تجاذبات حادة بين ممكنات الواقع وأماني اللاشعور السياسي

جواد علي كسار
سأضع اليد على بعض المواقف الفارقة من مفاوضات سلطنة عمان، وهي تكشف عن المحتوى العميق لمكوّنات اللاشعور السياسي في الثقافة السياسية الإيرانية، ودوره الفاعل في التعبير عن تحوّلات هذه السياسة ومواقفها. قبل ثلاثة أيام من بدء ما صار يُعرف بجولة المفاوضات الأولى السبت الماضي، خرج علينا الرئيس مسعود بزشكيان بتصريح ذكر فيه أن المرشد لا يُمانع الاستثمارات الأميركية الواسعة والمباشرة في إيران، وأن الحكم في طهران يعارض: «التآمر والانقلاب وسياسات (أميركا) الخاطئة، وليس استثماراتها»، ما دفع الجهات الإيرانية للدخول في رسم خرائط هذه الاستثمارات المرجوّة ووضع سقوف عالية لها، ليست فقط بعيدة المنال، بل مستحيلة، حين تحدّثت هذه الخرائط الملامسة للوهم عن رقم أولي بـ(1000) مليار دولار، تمدّد وفق أخيلة السياسيين والاقتصاديين الخصبة إلى «ألفي» مليار دولار، وزعتها صحيفة «اعتماد» بالتساوي بقيمة (1000) مليار استثمارات أميركية، و(1000) مليار استثمارات أوروبية، قبل أن يُضرب هذا الرقم باثنين، وتخرج هذه التحليلات بحصيلة متوهّمة تفرش قيمة الاستثمارات المرجوّة على (4000) مليار دولار، تبدأ من مرافق الطاقة الأساسية وبُناها المتهرئة (النفط، الغاز، الكهرباء، البنزين)، وتنتهي بالطائرات والمطارات والبُنى التحتية للصناعة والنقل والمواصلات (يُلاحظ مثلاً الحوار المطوّل مع علي باقري وهادي حق شناس، اعتماد، 12 نيسان 2025م).
أوهام اللاشعور السياسي
كانت هذه الأرقام التي قدّمتها أسماء سياسية واقتصادية معروفة في الساحة الإيرانية، تستند في الظاهر إلى مقاربات اقتصادية، من قبيل القول مثلاً إن البوصلة التي تتحكّم بإدارة ترامب هي المنافع الاقتصادية، ومن ثمّ فإن فتح أبواب إيران على مصراعيها أمام الاستثمارات الأميركية الكبيرة، هو أفضل إغراء لأميركا ترامب، وهي «بوليصة» تأمين وحماية للجمهورية الإسلامية نفسها، من عواصف غضب ترامب.
كما استدلّ البعض الآخر ممن عرض لهذه الأرقام الاستثمارية الكبيرة، بتجارب بعض دول الجوار، فقال مثلاً: “إذا كان بمقدور تركيا والسعودية أن تستثمرا (10) ترليون دولار “10 آلاف مليار دولار”، فبمستطاع إيران أن تحقق بيسر استثمارات بقيمة ترليوني دولار “ألفي مليار دولار”، (هادي حق شناس، في حوار مع صحيفة اعتماد، العدد المذكور سابقاً).
ما أذهب إليه شخصياً - مع كامل التجلة والاحترام للذوات الناطقة بهذه الآراء - أن هذه ليست تحليلات، ولا هي آراء تستند إلى الحجة والبرهان والاختصاص، قدر ما هي اغتراف من اللاشعور السياسي وما يزخر به من أماني.
