مشاريع صغيرة بأيادٍ مبدعة

اسرة ومجتمع 2019/09/28
...

‏‎بغداد/ آية حسين 
 
‏‎من رحم المعاناة يخرج الابداع، هذا ما ينطبق على الفتاة العشرينيّة نور التي استطاعت التغلّب على الصعوبات والمعوّقات وتشقّ طريقها نحو النجاح، اذ بدأت موهبتها منذ الطفولة عندما كانت ترسم شخصيات كارتونية ثم تطورت بمرور السنوات، وبعد إكمالها مرحلة المتوسطة دخلت الى معهد الفنون الجميلة من أجل صقل موهبتها تلك، لكن بحلول عام 2014 ودخول “عصابات داعش” الى مدينة الموصل التي تسكن فيها مرت نور وأسرتها بظروف “قاسية” للغاية،
مع ذلك لم تتوقف عن ممارسة موهبتها وظلت ترسم لوحاتها على اصوات الصواريخ والقذائف وتخفيهن تحت السرير، حالها حال الكثير من الفيتات اللواتي لم تمنعهن ظروفهن القاسية من ممارسة مواهبهن، بل العكس اتخذن من معاناتهن هدفاً لتحقيق احلامهن وطموحاتهن، ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً مميزأ في تسليط الأضواء على مواهبهن ومشاريعن وجذب الزبائن لبعضهن، رغبة منهن في تحسين وضعهن المعيشي وإعانة أسرهن ماديا.
 
دعم الأهل
تقول نور: بعد قيام “عصابات داعش” بإغلاق المعاهد والكليات أصبح التعليم شبه معدوم، مما اضطرني للبقاء في المنزل طيلة وجودهم، وبعد انتقال أسرتي إلى بغداد التحقت بمعهد الفنون الجميلة الموجود في العاصمة، فاحتضن أساتذة المعهد موهبتي وقدموا لي كلّ الدعم والمساندة، فضلاً عن مبادراتهم بافتتاح معرض خاص لي.
‏‎‏‎في حين تساعد ليلى محمد (ربّة منزل) زوجها في تغطية مصاريف اطفالهم بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة، خصوصاً بعد إصابة زوجها بـ (عجز الكلى ) وأسعار علاجه المرتفعة ولكونها لاتستطيع ان تترك صغارها بمفردهم، قررت ان تعمل داخل منزلها في مجال صنع الحُلي للسيدات، تشير موضحة: تمكنت خلال مدة وجيرة من اتقان صنع
الحُلي.
اذ أعمل على تقسيم الوقت بين أعمال المنزل وتلبية متطلبات أسرتي وعملي هذا، إذ بدأت بعرض أعمالي على الاصدقاء والأقارب ونالت إعجابهم، وبعدها قام أخي بعرض بعض منها داخل محله لكونه يمتلك كوزمتك نسائي، ولاقت ايضا الكثير من الاستحسان والقبول من الزبائن من النساء بل زاد الطلب
عليها.
 
مصدر للرزق
‏‎بينما هدى حسين  تقول: “معاناتي حفزتني للعمل” وقد عشقت مهنة الخياطة منذ الصغر، اذ كانت امي تعمل فيها، وأصبحت لديّ رغبة شديدة في تعلّمها واتقانها لاتخاذها كحرفة، وبعد تقدم عمر والدتي واصابتها بالعديد من الامراض التي جعلتها غير قادرة على العمل، وبسبب الظروف الصعبة التي عشناها على اثر ذلك لانها المعيل الوحيد لنا بعد وفاة والدي ولكوني الكبرى بين اخواتي،  قررت العمل في مجال الخياطة من أجل تأمين مصاريف المنزل وتلبية احتياجات اخواتي، وتوفير الاموال لعلاج والدتي فصارت الخياطة مصدر الرزق الوحيد لنا.
 
مواقع التواصل الاجتماعي
اما الثلاثينيّة لمياء علي (ربّة منزل) فلها حكاية أخرى اذ تقول: الاعمال اليدوية كانت هوايتي منذ الطفولة ولكن تركتها بسبب انشغالي بالدراسة ثمّ تعرضت الى ظروف جعلتني اترك مقاعد الدراسة على الرغم من تفوقي بسبب مرض والدي فلجأت للعمل  في مجال الاعمال اليدوية من أجل توفير العلاج؛ ولكوني لا أملك عملا آخر، فقد كان والدي يعمل كاسباً وترك العمل بعد تعرضه الى حادث جعله طريح الفراش. 
وتشير علي موضحة: عملت في مجال كوشات الاعراس واغراض المهر واول من شجّعني على هذا العمل والدي ووالدتي  كنت في بادئ الامر أقوم ببيع اعمالي الى اصحاب المحال الذين يدفعون لي اجوراً قليلة، لكن اقترحت عليّ احدى زميلاتي ان انشر اعمالي على مواقع التواصل الاجتماعي وعن طريقها تمكنت من جذب الكثير من
الزبائن.
 
تحقيق الاستقلاليّة
‏‎تقول: زينب محمد (طالبة جامعية) أحبّ الخط والزخرفة كثيرا ففي السن الثامنة عشرة قررت بعد اكمال دراستي الاعدادية ان اعمل في هذا المجال، فانجزت كتابة البعض من الآيات القرآنيّة  على القماش، وكذلك على الزجاح واقداح الماء وقمت بانشاء صفحة خاصة بأعمالي تلك على مواقع التواصل الاجتماعي  واصبح لديّ العديد من الزبائن، مبيّنةً بقولها: إنّ أخي هو الذي يقوم بتوصيل الطلبات إلى السيدات لأنّ هذا العمل يعود علينا بموارد مالية جيدة، فضلاً عن اكتساب اخي الاموال من خلال توصيله الطلبات وأشعر بالسعادة والرضا لأنني حققت من خلاله نوعا من الاستقلالية.
 
طرق جديدة
‏‎في حين اكتشفت تبارك ناظم (طالبة معهد الفنون) موهبتها ببعض الاعمال اليدوية منذ دخولها الى المدرسة إذ لاقت تشجيعا من معلمتها التي جعلتها تتقن الطرق الجديدة في مجال الاعمال الفنية وتبدع في تزيين الأواني والكتابة على الخشب، وقد ساعدتها على المشاركة بالمعارض داخل المدرسة فضلاً عن بحثها المستمر من  خلال المواقع التواصل الاجتماعي على العديد من المقاطع الفيديوية التعليمية من أجل تطوير موهبتها اكثر. 
وتضيف ناظم: بعدما دخلت الى معهد الفنون شاركت في بازار سكك الحديد العراقية، وكان اول بازار أسهم به وعلى اثرها لم أتوقف عن هذا العمل إذ أصبح مصدر رزق لابأس به بالنسبة لي، ثم أنشأت “بيج” على الفيس لعرض بعض أعمالي
ووصلتني طلبات كثيرة، مما شجّعني على الاستمرار بذلك العمل والتواصل مع الزبائن من الجنسين.