د . بشار عليوي
لطالما شغلتنا هُموم مسرحنا العربي , حينما كُنا ولا زلنا نبحث عن آليات واضحة للعمل المسرحي العربي المُشترك وصولاً الى تفعيل حركة هذا المسرح والنهوض بهِ عبرَ تجسير العلاقة الرابطة ما بين جميع المسرحيين العرب , فكانت ولادة “ الهيئة العربية للمسرح “ بمُبادرة ومُباركة رجل المسرح العربي سمو الشيخ د.سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات العربية المُتحدة حاكم الشارقة , إيذاناً ببدء العمل المسرحي العربي المُشترك المُرتكز على أُسس تنظيمية واضحة تجلت في إطلاق عديد المشاريع المسرحية النهضوية وهذهِ الهيئة هي أهم مؤسسة عربية تُعنى بتنشيط الحركة المسرحية في بُلدان العالم العربي وهي هيئة غير حكومية وغير ربحية تهتم بقضايا المسرح العربي وتواكب مستجداته من خلال إنفتاحها على مُجمل المسرحيين العرب وتبني نتاجاتهم ودعمها , وقد أُنشئت في 9/9/ 2007 أذ تتخذ من الشارقة حالياً مقراً لها وقد وَضَعَتْ من ضمن الأهداف الرئيسة التي تسعى إلى إنجازها , النهوض بالعمل المسرحي العربي وترسيخ الثقافة المسرحية وتبني الأعمال المسرحية العربية ودعمها وتبادل الخبرات والانفتاح على مختلف التجارب المسرحية , ويقف خلف كُل تلك المشاريع , “ اسماعيل عبد الله “ الكاتب المسرحي الممتاز بحملهِ لرسالة المسرح المعرفية عبرَ نصوصهِ المسرحية المُعبأة بمحمولات تلك الرسالة النبيلة , فهوَ حينما تصدى لإدارة الهيئة مُنذَ تأسيسها والى الآن , قد وضعَ نُصبَ عينيهِ كُل إمكانات الهيئة في خدمة طموحات المسرحيين العرب ومشاريعهم وتفعيل المسرح العربي إنطلاقاً من رؤية صاحب السمو “ د. سلطان القاسمي” العالمية للمسرح حينما قال سموه ( إن العالم الان هوَ أحوج ما يكون الى حركة مسرحية جديدة بل قُل الى ثورة مسرحية جديدة ) .
“ اسماعيل عبد الله “ من مواليد خورفكان 1963 وخريج جامعة الشارقة عام 1985 وهو رئيس جمعية المسرحيين في دولة الإمارات العربية والأمين العام للهيئة العربية للمسرح، هو أحد كتّاب المسرح الإماراتيين البارزين ، كما أنه صاحب رسالة ومشروع نحو تأصيل هوية المسرح وتحقيق شكل وقالب فني خاص به، ونظراً لما يتميز به من أصالة التعبير والابتكارية، فقد حقق العديد من الجوائز في مجال كتابة النصوص المسرحية ذات الصبغة المحلية، ومن ذلك حصوله على جائزة أفضل نصّ مسرحي في مهرجان الكويت المسرحي الثاني عشر الذي أقيم في دولة الكويت عن نصّ “البوشية”، ، كما أنه في طليعة كتّاب المسرح الذين سجلوا حضورهم بقوة في السجل الذهبي لجوائز أيام الشارقة المسرحية، التي حصد فيها جائزة أفضل نص مسرحي لست دورات متتابعة لتتوجهِ الأيام بوصفهِ (الشخصية المسرحية ) المُكرمة في دورتها عام 2015 كما كرمتهُ عديد المهرجانات المسرحية العربية كمهرجان المسرح الأردني ومهرجان شرم الشيخ الدولي ... وغيرها ، فضلا عن حصوله على لقب أفضل كاتب مسرحي ذاته في مسابقة جائزة الشارقة للكتابة المسرحية .
يُعد “ عبد الله “ من الكُتاب المسرحيين القلائل الذين تركوا بصمة واضحة في المشهد المسرحي العربي فكتبتُ عنهُ عدد من الأبحاث والدراسات الاكاديمية فضلاً عن صدور كتاب نقدي بقلم الناقد “أحمد الماجد” بعنوان (أسئلة الرمل_بُنية الدراما والتأويل والوعي في نصوص اسماعيل عبد الله المسرحية ) الصادر عن دائرة الثقافة والاعلام ففي هذا الكتاب يُحلل “ الماجد “ تجربة “عبد الله” جمالياً وفكرياً , فهوَ وكما قال ( ابن المسرح , وله كل الفضل في تقديمي للمجتمع , هو الذي شكل ثقافتي ووعيي واجد متعتي في العمل من خلاله ) , “ اسماعيل عبد الله “ مُتعدد المواهب، فبالإضافة الى كونهِ كاتب مسرحي من الطراز الأول ، قد عمل مذيعاً في تلفزيون أبوظبي، متدرجاً في هذا المجال حتى توليه منصب مدير تلفزيون أبوظبي، ثم أصبح مديراً للإنتاج، حتى إنحيازه الكامل لرسالة المسرح التي أصبحت هي الهاجس الأول والأخير بالنسبة له , اذ كتب للمسرح عدد من النصوص منها ( راعي البوم عبرني / البشتختة / غصيت بك يا ماي / زمان الكاز / بقايا جروح / مولاي يا مولاي / مجاريح / اللوال / القشة / بين يومين / .. وغيرها), وجميع هذهِ المرجعيات قد وظفها “ اسماعيل عبد الله” لصالحهِ حينما تصدى لإدارة الهيئة العربية للمسرح , ولعلَ من إشتراطات العمل الإداري الناجح المُرتبط بالمسرح , وجود الدافعية لتفعيل الحِراك المسرحي ضمن بيئة جغرافية مُحددة من قبل من يتصدى لموقع المسؤولية الأول , وهوَ ما توفرَ في شخص “ عبد الله “ الرجل المسرحي المُكتنز خبرةً إدارية وثقافة مسرحية عالية ووجودهِ داخل بُنية المشهد المسرحي كَكُل وبالتالي فإن هذهِ المُعطيات قد وفرتْ لهُ مساحة واسعة لتجسير العلاقة مع جميع المسرحيين العرب عبرَ المشاريع الكبيرة لـ(لهيئة العربية للمسرح) بوصفهِ إميناً عاماً لها .
لقد أصبح “ اسماعيل عبد الله “ , انموذجاً يُحتذى بهِ على صعيد مسرحنا العربي , بوصفهِ واحداً من أهم المُتصدين لإدارة مسارات هذا المسرح , حينما أخذَ على عاتقهِ مسؤولية إدارة “ الهيئة العربية للمسرح “ ومُحايثاً في الوقت ذاتهِ غزارة نتاجاتهِ الإبداعية على صعيد التأليف المسرحي ,
ومازال .