مخاوف من تطبيق قانون الضمان الصحي
ريبورتاج
2019/07/15
+A
-A
بغداد/ بشير خزعل
تصوير/ نهاد العزاوي
مازالت اغلب المؤسسات الصحية بحاجة الى اعادة النظر في مستوى الخدمات التي تقدمها للمواطن، فالكثير من المواطنين يشكون من ضعف وسوء العناية الطبية في مستشفيات القطاع العام والخاص، وحتى بعض المستشفيات الاهلية اصبحت مؤسسات متلكئة وهمها الاول هو جني الارباح مقابل خدمات متواضعة لا تتناسب مع الاجور التي تتقاضاها عن اجراء العمليات او تقديم العلاج.
الامر الذي جعل فئات وشرائح مجتمعية كثيرة تفضل العلاج في دول الجوار او دول اخرى، اما لعدم توفر الاجهزة الطبية الحديثة او قلة الجراحين ذوي الاختصاص، او البحث عن بيئة خالية من التلوث، في قانون الضمان الصحي الذي ينوي البرلمان مناقشته ابدى مواطنون وبعض المختصين تخوفهم من سيطرة القطاع الخاص وشركات التأمين على الواقع الصحي في البلاد .
قانون
قانون الضمان الصحي لايمكن ان يكتب له النجاح مالم تتوفر بنى تحتية صحية تسهم في تطبيق فقراته وتسهل مهمة القائمين على تطبيقه بالشكل الصحيح، لتستطيع المؤسسات الصحية في القطاعين العام والخاص تقديم خدماتها بشكل جيد وفق القانون الجديد .
في بغداد تنتشر عشرات المستشفيات الاهلية المتخصصة بامراض مختلفة، بالاضافة الى المستشفيات الحكومية المعروفة، وبالرغم من وجود هذه المستشفيات، الا ان مواطنين كثيرين يشكون من تدني مستوى الخدمات الصحية ومن اضطرارهم للسفر من اجل العلاج تلافيا للانتظار لشهر اوشهرين بسبب قلة صالات العمليات او عدم توفر الجراحين المختصين لبعض العمليات الكبرى او لنقص في الاجهزة والمعدات الطبية .
يقول حيدر عبد الصاحب ( موظف حكومي) كمواطن يجب ان احصل على رعاية صحية متكاملة، ولكن هل المستشفيات الحكومية في القطاع الخاص تستطيع ان تقدم خدماتها لجميع الحالات ام لبعضها فقط، وفي هذه الحال ماهو الحل ان لم يكن العلاج ممكنا او متوفرا في هذه المستشفيات، هل سيتكفل القانون بارسال المريض الى الخارج، واضاف : اذا كان القانون يعتمد على الضريبة التي يتقاضاها من المواطن، فيجب ان تكون هناك مستشفيات مؤهلة ومتكاملة من الناحية الفنية والعلمية .
مراحل
من ضمن فقرات القانون ان يكون هناك ( صندوق الضمان الصحي ) و( بطاقة الضمان الصحي ) فالقانون يستند بالاساس على مساهمة المواطن بدفع مبلغ مالي سنوي او شهري، اي ان تقديم الخدمة يستند الى وجود صندوق مالي من اموال المشتركين، ويوضح الطبيب الاخصائي في الامراض الباطنية خليل اسماعيل هذا الأمر بقوله:" تقوم فكرة التأمين الصحي على أساس جمع الاموال اللازمة لعلاج الامراض التي تصيب الانسان وتقسيمها بين الافراد بشكل متساوٍ حسب حاجتهم للعلاج ما يؤدي الى تخفيف الاعباء والتكاليف عندما يقل العلاج للحالات المرضية المؤمن عليها، الامر الذي يضمن وصول الرعاية الصحية لجميع محتاجيها مقابل مبلغ يسير من المال وثابت يدفعه جميع الأفراد المشتركين بالتأمين، واضاف خليل : لكن المشروع لن يطبق خلال سنة او سنتين، فهو بحاجة الى مراحل قد تمتد الى 5او 10 سنوات لتطبيقه بشكل فعلي على ارض الواقع، ولاسباب فنية وادارية ومالية، اهمها تأهيل المستشفيات والعيادات الطبية في القطاع العام والخاص لتتمكن من استيعاب مختلف الحالات المرضية التي يغطيها القانون ضمن الحالات التي يتم علاجها في المؤسسات الصحية.
تغطية تكاليف
الخبير القانوني رائد الشمري اشار الى ان قانون الضمان الصحي يسعى لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين الافراد، عن طريق مشاركة المواطن في كلفة الخدمات الصحية والتعاون بين الافراد لتحمل ما يعجز عن تحمله احدهم بمفـــرده نتيجة فقر البعض او عدم قدرتهم على دفع تكاليف العلاج، وبذلك فإن الاشخاص الاصحاء الذين لا يعانون من المرض يغطون تكاليف علاج الاشخاص المرضى، واضاف الشمري : من جهة اخرى فإن قانون الضمان الصحي يهدف الى التخفيف عن كاهل الدولة عن طريق توفير اكثر من مصدر لتمويل القطاع الصحي وتطويره وفك ارتباطه بالتمويل عن طريق الايرادات النفطية التي لم تعد كافية لتغطية جميع قطاعات الدولة، وذلك بإدخال مصادر جديدة لتمويل القطاع الصحي مثل المواطن نفسه وهو المستفيد الاول من هذه الخدمات، بالاضافة الى المؤسسات وشركات القطاع الخاص التي تدفع جزءاً من تكاليف التأمين الصحي لموظفيها والمنظمات الدولية او من خلال الهبات والمنح التي قد تكون من الافراد او المؤسسات او الدول، مع الاخذ بالاعتبار الفوائد المترتبة عن تنشيط القطاع الخاص متمثلا بشركات التأمين المعتمدة في دعم وتنشيط القطاع الصحي .