ببساطة شديدة، يعود مفهوم “اللاشعور” في تحديدات علم النفس الحديث إلى سيغموند فرويد (ت: 1939م)، و”اللاشعور الجمعي” إلى غوستاف يونغ (ت: 1969م)، و”اللاشعور السياسي” إلى الأكاديمي الفرنسي ريجيس دوبريه (معاصر، ولد: 1940م) في دراسته عن العقل السياسي، بصفته مؤشراً على مجموعة الخصائص السياسية والأيديولوجية الثاوية في أعماق اللاشعور الجمعي. كما أولى الأكاديمي الإيراني المتميّز د. محمود سريع القلم اهتماماً كبيراً لمفهوم “اللاشعور السياسي” ودوره في الثقافة السياسية الإيرانية، عندما كتب: “يستتر أساس الثقافة السياسية لمجتمعٍ ما ويكمن في لا شعورها”، ليخلص على مدار دراسة مهمّة قدّمها للثقافة السياسية الإيرانية، تكرّرت طبعاتها مرّات عديدة؛ إلى القول نصاً: “إن لسلوكنا، وردود أفعالنا، وعملنا ومخرجات عملنا؛ لها جميعاً سندها النظري في اللاشعور”، (يُنظر: الثقافة السياسية الإيرانية، ط8، ص 9 ـ 10، بالفارسية).
على هذا نقرأ “فرشة” أربعة آلاف مليار دولار من الاستثمارات التي يتحدّث عنها الإيرانيون، بصفتها أماني نفسية مستقرّة في أعماق اللاشعور السياسي الإيراني، الذي يطمح إلى تغيير أوضاع البلد عبر وصله بالعالم، وإخراجه من قطيعة السياسة والاقتصاد إلى رحابة العالمية، ومن ضيق العسكرة وغلبة المعالجات الأمنية، وغلظة الأيديولوجيات وشعاراتها، إلى آفاق الحياة السوية.
حدود الواقع وإمكانياته
هل معنى ما مرّ أن أمنية الاستثمار هذه وما يقع على مثالها، هي محض أوهام؟ إذا أردنا أن نكون أقلّ قسوة؛ فيمكننا القول إن الإمكانيات والدوافع الفعلية للواقع الإيراني لا تسمح بتحقّقها عملياً، وإن محض تصنيفها في دائرة اللاشعور السياسي، هو بنفسه دليل كاف على عدم إمكان تحققها. فإذا بقينا بدائرة الاستثمارات كمثال، فإن أرقاماً كبيرة مثل هذه بحاجة إلى حوامل أو بيئات سياسية واقتصادية وأمنية بل وحتى ثقافية ونفسية، تدعمها وتحققها على أرض الواقع، وهي غير متوفرة الآن. فنفسياً هناك أزمة حكم تأريخية بين الدولة والمجتمع، استطاعت تجربة الجمهورية الإسلامية أن تردمها تدريجياً، قبل أن تتفاقم مرّةً أخرى في العقد الأخير (كإطار نظري لأزمة الحكم، يُنظر مثلاً: تضاد الحكومة والشعب.. نظرية التأريخ والسياسة في إيران، محمد علي همايون كاتوزيان، بالفارسية. كما كان الرئيس الأسبق حسن روحاني أفضل من تحدّث عن أزمات الحكم في إيران، ولخصها بالعوامل التالية: استئثار الأقلية بالحكم، تآكل الرأسمال الاجتماعي، اتساع المسافة بين الطبقة الحاكمة والشعب، انخفاض مستوى الكفاءة والفاعلية. يُنظر مثلاً لقاء له مع الصحافة، الأربعاء 17 كانون الثاني 2024م).
أما بشأن الحوامل الاقتصادية فإن ما بين إيران وبلوغ تلك المرتبة المتقدّمة من الاستثمارات الحقيقية الأميركية والأوروبية (بل وحتى الاستثمارات الصينية والعربية) بون شاسع، يتطلب تطويراً حثيثاً مزدوجاً للمؤسّسات والقرارات معاً (في نبرة نقدية صريحة نقد المرشد في حديث له عن الاستثمارات الداخلية، كثرة القيود المفروضة عليها من قوانين الداخل، إذ تحدّث عن أكثر من «1500» ضابطة يحتاج المستثمر إلى تجاوزها، لكي يستطيع الاستثمار)!.
