تعتبرالكتابة تفريغا للنضج الثقافي للكاتب, والمتراكم من أعباء الحياة فالكاتب المبدع تأتي كتاباته من موهبة وقراءة مستمرة, فلا كتابة من دون قراءة, ولا قراءة بلا كتابة.لقد اشتغل الكاتب على غرار الرواية التأريخية مستعينا بجغرافية المكان في رسم احداث الرواية حيث سلط الضوء على مأساة طائفة عراقية هزت العالم بمأساتها وحينما جمع “الدواعش” سكان قرية - رشتي- في المعبد قائلين لهم:- إسمعوا يا عبدة الشيطان, أمامكم هذه الليلة فقط كما ورد في( ص69) أما الدخول في الاسلام أو الموت ينتظركم, وان عفونا عنكم فنعتبركم عبيدا وأسرى حرب, ونساؤكم سبايا وجواري للمسلحين يفعلون بهن ما يشاؤون.
و- شمدين - بطلة الرواية توقعت ما ستلاقيه من اضطهاد واغتصاب, لان جمالها المتفرد وانوثتها جلبت الانظاراليها. والكاتب لم يغفل دورشيخ المعبد - شمراخ- حيث رفض التنازل عن دينه فاعدموه أمام انظار طائفته.لأنه ضرب أروع مثلِ في التضحية دفاعاَ عن العقيدة وفي ص-93- تلتقي شمدين بنساء في القاعة,مسيحيات,مسلمات, ويذكرالكاتب الدورالايجابي لقائد الدواعش -عبدالله الفلسطيني, حيث حصل حوار بينه وبين المعلمة - سالار- الرائعة الجمال واقنعته بمفاهيم الدين الاسلامي, لأنه دين الانسانية, مماجعله يقسمُ لها بانها ستكون في حمايته,هي واخوها المريض - سرسم- ومن سوء حظها أن يقتل في أحدى المعارك, فعادت ثانية مع النساء. وفي- ص 106- ظلت شمدين تقلع خصلات شعرها, لتجعل من نفسها قبيحة , كي ينفر منها المسلحون. وفي- ص191- يأخذ خليفة الدولة الاسلامية - سالار- ويحاول اقناعها , لكنه فشل في اقناعها, وكان مخمورا, ثمَّ يهجم عليها محاولا اغتصابها, لكنها قاومته وغرست أصابعها في وجهه وعينيه,فيغضب ويقتلها. ويدعو أبو قتادة, ويأمرهُ بدفنها,ثم يوصيه باخيها - سرسم- كما وفق الكاتب برسم خطة أطلقتها روناك ونازك, وهي صرخة الاسلام بوجه الدواعش, حيث دخلتا الاسلام ومعهما الكثير من الفتيات, كي لايعتبرونهما سبايا . وبهذا اوقفا نزيف ملك اليمين, ثم تبقى- شمدين وسرسم- وحدهما في القاعة, ظل ابو قتادة يتودد لشمدين, لجمالها الاخاذ وانوثتها المتميزة.وفكر في ابعاد اخيها عنها, وذلك باهدائه لشيخ الجامع المنحرف والمصاب بالمرض السايكوباثي، حينما أخبر الشيخ بالفكرة رحّب بها. وراح يحث ابو قتادة, ليرسلهُ إليه. مما جعلهُ يدخل على - شمدين - مع إثنين من المقاتلين, وينتزعا الطفل منها بالقوة.. تبقى وحدها في القاعة, فيحاول إستمالتها, لكنه لم ينجح، يأتي أبو قتاده, ويحاول إقناعها لتكون له محظية. فترفض بشدة, عندها يهجم عليها ويغتصبها بالقوة, وهي فاقدة الوعي, ثمَّ ينفر منها. ويعطيها لأحد المقاتلين قائلاَ: له خذها لك، .وكان بينهم مقاتل عربي من اليمن رقّ قلبهُ عليها.. قائلاَ:- في نفسه, سأتبنى حمايتها، وحينما افاقت وجدت نفسها قد فقدت عذريتها, فانهارت, راحت تصرخ حتى نفروا منها,لأنها مريضة, فاستغل اليماني الفرصة.. قائلا:- للذي أتى بها إعرضها علينا للبيع, والذي يدفع أكثر ستكون ملكه. فوافق على ذلك, وأخيرا اشتراها اليماني بـ (500) دولار وأسرع بنقلها من مكان استراحتهم. وحملها بسيارة الى مكان آمن. وفي الطريق صادف امرأة مصابة مرمية على الارض, أوقف السيارة ونقلها الى المستشفى. فاخبرته باسمها - كلادس- وانها ممرضة بتلك المستشفى, فاهتموا بها, لأنها زميلتهم, وهي ممرضة مسيحية ماهرة , وطلبت منه أن يزورها. راح اليماني يتردد عليها حتى توطدت علاقته بها. فاكتشف انها فقدت اعضاء اسرتها, لذا فهي تحب مساعدة الآخرين, وظل اليماني يفكر بانقاذ - شمدين- عند ذلك وجد أنّ الممرضة هي المكان الامن لإيواء - شمدين- لأنها ترغب بخدمة الاخرين, وهي تستطيع حمايتها. ُثمّ كلم اليماني- شمدين- قائلاَ:- هيا إنهضي يا امرأة لنذهب للمستشفى, وستقيمين مع امرأة مسيحية طيبة وسوف تساعدك, لكنها لم ترد فلقد بلغت حدّ الضياع وفقدان الوعي. وعند الوصول للمستشفى وضّح للممرضة قصتها ومرضها, فخصصت لها سرير بغرفتها, وسجلتها مع المرضي باسم- ليلى -وصارت تخدمها وتشرف على علاجها. وهكذا إطمأنّ اليماني عليها. وعندما سقط الغزاة وهربوا من الموصل, أقامت المنظمات الانسانية- معسكرا للتأهيل- في منطقة قرب المدينة, فقررت- كلادس- أن تلحقها بمعسكر( الامم المتحدة )لأن فيه رعاية نفسية وخدمية.وهناك تتعرف عليها جارتهم, وتقول:-هذه - شمدين- بنت زركار..وليس أسمها - ليلى- وبعد فترة تاتي شاحنة, وتنقل النساء العجائز والشيوخ من المعسكر, ليتمّ توزيعهم بين قراهم المدمرة. وتذهب - شمدين- لقريتها - رشتي- مع جارتها ورجل آخر من القرية, وشاءت الصدفة أن تأتي شاحنة أخرى بعد ساعتين من وصول شمدين وجارتها للقرية في ذلك اليوم. فيترجل من الشاحنة والدها وامها, وقادر أبو سالار وأخته ومعلم القرية- شيخو- وشاهدوا - شمدين- جالسة تحت شجرة التين في دارهم المهدمة. فكانت دهشتهم كبيرة حيث شعروا بالسعادة.وفي- ص290- ثمَّ تأتي منظمات طبية، ويزوروا شمدين في دارها.ويدونوا حالتها وبعد فترة جاءت لجنة مختصة، نقلتها لمستشفى ألماني ,لتلقي العلاج.لقد وفق الكاتب برسم صورة واضحة عن الآيزيدية ,وما تعرضوا له من مأساة, فنجح الكاتب بسرد الاحداث بخيط سردي متماسك وبلغة جيدة متخذا من الفلاش باك اسلوبا في السرد فالرواية مشوقة باحداثها تستوقف القارئ لينال من متعتها.
دار الساقي/ بناية النور/ شارع العويني/ بيروت لبنان