{تقارب».. مشروعٌ لدمج مواقع التواصل بأرض الواقع

اسرة ومجتمع 2019/08/18
...

بغداد/ سرور العلي
بسبب شغفها في الخيال بالإضافة الى موهبتها في الرسم والكتابة منذ الصغر، دمجت رغد نصيف أفكارها مع العمارة التي درستها في جامعة بغداد، لتصمم بعد ذلك الكثير من المشاريع ومنها “تقارب”.
وتقول الشابة عن مشروعها بحماس: “لاختيار مشروع التخرج، فكرت أنْ أصممَ مسرحاً لعدم وجود مشروع حي وفعال في العراق، وفكرت أيضاً بمجموعة عيادات اجتماعية، ثم فجأة خطرت في ذهني فكرة مجموعة ساحات تنقل لنا مواقع التواصل الاجتماعي إلى أرض الواقع، وكان الهدف منه هو إثبات قابليتي كمعماريَّة في تحويل فكرة فلسفيَّة إلى خطوط ومشروع حي، وأنْ أصممَ مكاناً أتمنى زيارته، وبصفتي شابة ومهتمة بالثقافة ومحبة للفن لم أجد مكاناً يمزجُ بين المباني والطبيعة 
لأرتاده”.
 
على أرض الواقع
“تقارب” هو اسم مشروعها الذي تعني به التواصل الاجتماعي والثقافي، وتم التصميم باختيار موقعين فيهما مبانٍ تراثيَّة غير مستغلة في منطقة الميدان التاريخيَّة وهما القصر العباسي وبيت الحكمة، مبنيان متجاوران ويطلان على نهر دجلة من جهة وعلى ساحة الميدان من الجهة الأخرى، وهنالك طريق يربطهما بشارع المتنبي.
وتتابع نصيف حديثها: “يوم الجمعة يكون شارع المتنبي ومبنى القشلة مزدحمين بالناس، وهناك فعاليات مثل (فكر واربح ومنصة الأحلام) ولكن لا توجد مساحات مصممة، مشروعي يبدأ بتصميم نصب له، هو عبارة عن جدار تتم الكتابة عليه وذي ارتفاع عال، نحن العراقيين نحب كثيراً التعبير عن آرائنا بالكتابة على الجدران القديمة والجديدة، لهذا أتت فكرة النصب أنْ يكون مساحة للكتابة ويمكن صبغه أو إعادة تغليفه والكتابة من جديد، ما عدا الجزء العلوي منه يبقى فارغاً، إذ يمكن للمرء أنْ يعبِّرَ عن رأيه من غير فرضه على الآخرين، المباني التراثية يعاد تأهيلها وفيها فعاليات “معارض فنية وندوات ومحاضرات” فالفنان العراقي عندما يريد عرض أعماله يتعب في الحصول على مكانٍ مناسبٍ بينما نوفر له هذا الاختيار في المشروع”.
المشروع يعمل على حل مشكلة محليَّة وعالميَّة، وهي العزلة والتوحد، والكثير من الأمراض التي تصيب الناس بسبب توجههم نحو مواقع التواصل، والابتعاد عن التواصل الواقعي، ويهتم بتحقيق مبدأ الاستدامة بمستوياتها الثلاثة، فالعالم يمرُّ بأزمة بيئيَّة واقتصاديَّة واجتماعيَّة وعلينا إيجاد الحلول المبتكرة والسريعة والمناسبة لبيئتنا 
ولنا.
والاستدامة البيئيَّة من خلال استخدام مواد معادة الاستخدام ولا تؤثر بشكل سلبي في البيئة ولا في القيمة التراثيَّة للمباني، والاستدامة الاقتصاديَّة، فالمشروع غير مكلف ولا يتطلب الكثير من المواد أو مواد البناء، فيمكن تشييده بإمكانيات بسيطة والأهم أنْ يشغله الإنسان كي يكون حياً والأهم كيفيَّة التصميم والابتكار، وهناك الاستدامة الاجتماعية من خلال جعل الناس على تواصل وتوفير مساحات تسمح لهم بتبادل الأفكار.
 
مسرحٌ تفاعلي
وتؤكد نصيف أنَّ هناك “مسرحاً تفاعلياً مطلاً على النهر يربطُ ضفتي النهر بصرياً، ويثير فضول الناس في الجهة المقابلة كي يرغبوا في زيارة المشروع واستكشافه، هناك شاشة عرض متحركة وهذا المسرح ممكن جعله مساحة مفتوحة لفعاليات أخرى مثل بازار أسبوعي، والمسرح التفاعلي هو المسرح الذي يعرض فيه الممثلون قضية وفي جزء منها يشارك الجمهور في التمثيل وصياغة الأحداث، وهذا مفيدٌ في الجانب التعليمي وخاصة مسرح الطفل، وفي النهاية نحن نريد خلق فضاءات جديدة، ومتغيرة مثل المواقع الالكترونية وتغيرها وتنوعها لهذا يمكن استخدام مواد معادة الاستخدام (صناديق الكارتون للتصميم الداخلي وتشكيلها بأشكال منوعة تستخدم للعرض وصناديق الخشب القديمة التي تستخدم لتكوين فضاءات خارجيَّة مظللة، وتستخدم للحديث الحر وتكون مساحات مجانية والفكرة منها تمكين الشخص من التعبير عن رأيه بموضوعيَّة، ويمكن لأي شخص المشاركة والحديث والتواصل، وبالتالي جعلنا اللايك على أرض الواقع والمنشورات هي حديث الناس وموضوعاتهم”.
وتشير “كما أنَّ هناك التعليم التفاعلي من خلال استخدام صناديق الكارتون للكتابة عليها ويشرح الطالب لزملائه أو الأستاذ يعمل محاضرة تفاعليَّة، وبعد الكتابة عليها ترمى، خصوصاً أنَّ الموقع قريبٌ من المتنبي وهناك الكثير من صناديق الكارتون التي توضع فيها الكتب وترمى بعدها لهذا من الممكن الاستفادة منها”.
 
المرتبة الأولى
يذكر أنَّ المشروع صُنِّفَ من أفضل عشرين مشروعاً في جائزة تميز الدولية لمشاريع التخرج العراقية 2018، وفاز بالمرتبة الأولى في مسابقة يوم التصميم المشاركة فيها المشاريع المميزة من كلية الهندسة في جامعة بغداد، وضمن أفضل 200 مشروع في مسابقة رواد العراق، وكذلك شارك في الملتقى الطلابي التاسع في جامعة السلطان قابوس في مسقط، وشارك في معرض بغداد ضمن المعرض الأول للمشاريع الخاصة بالجامعات والمعاهد وضمن فئة (المبدعون 
والمخترعون).