البعض هنا يكثر الحديث عن البُنية اليسارية المعوّقة للاقتصاد الإيراني، وقوّة تحكّم الدولة بالاقتصاد وتدخلها بالتفاصيل. بصرف النظر عن مدى صواب هذا التفسير وتماميته، نكتفي بالقول إن بيئة الاقتصاد الداخلي في إيران بعيدة عن الطابع التنموي الخلّاق، مكتفين بالإحالة إلى مصدر يُعدّ الآن من الخطّ المبدئي المؤمن تماماً بالجمهورية الإسلامية، لكنه من أشدّ نقاد تجربتها في الاقتصاد، هو د. فرشاد مؤمني (يُنظر على سبيل المثال: الاقتصاد السياسي للتنمية في إيران المعاصرة، بالفارسية، كذلك حواراته ومراجعاته المطوّلة ضدّ فساد النظام المصرفي في البلد).
عندما تتحكّم يد الدولة بالاقتصاد وتهيمن على التفاصيل، لا يقلّ الإبداع وحده، بل يقود احتكار السلطة للاقتصاد إلى الفسادين معاً؛ الاقتصادي والاجتماعي، (يُنظر المحاولة التالية لأحد منظري تجربة الجمهورية الإسلامية، وأكثر النقّاد عمقاً لاحتكار الدولة للاقتصاد: الفساد.. السرطان الاجتماعي، البروفسور فرامرز رفيع بور. وقد سبق هذا الكتاب بكتابين ضخمين لنقد السياسات الاقتصادية لهاشمي رفسنجاني، إبّان رئاسته).
اختلالات الهوية
عندما تضطرب السياسة تنعكس اختلالاتها على الهوية. من هنا التأكيد المتزايد في الساحة الإيرانية على مباحث الهوية وصلتها بالسياسة، كما فعل الأكاديمي والباحث المتخصّص بالعلاقات الدولية رحمن قهرمان بور في كتابه المعروف «الهوية والسياسة الخارجية في إيران والشرق الأوسط» (بالفارسية)؛ والأكاديمي الصاعد آرش رئيسي نزاد، وقد اقترح ثنائية: «النوروز – عاشوراء» كمركّب للجمع في الهوية بين النزعة القومية الإيرانية والإسلامية الشيعية، ولاختراق ما أسماها بنظرية «الغربة الستراتيجية» التي تعاني منها إيران، بحسب رأيه تبعاً للمنظر الإيراني لهذه النظرية، القاطن في أميركا محي الدين مصباحي (يُنظر البحث التالي الذي يُعدّ غاية في الدقة والخطورة بشأن هذه النظرية: الغربة الستراتيجية التأريخية لإيران.. من لعنة الجغرافيا إلى محنة الجيوبولوتيك، فصلية الجيوبولوتيك، ربيع 2023م، ص 269 ـ 306، بالفارسية).
بيدَ أن المحاولة الأهمّ التي اطلعتُ عليها ووقعت بين يدي مؤخراً، هي كتاب أصدره أستاذ علم الاجتماع في جامعة طهران حميد رضا جلائي بور، وقد قدّم قراءة لإشكاليات الدولة والمجتمع في إيران عبر اختلالات الهوية، عندما مرّ على خمسة أطوار تلخّص علاقة الإيرانيين بهويتهم، هي باختصار شديد طور الوطنية الرومانسية (كما كان يحلم بها وينظّر لها كثيرون على رأسهم المفكر القومي الإيراني جواد طباطبائي صاحب نظرية «الإيرانية»)، وطور الوطنية الإسلامية، وطور الوطنيات القومية الموزّعة على السلالات العرقية الرئيسة للهضبة الإيرانية، وطور الماركسية الجديدة، وأخيراً طور الهوية الوطنية المدنية المنفتحة بمساواة على جميع أقوام إيران في الداخل، وعلى بقية شعوب الإنسانية وأممها في الخارج، وقد رأى أنها تحفظ إيران عبر هذه الصيغة، من تناقضات الهوية واضطراباتها في ظلّ أطاريح الإسلام السياسي الشيعي، ورؤاه في الحكم ومواقفه في السياسة، وأنها طوق نجاة البلد من ورطات الهويات الممتدّة إلى ما وراء الحدود، إبّان العقود الأربعة والنصف الماضية (يُنظر: بحوث حول إيران والوطنية المسؤولة، 2024م، 347 صفحة، بالفارسية).
