التنمُّر الالكتروني بين الصغار

اسرة ومجتمع 2019/11/11
...

ترجمة: شيماء ميران

 
مشاهدة الطفل وهو يمرُّ بألم نفسي او جسدي بسبب إساءة او تنمّر الكتروني تصيبك بالحزن الشديد. وبعض الآباء والامهات لا يعرفون كيف يبدؤون لحماية أبنائهم من التنمّر والعنف، والبعض الاخر ربما لا يعلم ما اذا كان اطفالهم هم ضحايا ام متفرجين او حتى ممارسين لهذا السلوك المؤذي. وسنتطرق الى بعض النصائح لمعرفة كيفية بدء الحوار مع الاطفال.
يمكننا تعريف التنمّر من خلال ثلاث خصائص، وهي النية والتكرار والقوة. إذ تكون نيّة المتنمّر هي التسبّب بألم سواء كان جسديا او بكلمات او سلوكا مؤذيا، وتكرارها مرارا. واكثر من يتعرّض للتنمّر الجسدي هم الاولاد، بينما البنات يتعرضنَّ للتنمّر النفسي أكثر.
إنّ التنمّر هو نمط سلوكي أكثر من كونه حادثا عرضيا، وعادة ما ينتج التنمّر من إحساس الأطفال بأنّهم بمكانة اجتماعية مرموقة، او يكونون في موقع قوة مثل الأخ الأكبر سنا او الأقوى، او الذين يرون أنفسهم مشهورين.
ويواجه أغلب الأطفال الضعفاء خطورة التنمّر كثيرا، وفي كثير من الاحيان يكونون من مجتمعات مهمّشة او من أسر فقيرة، او غير واضحي الهوية الجنسيّة، او معاقين او مهاجرين او لاجئين.ويمكن أن يحدث التنمّر بشكل جسدي مباشر او عبر الانترنت. وغالبا ما يحدث التنمر الالكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق الرسائل القصيرة او الفورية، او عبر الايميل او اي برنامج آخر يستخدمه الاطفال. وبسبب عدم متابعة الوالدين الدائمة لما يفعله اطفالهم عند استخدام تلك البرامج، فقد يكون من الصعب عليهم معرفة متى يُؤثر التنمّر في اطفالهم.
 
عواقب أليمة
يمكن أن يكون للتنمّر عواقب أليمة وطويلة الامد على الاطفال، ففضلا عن آثاره الجسديّة فقد يواجه الاطفال مشاكل في صحتهم النفسية والعقلية أيضا، ومن بينها الاكتئاب والقلق، ويختلف التنمّر الالكتروني عن الجسدي المباشر بإمكانية الوصول الى الضحية في اي مكان وبأي وقت، وقد يتسبب بأذى عميق لانه قد يصل الى مجموعة واسعة من المتفرّجين. 
وتُشير اتفاقية حقوق الطفل بأنّ التعليم والحماية من كل اشكال العنف الجسدي والذهني والاهانة والاستغلال، ولا يستثنى من ذلك التنمّر، حق لجميع الاطفال.
 
البدء بالوقاية
إذن كيف يمكن أن نتجنّب التنمّر على اطفالنا في مدرسة؟، الخطوة الاولى للحفاظ على سلامتهم هي بتثقيف الاطفال بكل ما يخص التنمّر ليتمكنوا من تمييزه بسهولة، سواء كانوا من يتعرّضون له أو غيرهم.
إنّ التحدث باستمرار وصراحة مع الاطفال يجعلهم يُخبرون عن اي حالة تنمّر بكل ثقة، فمن الواجب تفقّد الاطفال يوميا والسؤال عن اوقاتهم في المدرسة ونشاطاتهم على الانترنت، والاستفسار عن مشاعرهم وليس دروسهم ونشاطاتهم فقط.
ويجب مساعدة الطفل ليكون قدوة ايجابية. فهناك ثلاثة اطراف في التنمّر وهم الضحية والمنفذ والمتفرّج، فحتى ان لم يكن الطفل ضحية للتنمّر فيمكنه منع ذلك بأن يتعاطى ايجابيا مع اقرانه ويحترمهم ويكون لطيفا معهم. وفي حال شهِدَ الاطفال حالة تنمّر فيمكنهم مساندة الضحية وتقديم الدعم لها والسؤال عن سبب ممارسة هكذا السلوكيات.
كما ينبغي مساعدته في بناء ثقته بنفسه، وتشجيعه للانضمام في صفه والمشاركة في النشاطات التي يحبها في مجتمعه، فذلك سيساعده على إيجاد مجموعة اصدقاء يشاركونه الاهتمامات نفسها.
وبسبب إقتداء الطفل بوالديه في كيفية التصرّف وما ينشرانه على الانترنت، فعليهما ان يُبيّنا له كيفية التعامل مع الاطفال الاخرين والبالغين بودٍّ واحترام من خلال تعاملهما الطيب مع الاشخاص المحيطين بهما، بضمنها عدم السكوت عند مشاهدة تعرض الاخرين لسوء معاملة.
وعلى الاهل معرفة البرامج التي يستخدمها اطفالهم، وان يوضحوا لهم ان الانترنت والواقع عالمان مرتبطان ببعضهما، ويحذرونهم من المخاطر المختلفة التي قد يواجهونها على الانترنت.
 
