ضجت الأوساط الاجتماعية ، لاسيما اصحاب الدخل المحدود ، بأخبار سارة جدا ، بدت لوهلتها الأولى كأنها نوع من اسعاف حالة الناس وانتشالهم من آفة العوز ، وتحقيق بعض طموحاتهم ؛ حيث أعلنت بعض المصارف عن قروض كبيرة ، تمكن المواطن من تحسين وضعه المالي والاجتماعي .
بدأت اخبار القروض من الشركات المالية الأهلية ، وأخذت الصفحات الممولة في عالم التواصل الاجتماعي ، تضخ اعلاناتها عن استعدادها لمنح العسكريين والمتقاعدين وذوي الشهداء والرفحاويين وموظفي تربية الكرخ الثانية!! ؛ ولا يعرف أحد لحد الآن ما معنى شمول موظفي تربية الكرخ الثانية من دون غيرها بهذه القروض ؛ لكننا لن نتعب انفسنا بالتفكير ، فالشركات أهلية ، ولها الحق في ان تمنح من تمنحه وتمتنع عن غيره .
كل القروض التي ملأت اعلاناتها صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام تنص على ان القرض تمنح فورا ومن دون كفيل ، لحملة بطاقتي (كي كارد) و (ماستر كارد) ، ولا بأس أن امارس الاعلان أنا واقول حتى لموظفي (تربية الكرخ الثانية) !.
بعدها ، بقيت عيون المواطن البسيط تراقب المؤسسة الحكومية ، لعلها تبادر باطلاق قروض لجميع الموظفين ؛ لا سيما ان الاعلانات تملأ الشوارع عن استعداد مصرف الرافدين لمنح قروض كبيرة من دون تعقيد لحملة البطاقات الالكترونية ؛ وكلنا نشاهد في الشوارع صورا كبيرة لبطاقة الكي كارد، معها عبارة قروض بالملايين ؛ ولم يطل انتظار المواطنين حتى جاءت الاخبار المفرحة حيث استعداد المصارف الحكومية لمنح القروض ومنافسة الشركات الأهلية وتوفير العناء والتعب عن المواطن الذي يرغب في التقرض من دولته ، لكي ينتفع الطرفان ، حيث يحل المواطن أزمته ، وتعزز الدولة من رصيدها المالي ، وترصده الى مشاريع مازالت مؤجلة ، بسبب ما مرت به البلاد من حروب وتدمير .
ولكن ، سرعان ما القت الخيبة بظلالها على النفوس ، وهيمن اليأس على التفكير ، وأخذ الاحباط الحيز الأكبر ليصطدم المواطن بأن هذه القروض هي اقرب الى عقوبة قطع الراتب منها الى منفعة الناس ؛ ذلك لأن الفوائد تبلغ نصف قيمة القرض تماما ، وتزداد بالتراتب ، وان التسديد يشل الراتب ويصيبه بالتصحر ؛ فقد يضطر المواطن المقترض الى الذهاب في نهاية الشهر للتوقيع على الراتب من دون استلامه ، وقد ينفق اجور النقل الى مكتب استلام الراتب من المبلغ المقترض ، لأن الراتب لم يعد يكفي سوى للتوقيع فقط !.
وعلى ذكر مكاتب الاستلام عبر البطاقة الإلكترونية ، لنا أن نتساءل عن علاقة المول بالمصرف الذي يصرف الراتب ، فبعض الرواتب تأتي رسائل الاستلام من شركات تابعة للمولات ، يبدو أنها متعاقدة مع المصرف الحكومي ؛ والغريب أن المبلغ الذي تحمله رسالة الشركة ليس نفسه الذي يستلمه الموظف من مكتب البطاقة الإلكترونية ، حيث يظهر المبلغ أقل مما هو عليه في الرسالة القادمة من الجهة الصارفة ، هذا فضلا عن عمولة صاحب المكتب .
ترى ماجدوى المواطن من هذه القروض ؟ اذا كانت الفوائد بهذا الحجم ، واين يد العون التي امتدت للمواطن ؟ وهل للمواطن أن يتساءل عن هذه القروض ، واذا ما كانت قروضا فعلا ام قطع رواتب؟