تجربة
الرافضون لهذا القانون يرون ان تخلف الواقع الصحي والاجتماعي في العديد من المحافظات والمدن العراقية بحاجة الى اعادة تأهيل، اذ يقول الخبير الاقتصادي عبد المنعم الجميلي :
ان اضافة مبلغ مالي على المواطن والغاء مجانية الرعاية الصحية او ما تبقى منها قد يكون من المبكر العمل به في هذا الوقت، اذا اخذنا بالاعتبار غياب الشفافية وتفشي الفساد المالي والاداري في الدوائر الحكومية، مع تراجع مستويات الخدمة العامة ما قد يدفع بالقطاع الخاص وشركات التأمين الى السيطرة على القطاع الصحي عن طريق التعاقد مع الحكومة لتحقيق اكبر قدر من الارباح والتحكم بالمواطن ما يجعله عرضة للابتزاز من قبل هذه المؤسسات، مع افتقار المؤسسات العراقية لوسائل احصائية دقيقة وشفافة مايجعل من الصعوبة تشخيص الفئات السكانية ذات الدخل المنخفض والتي تقع على عاتق الدولة مساعدتهم في دفع التزاماتهم المالية لتغطية الخدمات الصحية الاساسية، واوضح الجميلي :" لنجاح تطبيق هذا القانون لابد من تنفيذه على ارض الواقع تدريجياً في احدى المحافظات ذات التعداد السكاني الاقل كتجربة لمعرفة صعوبات ومعوقات التطبيق، ومدى فاعليته وملاءمته للواقع الاجتماعي والاقتصادي، ومن ثم ايجاد الحلول المناسبة لهذه المعوقات، مع دراسة التجارب العالمية في هذا المجال كنظامي التأمين البريطاني والاميركي والنظر الى تجربة دول اوروبية اخرى والمقارنة بين الانسب من الناحية القانونية والادارية والمالية بالنسبة للمجتمع العراقي" .
الصحة
المسؤول في قسم الاعلام والتوعية الصحية بالوزارة محمد غافل قال : ان لدى الوزارة عددا من المؤشرات التي تخص النظام الصحي في البلاد وضمن تقييم شامل اجرته على جميع القطاعات الصحية والطبية. واهم هذه المؤشرات، زيادة نسب وفيات الامهات والاطفال، كما ان نسب التحصين لم تتجاوز الـ 70 بالمئة، الى جانب تدهور البنى التحتية، اضافة الى عدم وجود عمليات صيانة وإدامة ضمن المؤسسات الصحية والطبية.
وبين غافل ان نسب معدلات الانفاق الصحي السنوي للفرد الواحد بحسب اخر الاحصائيات منذ اربعة اعوام، هي 154 دولاراً، وهي نسبة متدنية بالقياس الى دول الجوار، مشيراً الى مساعي الوزارة لاتخاذ اجراءات لزيادة معدلات الانفاق، لاسيما ان منظمة الصحة العالمية تشير الى ان نسبة الانفاق الصحي للفرد يجب ألا تتجاوز 30 بالمئة من دخله، واضاف : ان نسبة الانفاق للمواطن العراقي تزيد على 70 بالمئة، والوزارة تسعى لتوفير حزمة خدمات صحية وقائية وعلاجية وتأهيلية، اهمها قانون الضمان الصحي الموجود حالياً لدى البرلمان، اذ تم الاتفاق على اعادة مسودة القانون لوزارة الصحة لاجراء تعديلات من خلال الاستعانة بخبراء دوليين بغية انجاز القانون قبل نهاية العام الحالي، وبما يجعله مناسباً لمستوى دخل الفرد.
وافاد المسؤول في قسم الاعلام والتوعية الصحية بان الوزارة بذلت جهوداً للاستخدام الامثل للموازنة عقب زيادة مخصصات الوزارة فيها بنسبة 50 بالمئة مقارنة بنظيرتها للعام الماضي، بينما تنسق مبكراً للحصول على مجمل احتياجات القطاع بموازنة العام المقبل لتحقيق تحسن بالواقع الصحي، لاسيما ان لجنة الصحة والبيئة البرلمانية مطلعة على الاوضاع واعدت تحليلا ًشاملاً للوضع الصحي لايجاد الحلول اللازمة.
واوضح ان الوزارة ادرجت ضمن خططها رفع مستوى العلاقة بين الملاك الطبي والمواطن لحماية الاثنين على حد سواء من خلال رفع مستوى البنى التحتية، وهو ما سيلاحظه المواطن قريباً، لاسيما بعد افتتاح مستشفيات الـ 100 سرير التركية والالمانية وعددها خمسة موزعة بين بغداد والمحافظات .
لجنة الصحة
لجنة الصحة النيابية اعلنت ان مشروع قانون الضمان الصحي الذي قُرئ القراءة الاولى في البرلمان لا يلبي الغرض منه، مبينة انها ستجري تعديلات كثيرة عليه تشمل بعض مواده. وبينت اللجنة ان القانون سيكون مدعوما، ولا يثقل كاهل المواطن لضمان تحسين الواقع الصحي في البلد، و ان اللجنة مستمرة في عملها على مقترح مشروع القانون، وسيتم اجراء تغييرات عديدة عليه، كما ستكون هناك لقاءات بشرائح مختلفة من المجتمع والمختصين بالنظام الصحي ومؤسسات الدولة الاخرى، كوزارتي الصحة و التخطيط والنقابات المعنية، كنقابة الاطباء و الصيادلة وطب الاسنان و المهن الصحية والتمريضيين، بالاضافة الى لقاءات بالمواطنين لمعرفة مدى خدمة هذا القانون لهم .