بينَ الموضةِ والأعرافِ الاجتماعيًّة.. جدلٌ كبيرٌ بشأنِ ملابسِ الشباب
ريبورتاج
2019/09/02
+A
-A
بغداد/ رلى واثق
عدها الشباب حرية شخصية وانتقدتها جهات اخرى كونها منافية للاعراف والتقاليد المجتمعية، الملابس في الوقت الحاضر واختيارها بات مشكلة، فالشباب لا يعون ما يختارون وما يناسب مجتمعهم والمكان الذي يتواجدون فيه، عادين اختياراتهم ثقافة وتطورا ومواكبة للموضة، وتحت اي مسمى من هذه او تلك لابد من مراعاة الذوق العام، ومن جهة اخرى رفض القانون وحقوق الانسان استعمال القسر والتعنيف بحق من يخالف هذه الاعراف بل لابد من توعيتهم وتوجيههم بأساليب اخرى على حد قولهم.
تباينت اراء المواطنين في الشارع بين مؤيد ومعارض لما يرتديه الشباب إذ تقول الثلاثينية رشا محمد (موظفة):
“المشكلة الحقيقية في الشارع ان الشباب لا يراعون اختيار ملابسهم فهناك ملابس للنهار واخرى للدوام واخرى للسهرة هذا من جهة ومن جهة اخرى نلاحظ بعض المراجعين الى الدائرة من الشباب يرتدي ملابس ممزقة او ضيقة وغيرها ناهيك عن تسريحات الشعر الغريبة ، ومن وجهة نظري هذا لا يجوز عند مراجعة دائرة رسمية، فلا بد ان يكون هناك ذوق في اختيار الملابس”.
اما العشريني حيدر عباس فيرى أن”الملابس هي ذوق الشخص، هذا وان ما نرتديه هو معروض في الاسواق، متسائلا :لماذا لايتم محاسبة اصحاب المحال على بيعهم هذه الملابس؟، مشيرا الى ان ماحصل في الانبار وبعدها في كركوك من الممكن ان تكون حالة عامة تطبق في جميع المحافظات، وهذا مخالف للدستور الذي كفل حرية المواطن”.
من جانبه يقول الاربعيني جاسم عبد الغني:
“هناك آداب عامة لابد من الالتزام بها بعيدا عن الحرية والديمقراطية، تتمثل بالذوق العام فمن غير المناسب الخروج من المنزل بملابس النوم او الذهاب الى دائرة رسمية بسراويل قصيرة، فضلا عن انتعال الحذاء المنزلي، اما في غير ذلك فيكون له الحرية شريطة ان لايخدش الذوق العام”.
انتهاك للحقوق
عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان الدكتور أنس العزاوي بين أن” من واجبات المفوضية متابعة كل مايتعلق بانتهاكات المواطن بضمنها حقوقه المدنية والاقتصادية، فيجب مراعاة جانب حقوق الانسان ومدى مطابقته مع المعايير الدولية والقانونية حتى وان كان هنالك بعض العادات والتقاليد او القواعد الاجتماعية ورغبة بتحديده من قبل مجالس المحافظات وفقا لقوانين وتشريعات صادرة منها”.
العزاوي رفض عمليات الاعتقال او سلب الحرية تطبيقاً لهذه القوانين بقوله:
“قد يكون بعض هذه الاوامر مخالفا لباب الحقوق والحريات الاساسية في الدستور العراقي، مؤكداً ان المفوضية لم تتسلم حتى الان في مكاتبها المنتشرة في عموم المحافظات اي شكوى من تعرض لانتهاكات لهذا الحق او الاعتقال او التوقيف ليتسنى لها اتخاذ اجراءات بتحريك تلك الشكاوى”.
وتابع العزاوي أن” اغلب ما يمارس في المحافظات يبرر باعتباره خرقا او انتهاكا للاداب العامة او يقع خارج سياقات العرف المعمول به اجتماعيا وعشائريا، ونحن مع تعزيز التقاليد واحترام العادات الاجتماعية الا اننا في الوقت نفسه نعمل في اطار دولة المؤسسات التي يجب ان تكون المعنية بتوعية الشباب وتوجيههم الى الطريق الصحيح بدلا من استخدام القسر والعنف الجسدي او اللفظي وحتى الاعتقال والتوقيف لغرض الانضباط او التأديب”.
العزاوي أشار الى “ضرورة ان يكون هنالك موقف من مجلس القضاء الاعلى ومجالس المحافظات في ما يتعلق بتشريعاتهم التي عسى ان تكون موائمة مع الاتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق الانسان، ولكي لا نوصل رسالة الى المجتمع الدولي او المنظمات المعنية بحقوق الانسان ان هنالك انتهاكا واضحا أو أنه يصور على انه انتهاك لحقوق الانسان الاساسية في هذا الاطار”.
مراعاة الذوق
عد خبير الازياء سيف العبيدي اصدار قرارات ملزمة للشباب بمنع ارتداء ازياء معينة والزامهم بأزياء اخرى بأنه تقييد لحرياتهم، مضيفا:
“الا انه في الوقت نفسه يجب ان يراعي الشباب الذوق في اختيار الازياء المناسبة في الاماكن المناسبة”.
