{الاتيكيت والبروتوكول}... فنون اختبار السلوك

اسرة ومجتمع 2019/07/23
...

بغداد/ شذى الجنابي
قد يمزجُ البعضُ بين مفهوم المراسم (البروتوكول) وفن المعاملة (الإتيكيت)، ولكنْ لكلٍ منهما قواعد خاصة به، يؤكد الخبراء أنَّ كلَّ من يعمل في مجال المراسم يجب أنْ يكون ملماً بقواعده المتعلقة بآداب السلوك وتنفيذ التفاصيل وكيفيَّة الالتزام بها في مختلف المناسبات من آداب الحديث، والجلوس، والطريق، والعلاقات الاجتماعية المختلفة، أما (البروتوكول) فهو أمرٌ يتعلقُ بالإجراءات والتنظيم الذي يقتضي الالتزام باللباس الرسمي في مناسبة ما. التقت صفحة (الأسرة والمجتمع) عدداً من الخبراء والإعلاميين للاطلاع على مدى استفادتهم من تلك الفنون خلال مشاركتهم بالدورات ومعرفتهم بمفاهيمها وأساسياتها.
تنمية المهارات
يقول المحاضر المستشار الدكتور نبيل عبد السوداني (رئيس المركز الدبلوماسي للدراسات والتنمية): إنَّ “الهدف من معرفة (الإتيكيت والبروتوكول الدولي) هو لإكساب المجتمع المعرفة الكاملة للعلاقة بين قواعدها وخاصة المرأة من أجل تنمية مهاراتها وتطبيقها ‏في حياتها الاجتماعية وتعاملاتها اليوميَّة وخصوصاً في ‏العمل الوظيفي، إذ تعدُّ المرأة المتألقة اجتماعياً مركز أنظار محيطها ويجب عليها معرفتها، ونراها دائماً تثير انتباه من حولها ما ينعكس إيجاباً على نجاحها في حياتها العملية والشخصية، من حيث مظهرها الخارجي وانسجامه مع طبيعة المناسبة، والانتباه ايضاً الى نوع العطر الذي تستخدمه. وهناك ملاحظة مهمة وهي ضرورة تجنب المرأة دخولها في نقاشات لا تعنيها أو مشاركتها في موضوعات ليست لديها معرفة وافية بشأنها خلال اختلاطها بالآخرين، فضلاً عن الابتعاد بالحديث عن شخصيتها وصفاتها المتميزة حتى لا يكون مملاً للآخرين، وضبط النفس عندما يثار أمرٌ ما قد يزعجها وبإمكانها الاستئذان والانتقال إلى مكان آخر”.
كما وصف كيفية التفاعل والتواصل بشكل فعال مع شخصيات مختلفة من المجتمع، وتطبيق آداب الاتصالات المناسبة، والوعي للاختلافات في بروتوكول واتيكيت السلوك في مختلف الثقافات والأمم والمناطق المختلفة.
 
مخرجات ناجحة
فيما أشارت رئيسة شبكة الصحفيات العراقيات بان القبطان؛ الى حرص الشبكة على تفعيل الدور النسوي في جميع محافظاتنا وسيتم إدخال الكوادر الصحفيَّة في دورات تطويريَّة خصوصاً التي تخدم شريحة الإعلاميات وزيادة خبراتهن في فنون الاتيكيت والبروتوكول الدولي، مبينة أنَّ “النقابة تسعى دائماً الى الارتقاء بالعمل الصحفي، وتكثيف الممارسات والأنشطة التثقيفيَّة للصحفيين التي تعزز من المخرجات الناجحة بالدور الإعلامي”.
 
قواعد اللياقة
بينما أكد رئيس شبكة الصحفيين العراقيين محمد سلام، على تكثيف الدورات للإعلاميين لمعرفة الأساليب والسلوكيات المهمة، منها التحية والتعامل مع الآخرين، وخصوصاً السلوكيات الواردة في تقديم البرامج واللقاءات الصحفيَّة، وقواعد اللياقة التي تتعلق بالمعاملات والاتصالات الدوليَّة، وتنظيم قواعد المجاملة والأسبقية في المناسبات والحفلات والمآدب الرسميَّة والاجتماعيَّة”.
بدورها بينت الإعلامية بثينة الناهي السوداني: “تعرفنا على العديد من المعلومات التي نستطيع تسخيرها في عملنا، لا سيما علوم العلاقات العامة والبروتوكول والإتيكيت، وأعتقد من المفيد جداً الاستمرار والتطوير بهذه المشاركات الإعلامية والدورات لما فيها من فائدة لكلا الجنسين”.
وعن انطباعها أكدت أنها “تجربة جميلة ومشاركة مفيدة جداً وفعالة تركت انطباعاً ومهارات رائعة لا يمكن أنْ أنساها، وشجعتني على عمل الكثير من الأشياء، كما أعطتني دافعاً قوياً للأمام تعرفت من خلالها على ثقافات وخبرات مختلفة حاولت استغلالها قدر استطاعتي”.
 
