العنف فينا.. فلنعالجه

العراق 2018/11/12
...

سالم مشكور
 
في ندوة أقيمت في بغداد حول ترسيخ ثقافة التسامح والمواطنة، استوقفني كلام أحد المتحدثين حول الشخصية العراقية ومواصفاتها، عندما قال إن “الانسان العراقي معروف باعتداله وهدوئه وعدم ميله الى العنف”.
الندوة كانت بأسلوب التلقين المدرسي من جانب واحد لذلك لم تتوفر الفرصة للتعقيب على ما قاله مما يخالف الواقع الحالي وشواهد التاريخ بشقّيه البعيد والقريب، وكذلك عشرات - وربما مئات - الدراسات والبحوث والكتب التي تؤكد عكس ذلك. 
هناك الكثير ممن يزعجهم الحديث عن مواصفات سلبية في الشخصية العراقية ويستنفرون للرد والتخوين فيما يبادر البعض الى اسباغ صفات على الشخصية العراقية تقترب بها من جنس الملائكة، وقد يبالغ البعض في ذكر مساوئ لهذه الشخصية تقترب بها من جنس الشياطين، وهنا نكون أمام تجلٍّ واضح لحالة العنف من بين تجليات أخرى عديدة نشهدها يوميا ونقرأ عن مثيلاتها في
تاريخنا.
ليس الحديث عن سلبيات الشخصية العراقية، وعلى رأسها العنف، جلداً للذات، إنما من أجل تشخيص الخلل ومسبباته سعياً لمعالجته من قبل المعنيين الموزعين على قطاعات عديدة.
أما رفض الاعتراف بوجود الخلل والذهاب بدل ذلك الى اختلاق مواصفات غير موجودة فانه يبقي المشكلة قائمة وتداعياتها مستمرة.
قبل كل شيء لابد لنا أن نعترف أن العنف بات جزءاً من ثقافتنا وسلوكنا.
العنف لا تقتصر تجلياته على استخدام السلاح أو اليد في التعامل مع الاخرين، بل تسري الى سلوكيات وأدوات مستخدمة في التعاطي اليومي.
انظروا الى المصطلحات والمفردات التي نستخدمها حتى في أمثالنا وأحاديثنا مثل الذبح (ذبحتني بالحاحك)، والموت(متت من الضحك)، والأمراض الفتّاكة (سرطان يخلصني منك)، وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال لذكرها.
رفض الرأي الاخر هو أحد تجليات العنف، وتكفي جولة في مواقع التواصل الاجتماعي وطبيعة النقاشات لنقف على حجم هذه الظاهرة.
انظروا الى المعاول التي تنهال بالهدم على أي شخص أو رأي أو منجز قبل التدقيق في حقيقته وتفاصيله.
انظروا الى الاهل كيف يعاملون أطفالهم، والى الحماة كيف تعامل كنّاتها.
الأمثلة لا نهاية لها.
عموما هي ظاهرة سلبية رغم اقترانها بصفاة إيجابية عديدة للشخصية العراقية لدرجة انها أصبحت شخصية متناقضة بشدة. 
معالجة العنف لا تقتصر على جهة واحدة، فالاسباب متعددة ومتنوعة، والعلاجات تتنوع تبعاً لذلك، تبدأ من توفير البيئة الحياتية المناسبة، والخدمات وفرص العمل ولا تنتهي بالقوانين الرادعة وقوة التنفيذ.
العنف، بأشكاله المختلفة يعرق، أو يمنع أي تغيير، فلنعترف بوجوده ونبحث في علاجه مبتعدين عن التبجح بحضارة لا نترجمها سلوكاً وبصفات لا جود لها.