المواطن المسعف يتعرض للحبس والمطالبات العشائرية

ريبورتاج 2019/09/03
...

بغداد/  بشير خزعل 
بعد حادث دهس لصبي لم يتجاوز الرابعة عشر، فر سائق السيارة الأجرة “نوع سايبا” وترك الضحية ملقى على الشارع العام المؤدي الى منطقة الحسينية، فهرع رجل عابر سبيل الى ايقاف سيارته وحمل المصاب الى المستشفى القريب، لكن ادارة المستشفى لم تقبل بعلاجه الا بعد الحصول على اوراق رسمية من مركز الشرطة، وانتهى المطاف بايداع المنقذ في التوقيف بمركز الشرطة على ذمة القضية لحين استعادة المصاب لوعيه واستدعاء ذويه للتعرف على هوية السائق الذي قام بانقاذه
يتعرض المنقذ او المسعف للمساءلة القانونية والعشائرية، ويكون في ورطة كل من يحاول ان يؤدي عملا انسانيا، فلا القانون يحميه ولا العرف العشائري ينصفه، واصبح سبيل المعروف نادر الوجود والكثير ممن تعرضوا لحوادث مختلفة  لقوا حتفهم بسبب عدم وصولهم
 للمستشفى .
 
توقيف
حسن فاضل الجنابي ( 51) سنة تعرض للتوقيف بعد ان قام بانقاذ حياة رجل مسن دهسته سيارة مسرعة لاذ صاحبها بالفرار وترك الرجل ملقى على الارض، يقول حسن :
 كنت مارا قرب شارع الخط السريع المؤدي الى شارع حي تونس، فمرت سيارة مسرعة اصابت رجلا مسنا كان مارا عبر الشارع، وظل الرجل على الارض يستغيث بعد ان هرب السائق، ولم اجد أحداً اخر في الشارع يساعدني لانقاذ الرجل  فاوقفت سيارة اجرة لكن  السائق تركني وذهب بعد ان عرف انني اريد حمل شخص مصاب، ثم اوقفت سيارة اخرى واشترط السائق ان يوصلني للمستشفى فقط من دون اي مساعدة اخرى بحمل المصاب الى داخل ردهة الطوارئ، وبعد ان وصلت للمستشفى طلبوا مني اوراق مركز الشرطة بالحادث وبعد ان حضر ذوو المصاب اتهموني بانني انا من دهسته وطالبوني بالفصل العشائري او تحريك شكوى قضائية ضدي، وبعد ان رفضت تم احتجازي بمركز الشرطة لمدة يومين، وبعد ان أطلق سراحي بكفالة، استعاد المصاب وعيه واخبر ذويه بانني انقذت حياته ولم اكن الشخص الذي قام
 بدهسه . 
 
ورطة 
 جاسم حياوي مواطن ( 44) سنة قال : قمت بحمل شاب تعرض لانقلاب دراجته بسبب اصطدامه باحد الصبات الكونكريتية وتعرض لجروح خطيرة، ونقلته بسيارتي الى المستشفى، لكنه فارق الحياة فور وصوله ، وبعد حضور اهل الضحية تم اتهامي بانني سبب الحادث وتم توقيفي لاسبوع في مركز الشرطة وتعرضت لفصل عشائري لم اثبت براءتي فيه من التهمة الا بشق الانفس وبعد ان شهد لي احد اصحاب المحال القريبة من الحادث، واضاف حياوي : لن افعلها مرة اخرى ولن اقدم المساعدة لاي شخص، لان هذا القضية ورطة  لمن لا يعرف القانون والاعراف
 العشائرية  . 
 
صرع 
حيدر عبد حياوي ( 23) سنة تحدث عن واقعة ادت به الى الحبس لمدة ثلاثة ايام  ودفع رشوة الى احد منتسبي مركز الشرطة مقابل الافراج عنه، بعد ان قام بالتوقف بسيارته وسط الشارع العام لغرض حمل رجل تعرض لنوبة صرع وقام بايصاله الى المستشفى، وبعد ذلك تم اخذ بعض المعلومات منه من قبل احد المنتسبين في الشرطة، وليفاجئه بامر التوقيف لحين بيان حالة (المصاب)، وبرغم الحديث وتوسط الطبيب المعالج وتأكيده بان المريض مصاب بالصرع ولاوجود لاي اثر للاصابات، لكن (مفوض الشرطة) اصر على احتمال تعرض المصاب الى حادث دهس ادى الى اثارة نوبة الصرع، وبعد مشاجرة بينه وبين الشرطة تم حبسه في مركز الشرطة لمدة 3 ايام ، ثم تبين لاحقا ان المصاب متشرد (سكير) ولا اهل  له، 
                               
