التحلي بالصبر

اسرة ومجتمع 2019/07/20
...

ميادة سفر
نواجه في حياتنا اليومية الكثير من المشكلات والصعوبات، التي تفقدنا الراحة والهدوء والتمتع بالحياة، وتتحول حياتنا إلى توتر وقلق، لكنّ الاستعجال لا يفيد دائماً. ومن الجيد تعلم الصبر الذي يكون في كثير من الأحيان مصدر قوة، تساعدنا في تجاوز الصعاب، شريطة ألا يزيد عن حد معين، وإلا تحول إلى ضعف واستسلام
 للواقع.
إن الصبر الذي نلوذ به ليس فطرياً، فالطفل غالباً ما يكون لجوجاً يريد الحصول على ما يريد فوراً ودونما انتظار
، وأن تكون كل طلباته مستجابة في الحال، وعلى الوالدين أن يكونا من الوعي والانتباه، لتعليمه أهمية أن ينتظر ليحصل على ما يريد
، لأن الإنسان الذي يترك على هواه، لن يتمكن من ضبط نفسه ورغباته
، فهنا تبرز أهمية التربية وتعلم أن الحصول على ما نريد يحتاج الى انتظار 
وصبر.
لكننا اليوم ونحن نعيش في عالم متسارع ومستعجل، يغدو الحديث عن الصبر ترفاً، حتى بتنا نرفض الانتظار حتى في السوبر ماركت أو موقف الباص، فكيف حالنا في أحلامنا الكبيرة التي نريد إنجازها 
فوراً. ففقدنا التمتع بنتيجة الجهود التي بذلناها، والقيمة التي كنا سنحصل عليها لو أخذنا الوقت الكافي في عملنا، أو تريثنا قليلاً في اتخاذ قرار مصيري سيغير مجرى حياتنا، كسفر أو دراسة أو حتى زواج، فأفقدنا تسرعنا كثيراً من جمال الأشياء، وفي أحيان أوصلنا إلى نتيجة مخيبة 
للآمال.
من جانب آخر للصبر حدود ، فلا يمكننا دائماً التحلي به وإلا تحول إلى ضعف مسَّ شخصيتنا وحياتنا، حين ينقلب إلى خوف وتردد من الإقدام على عمل
، فكثير من المواقف لا ينفع معها النفس الطويل، فإما أن تستغل الفرصة التي سنحت أمامك وإلا ستخسرها للأبد
، كذلك الصبر على الظلم والقهر الاجتماعي، يحول حياة الإنسان إلى تعاسة ويمنعه من التطور وتحسين 
حياته.
إن في داخل كل منا طفلا لجوجا يريد لطلباته أن تلبى وأن يأمر “كن فتكون”، لكنَّ التربية والحياة علمتنا أن نخبئه في داخلنا، فقليل من الصبر لا ضير منه وإلا تحولت الحياة إلى جو لا يطاق
، فلا يجب أن نغضب ونفقد أعصابنا على أتفه الأمور، ولا نتسرع في الحكم على شخص قبل معرفته بشكل جيد، لكن يجب أن يقترن الصبر بالعمل وبالأمل بمستقبل جميل وتحقيق امنيات نرجوها، وإلا تحول إلى الاستسلام والسلبية
، فلا “نعقلها ونتوكل”، بل نعمل ونجتهد لنتمكن من صنع المعجزات بتأنٍ وهدوء، وهذا هو الفرق بين الإنسان الصبور المكافح
، وذاك غير الصبور الذي يضيع وقته في التأفف والتذمر والغضب، ليكتشف أن الوقت مضى دونما نتائج أو 
فائدة.