علي الهماشي
من عاش سقوط الموصل في 2014 كنا على شفا حفرة الانهيار الهزيمة مخيمة على وجوه الكثيرين بدت بغداد خالية وظهرت بعض أغاني الحماسة في محاولة لاعادة الثقة للنفوس وبث بعض الروح، الا انها كانت شبيهة بأغاني النصر التي كانت تبث أيام الحرب العراقية الايرانية فقد كانت لاتسمن ولاتغني من جوع بل تزيد الوضع اكتئابا وقلقا!
ضربة مثل هذه صورها العالم بأنها قاتلة ورسم الاعلام نهاية العراق وبدأ التفكير باستيعاب داعش وهذا تسرب الى المخاطبات الرسمية في اجهزة الدولة العراقية الذي عبر عن عصابات داعش بالكيان !!!!
ومازاد الطين بلة ان وضع تشكيل الحكومة يدخل مأزقا آخر ويزيد من تدهور الوضع
وكانت المعالجة الاولى من قبل المرجعية في فتوى الجهاد الكفائي، ثم رسالة التكليف وانهاء الجدل، حينما اجابت على استفتاء حزب الدعوة لها فكان ان قررت ان يختار الحزب رجلا اخر من الحزب نفسه لتولي المسؤولية وتصدى لذلك الدكتور حيدر العبادي الذي امتلك رؤية وستراتيجية لاعادة الثقة وبناء الدولة..
وكان الرجل قد شخص الخلل في انهيار الجيش انذاك وقال إن الهزيمة كانت نفسية وانعدام التدريب!
ناهيك عن الفساد المستشري الذي لم يجد رقيبا ومحاسبا له!
كانت علاجاته وممارساته تأتي أكلها دون ضجة وضجيج ..
حتى مع قادة الجيش الذين لم يألفوا من رجل مدني يستطيع قراءة الخريطة العسكرية ويشخص حركة القطعات العسكرية وحاول بعضهم التهكم او التململ وتبين في ما بعد أن هؤلاء لايفقهون شيئا في علم
الخرائط!
وازن العبادي بين حماسة الحشد الشعبي وتنظيم القوات المسلحة الاخرى وخرج بتوليفة استطاعت ان تحقق النصر المعجزة
ووازان بين حليفين عدوين واقصد بهما ايران والولايات المتحدة.
وتم التحرير في وقت قياسي لقد اصر على التحرير ولكن هذا لم يكن سهلا وكانت لبعض الدول الاقليمية حساباتها وللولايات المتحدة حساباتها ايضا وقد تعرض لضغط هائل بعضه حدث في مناطق القتال وبعضه ترجم لحوادث امنية وحتى محاولات اغتيال الا ان الامور سارت بهدوء ولم يكن الرجل آبها لتوظيف ذلك او عرض مظلوميته او التباكي لكسب عطف الجمهور الذي يعيش الانفعال والعاطفة في أغلب
اوقاته!!!
كان الهدف المرسوم هو التحرير وانتصر العراق وتحررت الموصل في معركة تجسدت فيها اخلاق الفرسان وكأنها معركة من معارك الاسلام الذي يجنب الاطفال والنساء القتل حتى وان كانوا من الدواعش وهو ما حصل في الأيام الأخيرة من معركة التحرير التي نالت اعجاب العالم اجمع مما حدا بالأمم المتحدة بتكليف أساتذة مختصين لكتابة قصة التحرير قصة نجاح العراق فاصبح مثلا لذلك بعد ان كان مثالا حيا
للفشل !
وتحررت الموصل ولكن الغريب والعجيب ألا تجد لهذه الذكرى صدى في اعلامنا ولا شارعنا ان الامم تحاول ان تصنع لها مجدا معاصرا حتى من خلال الاحداث الرياضية
ونحن صنعنا مجدا بدم ابنائنا الذين رووا أرض العراق وطهروها من دنس
التكفير دماء نالت الشهادة بفتوى المرجعية الواعية الرشيدة التي بثت الروح وجعلت من حالة اليأس حالة الحماسة ولتكن قتلا في سبيل الله وستظل هذه المفارقة محيرة للعلماء كيف يمكن ان تتحو لأمة من اليأس والقنوط والخوف الى أمل وشجاعة وتفان من أجل الغير!
تحررت الموصل وعادت الى حضن العراق ولكني ارى تغافلا وتناسيا لهذا النصر العظيم انه تشويه للحقيقة ومحاولة لمحو وحرف ذاكرة الشعب ولكن ماحققه ابطال التحرير لن ينسى وان لم نحتفل بالذكرى اليوم فهذا قصور وتقصير ل
امبرر له!