صادق الطريحي
على عجلٍ ..
في الصّباحِ المبكّرِ ..
في زحمةِ الاحتمالاتِ ..
مِنْ ردهةِ الشّكّ ، ..
أخرجُ وحدي.
وما زلتُ أسمعُ صوتَ الطّبيبِ القديرِ
يقولُ بلهجتهِ الشّائعةْ :
عليكَ الخروجُ سريعًا،
عليكَ الخروجُ من الرّدهةِ السّابعةْ
فأنتَ تجادلُنا في الإدارةِ ..
ترفضُ أخذَ العلاجِ
وحاولتَ أن تدخلَ الصّيدليّةَ سرّا
لكي تسرقَ الجينَ ..
أو تلمسَ المرأةَ الغامضةْ
كأنّكَ لستَ المريضَ الوديعَ الذي كانَ طفلاً يراجعُني!
كأنّكَ لا تعلمُ التّقنيّاتِ ..
إنّا نراكَ ، نراكَ ولو مِن وراءِ الجدارِ!
وأمّا أنا ..
فبصمتٍ ...
صحبتُ الممرّضةَ الخافرةْ
رآني الطّبيبُ الرّحيمُ
أقبّلها بهدوءٍ مِنَ الشّفتين
فما رَفضَتني
هيَ المرأةُ الذّاكرةْ
كلانا يشكّ بأنّ المَمرّ المؤدّي إلى غرفةِ العمليّاتِ وهمٌ
فلا جُرعةٌ للمصابينَ باليرقانِ
وأنّ الطّبيبَ المخدّرَ ليسَ هنا
وأنّ جهازَ التّنفّسِ قد أكلتهُ الجراثيمُ ..
أو صادرتهُ الضّرائبُ ..
أو بيعَ ذاتَ مزادٍ غريب
وأنّ الحديقةَ آيلةٌ للجفافِ
فلا شجرٌ يمنحُ الرّاقدينَ نقيّ الهواءِ
وحينَ هبطتُ ...
ترافقُني المرأةُ السّافرةْ
تلقّفني الشّرطُ الميّتون
بأبواقهمْ ، وبركلاتهمْ ، ..
بالعصيّ الغلاظِ
إلى السّجنِ ..
قالَ النّقيبُ الصّغيرُ
وفي السّجنِ كانَ المحقّقُ أعمى
بدينًا ...
بجلبابهِ البدويّ الحديث
يسائلني غاضبًا :
أأنتَ الذي يكتبُ النّصّ في هذه اللحظةِ الفانيةْ !!؟
فقلتُ : نعمْ.
فقالَ : ألمْ تدرِ أنّا نراكَ ، نراكَ ...
نرى القلبَ واللغةَ الخاثرةْ !!! ..
فلماذا نشرتَ القصيدةَ في الصّحفِ السّائرةْ !؟ .
ولماذا دخلتَ إلى الصّيدليّةِ تصحبُكَ المرأةُ الخائفةْ
وحين سَكتّ ..
أعادَ القضاةُ عليّ السّؤالَ الأخير ...
فهلْ يعلمُ القارئُ الآنَ ..
أنّي دخلتُ إلى الصّيدليّةِ ..
مِنْ أجلِ فحصِ الدّواءِ المريبْ!!
وهلْ يعلمُ القارئُ الآنَ ..
أينَ أنا؟.