو أنها صارت قريبة الشبه من مناقصات المقاولات وسواها، لكنَّ هذا المدرب الذي قد اختلفت الآراء والتقييمات بشأن مهارته وخبرته ومدى كفاءته قد وافق دون غيره من المدربين المطروحة أسماؤهم على طاولة الاختيار على بعض الشروط الأساسية في العقد ومنها الإقامة في العاصمة بغداد وإجراء تدريبات المنتخب على ملاعبها ومتابعة الدوري العراقي واختيار اللاعبين من مبارياته بالإضافة طبعاً إلى توفر القناعة الفنية لدى الإخوة في الاتحاد بما يمتلك هذا الرجل من مؤهلات ونجاحات احتوتها سيرته التدريبية التي ربما هي ليست مقنعة لكثيرين، لكنَّ واقع الحال ولا سيما من المنظور المادي كان لا يمنح اتحاد اللعبة المرونة والمساحة الزمنية الكافية لإيجاد ما هو أفضل في بورصة المدربين الأجانب خصوصاً بعد الذي حدث من ضجة وضجيج كثير منه لا مبرر له بعد فشل صفقة التعاقد مع السويدي أريكسون.


 كاساس... ما له وما عليه

بغض النظر عن كل الآراء التي قيلت بحق المدرب الإسباني (المقال) خيسوس كاساس ودرجة مسؤوليته عن التعثرات التي حدثت للمنتخب في درب التصفيات فإنَّ رأيي الشخصي بهذا المدرب بعيداً عن الجوانب الفنية يستند إلى المعطيات الرقمية المثبتة رسمياً في سجله التدريبي مع أسود الرافدين وهذا يعني ومن خلال لغة الأرقام أنَّ حصيلته على صعيد النتائج كانت مرضية بشكل عام، فالرجل قاد منتخبنا الوطني في (34) مباراة حقق الفوز في (18) منها على منتخبات: عمان (3) مرات، إندونيسيا (3) مرات، فيتنام (3) مرات، الفلبين مرتين، اليمن مرتين، كما فاز مرة واحدة على منتخبات اليابان وفلسطين وقطر والسعودية والكويت، وفي خانة التعادل فقد حضر أبغض الحلال في مسيرة كاساس مع أسود الرافدين في ثماني مباريات، إذ تعادلنا مع منتخبات: الكويت مرتين، الأردن مرتين، قطر وتايلند والهند وعمان مرة واحدة، وبنفس عدد التعادلات خسر منتخبنا وهو في عهدة كاساس أمام منتخبات: روسيا وكولومبيا والأردن وكوريا الجنوبية مرتين، والبحرين والسعودية وفلسطين، وسجل لاعبونا في مجموع المباريات التي لعبوها بقيادة كاساس (56) هدفاً بينما استقبلت شباكنا (34) كرة.


خوارزميات التأهل

*في ظل المعطيات الرقمية لمسيرة منتخبنا في تصفيات كأس العالم فإنَّ كل الاحتمالات تبقى قائمة ومفتوحة ومن أقرب وأدق الاحتمالات المؤدية لتأهلنا إلى مونديال (2026) هي كما يأتي:

أولا: تحقيق الفوز على كوريا الجنوبية في البصرة والتعادل مع الأردن في عمان مع شرط خسارة الأخير أمام سلطنة عمان، سنتأهل ثاني المجموعة بفارق المواجهات المباشرة حتى بحال فوز سلطنة عمان على فلسطين، لأنَّ الأفضلية تكون لنا بالمواجهات المباشرة، ويصبح الموقف كالاتي:


1 - كوريا الجنوبية (19) نقطة، مع فوزها على الكويت.

2 - العراق (16) نقطة

3 - عمان (16) نقطة

4 - الأردن (14) نقطة


ثانياً: خسارتنا من كوريا الجنوبية مع فوزنا على الأردن مع شرط فوز عمان على الأردن وتعادلها أو خسارتها أمام فلسطين سنتأهل إلى المونديال بالمركز الثاني ويصبح الموقف كالآتي:


1 - كوريا الجنوبية (22) نقطة

2 - العراق (15) نقطة

3 - عمان (14) نقطة، عند تعادلها مع فلسطين والفوز على الأردن.

4 - الأردن (13) نقطة.

ثالثاً: مع تعادل عمان والأردن وفوزنا على كوريا الجنوبية وتعادلنا مع الأردن سوف نضمن بطاقة التأهل المباشر ويكون الموقف كالآتي:


1 - كوريا الجنوبية (19) نقطة.

2 - العراق (16) نقطة.

3 - الأردن (15) نقطة.

4 - عمان (14) نقطة.

 

نظام المرحلة الأخيرة من التصفيات

 * تضم هذه المرحلة ستة منتخبات، وهي المنتخبات التي تحتل المركزين الثالث والرابع في المجموعات الثلاث بالتصفيات الحالية.

 * يتم تقسيم المنتخبات على مجموعتين، تضم كل مجموعة ثلاثة منتخبات.

 * تتم استضافة كل مجموعة في دولة واحدة، إذ يتم اختيار الدولتين المستضيفتين بناءً على أعلى عدد من النقاط التي حققتها أحد المنتخبات التي تحتل المركز الثالث في هذه المرحلة.

* لضمان استضافة إحدى المجموعتين، يجب على منتخبنا الوطني حصد ثلاث نقاط إضافية على الأقل في التصفيات الحالية.

 * يخوض كل منتخب مباراتين ضمن مجموعته.

* يتأهل المتصدر من كل مجموعة مباشرة إلى نهائيات كأس العالم (2026).