الامتنان

اسرة ومجتمع 2019/09/14
...

ميادة سفر
 
غالباً ما يتذكر الناس الحزن واليأس والغضب والفشل سنوات طويلة، بينما تختفي اللحظات الجميلة السعيدة من الأذهان بلمح البصر، أو حتى يتم تجاهلها عند الحديث عن الحياة بشكل عام، بالرغم من القوة والطاقة الهائلة التي يمكن أن يمنحها الاعتراف بها.
لو فكّر كل واحد منا بحياته سيجد كثيراً من الأمور الإيجابية، فهو محظوظ بتمكنه من إكمال تعليمه، أو بوجود والدين مثقفين، وأصدقاء أوفياء، وفرص عمل جيدة حصل عليها، فلا يمكن لحياة أن تكون كلها سيئة وسلبية 
بالمطلق.
إلا أننا نادراً ما نلاحظ الأشياء الجميلة التي تحيط بنا، أو نتذكر الأحداث المفرحة التي مررنا بها، وحتى الأشخاص الطيبين الموجودين في حياتنا، ممن قدموا لنا يوماً مساعدة أو رسموا ابتسامة على شفاهنا، فلا نشعر بالامتنان لتلك الأشياء، ولا نقدر 
وجودها.
يحدث أحياناً أن نستيقظ صباحاً ونحن نعاني من ألم ما أو نتأخر عن عملنا، نبدأ بالتأفف والتذمر والتوجع، ولا يخطر في بالنا كم من المرات استيقظنا بصحة جيدة، أو وصلنا في الوقت المناسب لمكان 
العمل.
من الجيد التعود على الامتنان لما هو جميل في حياتنا، وتقديم الشكر لمن قدم لنا مساعدة أو عملاً ولو كان من واجبه القيام به، لان هذا سيمنحه سعادة ودافعا لتقديم الجيد دائماً، وسيشعرنا نحن بالارتياح، ومن الضروري تربية وتعليم الأطفال على شكر الآخرين إذا ما قدموا لهم شيئاً ما.
 ألا يبتسم لنا الشخص حين نقول له “شكراً”؟ 
هذه الابتسامة تنعكس مباشرة علينا ويفيض قلبنا 
فرحاً.
الامتنان يعني أن نشكر الحياة بأن نتعلم أن نعطي مقابل ما يقدم لنا، وألا نحقد عليها إذا صادفتنا أيام سيئة، لأن مقابلها ثمة أيام وأمور جميلة، حين نشكر ونقدم ونعطي ما نقدر عليه سنشعر بالراحة، قد يكون العطاء بالمعرفة أو بالعمل أو حتى في بعض الأحيان بالإصغاء إلى الأشخاص المحتاجين لمن يستمع إليهم.
لقد أصبح الامتنان والشكر علماً ضمن ما يسمى “علم النفس الإيجابي”، إذ أثبتت الدراسات الأثر الإيجابي الذي يعكسه على حياة الإنسان النفسية والصحية وحتى الجسدية، كما يشكل عنصراً مهماً في تعزيز السعادة والتفاؤل ومن ثمّ إحداث تغير إيجابي في الحياة، وأن الأشخاص الذين مارسوا الامتنان في حياتهم كانت لديهم مستويات عالية من الإصرار والتصميم على تحقيق أهدافهم، وأكثر استعدادا لمساعدة 
الآخرين.
“شكراً” كلمة صغيرة من أربعة أحرف، غنيَّة بالدلالات والنتائج الإيجابية، تشكل طريقاً للقلوب واعترافاً بالجميل وفاتحة لعلاقات لطيفة بين البشر، لما لها من انعكاسات نفسية على الإنسان خاصة والمجتمع بشكل عام، فلنعتمدها في حياتنا اليومية وسلوكياتنا وأعمالنا، مرفقة بابتسامة تكسر جليد التوتر والرهبة والتردد.