التدافع الاجتماعي
اضطرابات السياسة ومآزق الاقتصاد واختلالات الهوية لا تتحرّك في الفراغ، بل هي حينما تنزل ببلد ما شرقياً كان أم غربياً، تصيب الإنسان بالصميم، وتضرب مجتمعه وتهدّ أركانه، وهكذا فعلت في المجتمع الإيراني.
المجتمع الإيراني الآن يعيش معاناة ثقيلة من أزمات السياسة والاقتصاد، والحصار والعقوبات، وإخفاقات الأمن والسياسة الخارجية، كما من تبعات الثقافة والهوية.
تقدّم الأطاريح التحليلية أنموذجات متعدّدة للأزمة الاجتماعية على مستوى الرصد والوصف، كما على مستوى التفسير، وأخيراً على صعيد تكييفات الحلول.
ربما كانت المرّة الأولى التي واجه فيها المجتمع الإيراني دراسة تحليلية نقدية جامعة ومعمّقة لأوضاعه ما بعد الثورة الإسلامية، هي تلك التي اقترنت بمحاولة أستاذ علم الاجتماع فرامرز رفيع بور، الذي يبدو أنه قد استُدعي لهذه المهمّة من ألمانيا حيث كان يقيم ويدرّس، وقد أنجز في هذا الاتجاه دراسة انتهت حصيلتها في مجلدين ضخمين (المجلد الأول: التنمية والتعويق، 599 صفحة؛ المجلد الثاني: تشريح المجتمع، 582 صفحة)، وضعها من منظور أيديولوجية الثورة الإسلامية، ومن داخل منظومتها، وقد تناول بالنقد العميق التبعات السلبية لتجربة هاشمي رفسنجاني في الاقتصاد.
بعد ذلك وفي نطاق مراجعة للمجتمع الإيراني ما بعد الحرب والحركة الإصلاحية، انطلاقاً من مفهوم الرصيد أو الذخيرة الاجتماعية، تناولت حلقة من الباحثين الاجتماعيين والدينيين ونقاد التجربة السياسية، مآلات المجتمع الإيراني وسط ما رصدوه من تآكل متواصل في هذا الرصيد، متمثلاً بشاخص تراجع الثقة الشخصية والعامة، وبداية تقهقر المشاركة الاجتماعية، وتضاؤل روح التعاون والانسجام، محذّرين للمرّة الأولى في اجتماعيات ما بعد الثورة، من مخاطر الانهيار الاجتماعي (يُنظر الملف وتفرعاته والموضوعات ذات الصلة به: مجلة آيين، عدد سنوي خاص، 2007م، 191 صفحة).
من المحاولات الأُخر التي ساهمت في نقاش المشكلة الاجتماعية في إيران، نظرية المجتمع قصير المدى غير التراكمي، التي عرض لها الباحث محمد علي همايون كاتوزيان، وقد أكّد فيها أن إيران تعاني هذا العارض منذ آماد بعيدة (يُنظر: إيران.. مجتمع قصير النفس أو الأمد، الترجمة الفارسية)؛ على حين ذهب دارسان آخران إلى الكشف عن فصول من قصة “أفول الاجتماع في إيران” انطلاقاً من تآكل الرصيد الاجتماعي (يُنظر: ماذا حدث؟ قصة أفول الاجتماع في إيران، عبد المحمد كاظمي بور ومحسن كودرزي).
وكتعبير بليغ عن الخلفيات التأريخية والاجتماعية للشخصية الإيرانية، معزز بالملاحظة والاستقراء والاستبيانات التجربية الكاشفة، قدّم أستاذ علم الاجتماع مقصود فراستخاه، دراسة علمية قيمة على هذا الصعيد، صدرت مؤخراً، بعنوان دال: “نحن الإيرانيون”.