بلا حماية قانونية
 مــكــتــب المــفــوضــيــة الـعـلـيـا لحقوق الانـسـان عقد اجتماعا فـي محافظة بابل واصدر جملة من التوصيات لحماية المسعفين والمنقذ الطوعي ممن يتعرضون للافتراءات وعدم وجود الحماية القانونية لهم، المــشــاور الـقـانـونـي فـي مكتب مفوضية بابل لحقوق الانسان عبد الحسن الخفاجي  قال : ان المفوضية اصــدرت بـالـتـعـاون مع قـيـادة عمليات بـابـل ودائــرة الصحة ومــكــتــب مـجـلـس الــنــواب ومــديــريــة شـؤون العشائر ومنظمات المجتمع المـدنـي جملة مـن التوصيات لحماية المـسـعـف والمـنـقـذ الـطـوعـي، مبينا ان الكثير من المسعفين والمنقذين يـذهـبـون ضحية عـدم وجــود قانون يحميهم، الامر الذي دفع البعض الى عدم قيامهم بعمليات انقاذ او اسعاف لــلاشــخــاص المــعــرضــين لــلــحــوادث خوفا من التساؤلات القانونية التي تؤدي في بعض الاحيان الى الحجز فــي مــراكــز الــشــرطــة او المـطـالـبـات العشائرية التي تصل الى حد المطالبة بـدفـعـه تـعـويـضـا مـالـيـا من خلال الفصل العشائري، ولذلك يـجـب ان تـكـون هـنـاك حماية قانونية للمخبر والمـسـعـف 
والمنقذ. 
وبـــين انـــه عــلــى الـــرغـــم مـــن وجـــود تـشـريـعـات نــافــذة تـعـالـج مـوضـوع حـمـايـة المـسـعـف فـي المــادة 370 من قانون العقوبات العراقي والمادة 111 لـسـنـة 1996 وقـــرار مـجـلـس قـيـادة الثورة المنحل رقم 24 لسنة 97 التي تـتـعـلـق بـالمـسـعـف، الا انـهـا لا تـوفـر الحماية القانونية والعشائرية اللازمة، مشيرا الى ان احدى التوصيات تمنع المـطـالـبـات الـعـشـائـريـة لـلـمـسـعـف أو المنقذ.واكد الخفاجي ضـرورة توفر ادوات ووســائــل الــســلامــة والأمـــان في الطرق الخارجية ونصب مفارز مـشـتـركـة مــن الإســعــاف وســيــارات الإطــفــاء والانــقــاذ وبـمـسـافـات ليست بعيدة، مبينا ان صحة بابل ابدت استعدادها الكامل للتعاون في هـذا الـجـانـب.واضـاف ان التوصيات تضمنت تفعيل موضوع الكاميرات عــلــى الـــطـــرق ومــراقــبــتــهــا بـشـكـل مستمر، فضلا عن استحداث وحدة انــقــاذ جـــوي لاســيــمــا ان غـالـبـيـة دول الـعـالـم يـوجـد فـيـهـا هـكـذا نـوع مـن الاسـعـافـات، مـنـوهـا بـانـه سيتم التكثيف على إقامة الدورات والندوات والـورش الداعية إلـى حماية المسعف بالتنسيق مع وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، الى جانب قيام قيادة عمليات بابل بتخصيص رقم هــاتــف مـجـانـي يـمـكـن المـسـعـف او المـنـقـذ الاتــصــال لـلابـلاغ عـن الـحـالـة ليتم بعدها توجيه تعميم الى جميع مستشفيات المحافظة للتعاون وعدم اتـخـاذ اي اجـراء قانوني بحقه ويتم الاكتفاء بأخذ معلومات بسيطة عن
 الحادث والضحية.
 
سبيل المعروف
 الخبير القانوني علي هادي السراي اشار الى ضرورة تشريع قانون جديد يجنب من خلاله منقذ اي ضحية حادث الدخول الى السجن، ومن خلال بعض الاجراءات التي تمكن المنقذ من اتخاذها لضمان عدم زجه بالتوقيف او اخذ الدية منه من قبل اهل الضحية، وبين السراي ان من ينقذ اي شخص من حادث سير سيكون متهماً في حال مات الضحية في المستشفى او في اثناء محاولة نقله لغرض العلاج، الا في حال وجد شهود يؤكدون براءته وحسن نية فعلته، واضاف ان منقذ الضحية بامكانه تجنب الدخول الى السجن والفصل العشاري من خلال كاميرات الرصد الموجودة في الشوارع او في المحال التجارية او الشهود في اثناء وقوع الحادث او الضحية نفسه اذا اعلن ان الشخص الذي انقذه او اوصله للمشفى بريء من ارتكاب الحادث، واوضح  السراي ان مثل هذه الحالات بحاجة الى تشريع قوانين تكفل للمنقذ براءته، اذ ان  ناقل الضحية تطبق عليه احكام قانون المرور رقم 46 لسنة 1973 وعقوبتها الحبس لمدة تصل الى 3 سنوات اذا لم يثبت انه ليس المتسبب بالضرر او الوفاة للشخص المصاب، الامر الذي يؤدي الى قطع (سبيل المعروف) اثناء الحوادث، بسبب التخوف من التورط مع مراكز الشرطة او التعرض للابتزاز من قبل
 عشيرة الضحية  .