من يقرأ سطور حياة الناشطة المدنيَّة في مجال حقوق الإنسان المستشارة الدوليَّة للدفاع عن حقوق المرأة في العالم الشاعرة هدى عبد الرحمن الجاسم، سفيرة الاتحاد الأوروبي من التنسيقية الأوروبية “سيزام” للدفاع عن النساء المحتجزات في مخيمات تندوف وكل النساء في العالم, أستاذة مادة الرياضيات في التعليم الثانوي والتي تقلدت وظائف عدة بوزارة التربية، لا بدَّ أنْ يتوقف عند العديد من المحطات، فهي خاضت في العمل الإنساني منطلقة من روحها الإنسانيَّة لمشاركة الذين واجهوا المصاعب جراء الحروب والإرهاب الذي هجر الآلاف في مناطق مختلفة في البلاد العربية وفي العراق.
القائد والأب
كما أبدعت في البحث والشعر، إذ أصدرت كتباً ومجاميع شعريَّة متعددة اتخذت فيها أسلوباً مغايراً في التناولات الغزليَّة وقصائد الحب والمشاعر، إذ خاطبت الرجل بأنه القائد والأب والحبيب ومن حقه التغزل به، لا سيما أنه منذ بدء الخليقة والى يومنا هذا يتمتع بالصفة القياديَّة في المجتمع والحياة سواء في تأكيدات الفكر الوضعي أو مما رسخته الحضارات بتعاقب الأزمان، وكذلك العقائد والأديان التي أعطته الصفة الشرعيَّة ليتصدر مشهد الحياة وعلى وجه الخصوص الدين الإسلامي الحنيف الذي منحه تميزاً من نوعٍ خاص ومزايا جعلته يفرض حضوره في
الحياة.
ولذا وازاء هذه الفرادة لا بدَّ من إعطاء الحق له كما رأت من قبل المرأة والتسليم بهذه المكانة. ومن هنا جاءت قصائدها زاخرة بالتقدير لهذه المنزلة التي حباها الله بها, وأعظمت شخصيته في شعرها عاكسة وعياً وفهماً معقولاً لهذه الهبات التي حصل عليها الرجل وبدلالة عناوين مجاميعها الشعرية ومنها مجموعتها الشهيرة “لأجلك كتب القلم” وترى في ذلك منتهى
الواقعيَّة.
إضافة إيجابيَّة
عملت بالمجال الإنساني بما يخص مخيمات النازحين بالعراق ومعبر بزيبز ومخيم الغزالية في بغداد وسلطت الضوء على معاناة نازحي الأنبار في مخيم الغزالية، إذ كانوا يعانون من نقص في الخدمات والكوادر التدريسيَّة وصعوبة إيجاد فرص للعمل، كما أسهمت بمخيمات كثيرة بالمنطقة
العربية.
* في عملك الدولي والإنساني.. هل اصطدمت ببعض المشاكل كامرأة عراقية؟
- لا أبداً ولكوني عراقيَّة يشار لي بالبنان وعلى فكرة أنا عراقية الهوى ومتزمتة لعراقيتي وعروبتي تعلمت أنْ أحب العراق وأعشق تراب
الوطن.
* إقامتك في بعض الدول هل أضافت لك شيئاً لإبداعك وحياتك وشخصيتك؟
- إقامتي وسفري المتكرر أضافت لي المعرفة والخبرة بالجانب الثقافي والأدبي والتعرف والاطلاع على ثقافات الغير والتعلم منهم جوانب تعدُّ إضافة إيجابيَّة بحقول الأدب والشعر والاجتماع.
العادات والتقاليد
* ما هي رؤيتك للمرأة في مجتمعاتنا الريفيَّة الجنوبيَّة؟
- النساء في الجنوب والريف مغلوب عليهن بسبب القبليَّة والعشائريَّة والعادات والتقاليد التي تحولت الى عاهات انعكست على المرأة، وبما أننا نعيش في مجتمع ذكوري شرقي تبقى المرأة بالمرتبة الثانية.
* مدى انعكاس وتأثير مواجهات الحياة على
المرأة؟
- كل تجربة تمرُّ بها المرأة تحاطُ بعدة ظروف وتجارب الحياة، أما أنْ تكون ناجحة أو احتمالية فشلها ولكن لا يوجد سبب محدد للنجاح او الفشل وأحياناً التجارب الفاشلة تخلق من الإنسان إنساناً جديداً يتعلم من أخطائه وخيباته. فالحياة مليئة بالتجارب وما زالت مدرسة يتعلم منها الجميع.
* تبدين ثائرة على القيود الاجتماعية هل هو تماشٍ مع ضرورات العصر؟ أم عملية تمرد داخل أعماقك؟
- أنا سيدة ليست متمردة بل معتدلة ووسطيَّة وأعيش بما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا وما تعلمناه من قيم ومثل وأخلاق.. وهناك فرقٌ كبيرٌ بين التمرد والدفاع عن حقوق المرأة وتعنيفها.
الأسرة والإبداع
* هل أسرتك حققت الحلم لك؟، أم هي أسرة تقليديَّة محدودة التطلع؟
- بالعكس أسرتي حلمي الجميل الذي عشت من أجل تحقيقه وهي الحضن الدافئ الذي ألجأ إليه حين أشعر بالتعب وسعادتي معها مفعمة بالحب والرضا كذلك أفتخر بأولادي وبناتي لهم مواهبهم وتطلعاتهم فهم مبدعون بعدة مجالات. نحن لسنا تقليديين.
* هل تناولت في كتابك “تاريخ المرأة في الحضارات السابقة” أسماءً معينة لهن ميزات
خاصة؟
- نعم حالات من النساء اللواتي تقلدن المناصب منهن من صارت ملكة أو رئيسة وزراء وبرلمانية ولكن هذه ليس سائدة بل حالات خاصة واستثنائيَّة.
* تجربتك الصحفيَّة في مجلة “عاشقة الصحراء” وغيرها ماذا أضافت لك؟
- بصراحة هي تجربة جميلة أضافت لي الكثير من الخبرة والإدارة وكيفيَّة التعاون والتعامل والتلاقح بين أوساط ثقافيَّة مختلفة، ما زادني معرفة ودراية صحفيَّة والتعرف على شخصيات كثيرة صبت بمصلحتي بمعنى الانتشار في الأوساط الثقافيَّة العربيَّة.
بقي أنْ نقول بعد هذا الحوار مع الشاعرة والناشطة المدنية هدى الجاسم، أنها أصدرت مؤلفات عدة توزعت بين الشعر والبحث في واقع المرأة منها كتابها “المرأة بوجوه مختلفة” بجزأين والثالث “المرأة والذات” وكتاب “بعض من شذاها” الذي يحكي تاريخ المرأة زمن الحضارات السالفة، وكتاب “الأهوار فردوس
السومريين”. والمجموعة الشعرية الجديدة “عزف على القلوب”.
ونالت تكريمات عدة من جهات ثقافيَّة وأدبيَّة وإنسانيَّة عربيَّة ودولية وجمعيات ومنظمات مختلفة منها التنسيقيَّة الأوروبيَّة للوحدة الترابيَّة في الرباط وجمعية فاطمة الفهرية لشؤون المرأة في مدينة فاس، كما كرمت بمدينة سلا من قبل اتحاد الجمعيات المحلية بمدينة سلا المغربية، وتم تكريمها من مؤسسة زيدان الثقافية وإئتلاف عشاق
مصر.