ما بعد الإسلام السياسي
ما تخلص إليه هذه الرؤى مجتمعة، أن المجتمع الإيراني دخل في مرحلة الإسلام ما بعد السياسي، من دون أن يعني ذلك بالضرورة وضعاً سلبياً، بل هي سنّة المجتمعات في الانتقال والتحوّل، وراح هذا المجتمع يتعايش مع السلطة والحكم، ويعبّر عن نفسه بالتمردات الاجتماعية العنيفة والسلمية، وباحتجاجات الحجاب وما شابه (يُنظر: بحث في أربعة عقود من التحوّل في إيران، رحمن قهرمان بور).
هكذا يرى تيار من الباحثين الاجتماعيين أن حركة المجتمع الإيراني نحو التحوّل، تعبّر في خصائصها الاجتماعية، عن مماهاة لتحوّلات المجتمعات ما بعد الصناعية، هذا العبور الذي يعكس نفسه في عدد من التنظيرات، منها نظرية «التحوّل الهادئ» التي يتبنّاها الباحث الإيراني المقيم في أميركا آصف بيات، وقد رأى في السنوات الأخيرة أن المجتمع الإيراني راح يتطوّر في حركته من مسارات التحوّلات الهادئة، إلى الوضعية الثورية. وقريب من ذلك هو التفسير الذي قدّمه الاجتماعي الإيراني سعيد مدني، وهو يستشرف العنف في التحوّلات المرتقبة.
في مقال حديث جداً استبعد أستاذ علم الاجتماع حميد رضا جلائي بور، نظرية “المجتمع المنهار” رغم تأكيده لمسألة غياب التوازن وعدم الاستقرار. ومع أنه اعترف بعدم توافر الحلول السهلة، إلا أنه اقترح انفتاحاً سياسياً في الداخل يمتص وجوه الخلل الاجتماعي، مع تركيزه المشدّد على حلّ أزمة السياسة الخارجية، لأن استمرارها يؤدي إلى تفاقم الاعتراضات الاجتماعية، وسط تآكل مستمر في الدخل الفردي، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، ومع ذلك فقد أكد في خاتمة مقاله على صعوبة التنبؤ بحركيات الفعل الاجتماعي الجمعي (يُنظر: حركيات المجتمع الإيراني.. نظريات ورؤى، مقال بقلم حميد رضا جلائي بور، صحيفة هم ميهن، 8 نيسان 2025م).
بين نسقين
لقد اخترتُ عامداً هذا النسق من التحليل بمناسبة انتهاء الجولة الأولى من مفاوضات مسقط، مبتعداً إلى حدّ كبير عن «الشناشيل» و»الشكليات» التي أحاطت الحدث ومقدّماته، وهي تكشف عن أفول الشأن السياسي وتدنّي ممارسته، عندما يُترك المسار العميق للقضايا، ويتحرّك في دائرة شكليات من قبيل: نتفاوض أو لا نتفاوض؟ وهل تكون المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة؟ وهل تتعارض المفاوضات مع ترامب وإدارته مع المبدئية ومعايير الأيديولوجية والثورية؟ فهذه كلها مصادرات لا معنى ولا مكان لها على أرض السياسة؛ فالسياسة هي مفاوضات، والدبلوماسية هي تواصل مع الآخر عبر القنوات العلنية أو من خلال الخطّ الثاني، والمهم هو تفكيك
الأزمات أو تهدئتها في الأقلّ.
أما عن النتائج، فمنهج المقال يرفض أحكاما متسرّعة موغلة بالسطحية، من قبيل ما ذكرته “كيهان” من أن النتيجة هي لصالح إيران سلفاً، بواقع: واحد إلى صفر! وأجد نفسي أميل إلى افتتاحية صحيفة “جمهوري إسلامي” صبيحة يوم السبت الماضي، وهي تهاجم المتطرفين الرافضين للحلول الواقعية، وهي تقدّر عددهم بأنهم محض أقلية لا يزيد حجمها على 3 ـ 4 %، لكنها أقلية تُحسن إثارة الضجيج، وتمارس الصوت العالي، والبلدان لا تُدار بالصخب، وما أكثر الكوارث التي حلت على بلداننا ولم تزل وسط الخطابات البليغة، ونبرات الصوت العالي!.