ويردف العبيدي قوله:
“هنالك محافظات لها نوع من الالتزام الديني والعشائري يجب مراعاته، لكن هذا لا يمنع ان يكون الشاب في تلك المحافظات لديه وعي وتطلعات لمواكبة ما يجري في الخارج من تطور على صعيد الموضة، خاصة بعد الانفتاح الذي حصل في العراق والسماح لهم بالسفر الى الخارج ورؤية الشباب هناك وماهي نوعية الملابس التي يرتدونها”.
وتابع أن” العراق اصبح رهينة للتاجر الذي يستورد آخر الصيحات من الملابس اضافة الى اطلاع الشباب على ما يجري في اوروبا عبر الانترنت ليصبحوا بالتالي مقلدين للنجوم سواء كانوا فنانين او اعلاميين من دون الاهتمام كثيرا بالاعراف الاجتماعية”.
واستدرك العبيدي أن” شبابنا يجب ان يراعوا ارتداء الازياء المناسبة في الاماكن المناسبة فلا يمكن لبس الشورت او البرمودا في الاماكن العامة كالمولات او غيرها، اذ يجب احترام خصوصية المكان، كما لايمكن لبس ملابس البيت في اثناء الخروج الى الشارع مما يعتبر مخالفا لثقافة الازياء او الفرد، ومثل هذه الحالات يمكن معالجتها بعيداً عن التوبيخ او العقوبات اذ يجب ان يكون هنالك وعي لدى الشباب”.
وتطرق العبيدي الى “ان هذا الامر ينسحب على النساء والشابات اللواتي يرتدن الاماكن العامة بملابس غير مناسبة سواء كانت مبالغة بالزي الشرعي او لا تليق بالنساء في العمل او فترة الصباح، فهذه من الامور المعيبة وغير المقبولة تماما”.
العبيدي نصح الشباب” بضرورة الالتزام بقواعد الاداب العامة للازياء فمثل ماهنالك قواعد عامة للسياقة فهنالك قواعد مشابهة للازياء والملابس، فضلاً عن متابعة ارباب البيوت لأبنائهم وما هو نوع الازياء التي يرتدونها لقصد مكان معين، فمن الجميل توعية الشباب بلبس الموضة وهو طموح كل شخص منهم، الا ان هنالك ضرورة للالتزام بقواعدها”.
تعدٍ على القانون
القانوني امير الدعمي أوضح أن” اختيار الملابس يعد حرية شخصية للفرد ولا يحق قانونا التدخل في ذلك، وعليه ان ما قامت به الاجهزة الامنية في محافظة الانبار خلال المدة القصيرة الماضية بحق الشباب الذين يرتدون ازياء شبابية (السراويل القصيرة) لم يكن الا تعسفا لحقوق المواطنين وتعديا على القانون، وبالتالي لا توجد اي مادة قانونية يحال عليها من يرتدي هذه الملابس لمحاسبته”.
عادات وتقاليد
عضو مجلس محافظة بغداد فؤاد علي اكبر أشار الى “ان ارتداء الملابس حرية شخصية يتمتع بها الفرد، على ان لا تخدش الحياء العام، وبالنسبة لما تم الاعتراض عليه مؤخرا من ملابس الشباب القصيرة منها وغيرها فهذا الزي معمول به في معظم بلدان العالم، لاسيما في موسم الصيف، والمضي بهكذا قرارات هو تضييق للحريات العامة”.
ويسترسل اكبر الى أن”هذه الرؤيا تختلف من منطقة الى اخرى فمنهم من يرى ان هذه الملابس اعتيادية وتعبر عن حرية شخصية والبعض يرفضها لاسباب اجتماعية ويرفضها اخرون لاسباب دينية، معتقدا ان اسباب الرفض تعود لاعراف وتقاليد اكثر من كونها دينية، هذا ولا اعتقد ان مثل هكذا امر سيطبق في بغداد كونها اكثر مدنية”.
انفتاح أخلاقي
من جانبها أوضحت الباحثة الاجتماعية نادية قاسم مايحدث من رغبة للشباب في ارتداء ازياء مختلفة فيها من الغرابة ومخالفة للتقاليد والاعراف الاجتماعية بقولها:
“هناك موجةٌ من الانفتاح الاخلاقي المستورد من الخارج وغير المعهود لدينا في ادابنا العامة وتقاليدنا واعرافنا التراثية، اجتاحت شبابنا بشكل ملفت للنظر، فبات اللبس العاري وغير المحتشم ظاهرة تحتاج الى متابعة جدية من قبل اولياء الامور والدولة، لكي لا نفقد كل اعرافنا وتقاليدنا وتراث
مجتمعنا”.
واستدركت قاسم أن”هذا لا يعني اننا نعتمد ازياء قديمة لا تساير الموضة، لكن كل ماهنالك هو الالتزام بالعادات والتقاليد واحترامها، هذا مع مراعاة المكان الذي نتواجد به، فملابس الجامعة والموظفون في الدوائر الرسمية لا بد ان تختلف عن الملابس التي نذهب بها الى المناسبات العائلية وغيرها من الضوابط”.