مشعوذون يختبئون خلف عباءة الطب البديل

اسرة ومجتمع 2019/08/17
...

الكوت/ محمد ناصر
المشعوذون السحرة المشايخ المعالجون الروحانيون.. مسميات كثيرة دلالاتها واحدة..
قضيَّة جدليَّة يمتزجُ بها الدين بالطب النفسي والنسيج المجتمعي، فضلاً عن ثقافة الفرد وإيمانه المطلق بقضاء الله وقدره.
وكثرت في الآونة الأخيرة قضية لجوء النساء والرجال الى “الكشاف، الكشافة” لحل مسألة معينة كالزواج والطلاق والكثير من المشكلات الأسريَّة التي يفشل صاحبها في إيجاد الحلول فيحمل مشكلته الى شخص آخر “دجال” يضعه بمشكلة أكبر منها سواء صحية أو ماديَّة.
قنوات تلفزيونية تبث على مدار 24 ساعة أعمال الشعوذة والسحر. ووسائل التواصل الاجتماعي تزخر بهؤلاء الذين أمنوا العقاب وساعدتهم بعض شرائح المجتمع على الانتشار.
 
قناعة بعد فشل
في مدينة الكوت تتواجد مثل هكذا ظواهر ويتعزز وجودها في المناطق الفقيرة، وتتحدث أم علي (ربة بيت من منطقة الفلاحية تولد 1972) قائلة: إنها “عانت كثيراً في حياتها فلجأت الى أكثر من (سحار) لإخراجها من الضيق النفسي والتعب الذي تعاني منه”.
وأكملت “جربت بحدود 10 من هؤلاء ولم أصل الى قناعة، هذا الفشل دفعني الى اعتقاد أنه لا يوجد صدقٌ، والكل يبحث عن المادة.. أو أشياء أخرى يصعب علي قولها”.
سألناها ما هي الأشياء فترددت.. وقالت باستحياء: “إنهم يطلبون منا الكشف عن أجسادنا بحجة إخراج العمل أو التلبس بالجان، ومنهم من يريد تصويرنا تحت ذريعة أنه (يعزم) على الصورة أي يقرأ عليها في ساعات معينة”.
وتقرُّ أم علي بأنها دفعت أكثر من 3 ملايين دينار متفرقة لهؤلاء، لكنها تحدثت مع رجل دين ونصحها بقراءة القرآن والإكثار من الاستغفار ومراجعة طبيب نفسي. وتختمُ حديثها بالقول: “أنا أفضل الآن ولن أعود الى أيام
الجهل”.
اللعب على العامل النفسي
وفي سوق الكوت الكبير.. ذهبنا الى أحد العطارين يضع التوابل واجهة لمحله لكنه يعمل في مجال السحر، سألناه: “من هم زبائنك”، قال: “كل من لديهم مشاكل حياتيَّة يصعب عليهم حلها”. طرحنا عليه سؤالاً آخر “وهل لديك القدرة على معالجتهم”، أجاب: “لا، لكنهم يعتقدون ذلك.. أنا أصنع لهم حرزاً من آيات قرآنية أو طلاسم ورموز وأعطيهم بعض الأعشاب التي تساعد على الاسترخاء والبخور الطيب فيشعرون بتحسن”.
استفسرنا منه عن أنواع السحر والأجور قال: “هناك أنواع كثيرة للسحر منها المدفون والمرشوش والمسقي والعادي والطيار والسفلي والغواص الذي يرمى في النهر”.
أما الأجور فهي على قدر المشكلة.. إنْ حلت كسبنا المال وإنْ لم تحل استرجعنا نصفه أو أكثر.. لكنْ بالمجمل من 50 ألفاً الى 250 ألفاً وحسب إمكانية الزبون”.
 
حرام شرعاً
رجل الدين الشيخ ميثاق هادي من واسط قال إنه “استغلالٌ لبساطة الناس وسذاجتهم وافتقارهم للتعليم، فهذه الحالات لا تكثر في المناطق التي تتسم بالثقافة والوعي إنما ترتكز في الأكثر جهلاً، وهنا يأتي دور التعليم فإذا أردت تخليص المجتمع من هذه الظواهر ارتق به، والمحاربة بنشر الوعي وتقوية المدارس والمعاهد والجامعات”. وتابع: “لدينا فتوى شرعيَّة بتحريم الكهانة والسحر والشعوذة ويحرم الذهابُ لهم وإعطاؤهم الأموال، وهي فتوى يتفقُ عليها جميع المراجع ورجال الدين”.
وقال: إنَّ “العلاج بالقرآن وحده في بعض الحالات بشرط ألا يتضمن استخدام القوة كالضرب والخنق وإيذاء النفس”.
وأكمل “لا أحد يعلم الغيب، ومن يستعن بهؤلاء فهو من دون عقل، إذ يقول الله في القرآن الكريم ((قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ))”.
ويقول الله في محكم كتابه ((قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ 
يُؤْمِنُونَ)).