ردود أفعال
أما المشرفة على شبكة الصحفيات العراقيات سناء النقاش، فسلطت الضوء على الأتيكيت الذي يلقي بظلاله على تفصيلات دقيقة في شخصية ممارسيه وأسلوب حياتهم، وأهميته ودوره في الحياة العامة، وترى أنَّ أغلب المجتمعات العربية تفهم تعبير الإتيكيت بشكل خاطئ بوصفه سلوكيات وأنظمة وقواعد من الصعوبة تطبيقها. لكنْ في الحقيقة هو العفويَّة في التصرفات ومراعاة مشاعر الآخرين الذين نتعامل معهم، ويختلف التعامل بهذه الفنون وفق التقاليد، والبقعة الجغرافية، والاختلاف في كل منطقة.
وتعتقد النقاش بأنَّ “كل فرد يجب أنْ يكون الميزان في تقييم تصرفاته، ومراعاة مشاعر الآخرين والتصرف بطريقة عفوية وعدم العجلة في إطلاق الأحكام، وأنْ يكون الشخص سيد الموقف، وردود فعله إيجابية، ما يجعل الطرف الآخر يعتذر حتى لو كان على صواب وبالتالي يتحول هذا السلوك إلى عادة متأصلة في ذات الإنسان”.
 
مواقف اجتماعيَّة
من جهتها قالت الحقوقيَّة والإعلاميَّة جيهان الطائي (رئيسة مجلس أرض بابل الثقافي): “لم يعد الإلمام بقواعد وآداب التعامل مع الآخرين والتصرف في المواقف الاجتماعية المختلفة حكراً على الدبلوماسيين، وإنما أصبح مطلباً لفئات كثيرة يجدون أنَّ هذه القواعد تجعل التعامل مع الآخرين أسهل، والهدف من مشاركتنا في الدورات هو نشر ثقافة المراسم والبروتوكول والسلوك الراقي بين الإعلاميين الذي يشاركون في المؤتمرات والاستقبالات المختلفة لممارستها ضمن متطلبات الاتصالات الدولية”.
 
أسلوبٌ راقٍ
كما يبرر مناف الموسوي (إعلامي) التحاقه بدورة الاتيكيت بأنه حاجة اجتماعيَّة في جميع مجالات الحياة حتى في أبسط التصرفات، وأنا أتصرف باتيكيت في كل الأمور بحكم وظيفتي الذي يحتمُ عليَّ التعامل مع الأشخاص بأسلوبٍ راقٍ، ولا بدَّ أنْ نعطي اهتماماً كبيراً في موقع العمل والتأكيد على فن المجاملة في علاقة المسؤول بموظفيه من ناحية، وبين علاقات العاملين بعضهم بالبعض الآخر. مشيراً الى أننا استطعنا أنْ نجعل الحس البروتوكولي ينمو ويصبح جزءاً من عاداتنا وسلوكنا، واكتسبنا المهارات اللازمة في المجال الاجتماعي والعملي، فضلاً عن انتشاره الذي أصبح مفيداً للمجتمع إذا أحسن استخدامه.
 
عولمة الثقافة
رقية الجبوي (من المشاركين في برامج تحسين آداب العمل) تقول: “الشيء الأهم الذي تعلمته هو السيطرة على نفسي والتحكم بكلماتي ومشاعري خلال الاجتماعات، وفي علاقتي مع زملائي والمسؤولين، وهذا ما حقق لي تقدماً مهنياً ممتازاً”.
معبرة بابتسامة: “ليس عيباً حين نجهل هذا المجال ولكنَّ العيب حين نملك معلومات كثيرة عنه ولا نطبقها في حياتنا اليوميَّة، فلو طبقنا ذلك في تصرفاتنا بالتأكيد ستحدد شخصيتنا وترسم لنا صورة محددة يرانا الناس فيها”.
مشيرة الى أنَّ “ثقافة الاتيكيت التي نحن بحاجة إليها، والبعض الاخر من الأفراد يفتقدها، يعتقدون أنها مجرد مظاهر براقة تقتصر على ارتداء أفضل الماركات العالمية وامتلاك أحدث السيارات لكنها على العكس فهي مهمة في حياتنا”، وتضيف يشهد عصرنا عولمة كثيرة في مجالات عديدة وتعرف بـ”بعولمة الثقافة” وعلينا أنْ نتكيف معها ونفهم قيمها وعدم التخلي عن ثقافتنا، وقد عُرِفَ العربُ باللباقة واللياقة وحسن الضيافة التي يتحلون بها وهذه الصفات نابعة من ثقافتهم العربية؛ أي من العادات والتقاليد، حتى أنَّ الاتيكيت يستقي مبادئه وأسسه من هذه الثقافة والقيم والأخلاقيات المجتمعيَّة التي تكمن في دواخلنا”.