دلائل التعرّض له
ينبغي مراقبة الطفل عن كثب، وملاحظة انفعالاته، لان بعض الاطفال لا يعبرون عن قلقهم بشكل شفوي. والبحث عن بعض الدلائل كوجود كدمات وخدوش غير المبررة او جروح ملتئمة، خوف الطفل من الذهاب الى المدرسة او المشاركة في الاحتفالات المدرسيّة، قلة الاصدقاء داخل المدرسة وخارجها او فقدانه لاصدقائه بشكل مفاجئ او تجنّبه الذهاب الى المراكز الاجتماعية، كثرة ضياع ثيابه او تكسّر العابه الالكترونية او اشيائه الخاصة، طلبه للنقود بكثرة وتراجع ادائه المدرسي وتغيّبه 
عنها.
محاولة البقاء بالقرب من الكبار، واصابته بالارق ورؤية الكوابيس عند النوم، الشكوى دائما من ألم في الرأس والمعدة او من امراض جسدية اخرى او الاصابة بالاكتئاب بشكل منتظم وبدون تفسير منطقي. ويمكن ان يصبح الطفل كتوم على غير عادته وبالاخص عندما يتعلق بنشاطات الانترنت او يصبح عدائيا فجأة او يمر بانفجارات غاضبة. لذلك ينبغي التحدث بصراحة مع اطفالكم حول ما يرونه من سلوك جيد وسيء في المدرسة او في المجتمع او على الانترنت، لانّه سيشعرهم بالراحة ويدفعهم للحديث عما يحصل في
 حياتهم.
 
العلاج منه
ويكون ذلك من خلال الاستماع للطفل بصراحة وهدوء والحرص على دعمه والتأكيد على أنّه غير مخطئ. إخبار الطفل بانه صادق، وامتنان والديه لانّه اخبرهما وانهما سيفعلان ما بوسعهما لمساعدته. كما يجب اطلاع المعلّم او إدارة المدرسة فمواجهة التنمّر لا تقع على عاتق الطفل وذويه فقط، ودعم الوالدين للطفل ومساندته أمر اساسي في التعامل مع آثار التنمّر.
واذا عَلِمَ الاهل ان طفلهم يتنمّر على اصدقائه، فمن المهم ان يتذكروا انه ليس سيئا بالفطرة، لكن هناك عدة اسباب لتصرفه، فقد يكون مجرد رغبته بأن يتعاطى مع محيطه او بحاجة الى الاهتمام، او لاكتشاف كيفية التعامل مع المشاعر المعقدة. وفي بعض الحالات يكون المتنمّرون أنفسهم ضحايا، او يشهدون ممارسة عنف داخل المنزل او في مجتمعاتهم. لذا فهناك عدة خطوات يجب اتخاذها لمساعدة الطفل على التوقف عن التنمّر ومن بينها التواصل مع الطفل ومعرفة السبب وراء هذا السلوك لمعرفة كيفية مساعدته، فهل هو عدم شعوره بالامان في المدرسة؟، ام هل يتشاجر مع اصدقائه واخوانه 
واقربائه؟. 
فان لم يكن لديه مشكلة تُفسّر سلوكه اذن فينبغي استشارة اخصائي اجتماعي او متخصص في الصحة النفسية الذي يكون مدربا على التعامل مع 
الاطفال.
وكذلك على الوالدين مراجعة تصرفاتهما، فالاطفال المتنمرون غالبا ما يقلّدون ما يعيشونه او يرونه داخل المنزل، وعلينا السؤال هل يتعرّض الطفل الى سلوك مؤذٍ جسديّا او نفسيّا من والديه او من أي شخص آخر يقوم برعايته؟.إنّ إعطاء الفرص وشرح العواقب من شأنه ان يُقُوّم الطفل. فاذا اكتشف الاهل ان الطفل كان متنمّرا، فمن المهم ان يبيّنوا له العواقب غير العنيفة الملائمة لفعله، وهذا يمكن ان يحد من ممارساته، وخصوصا تلك التي تشجع التنمر (التجمعات الاجتماعية، وقت التلفاز او الانترنت). وينبغي تشجيع الطفل على الاعتذار من اقرانه وإيجاد الطرق له لمعرفة حدوده في المستقبل.
 
عن موقع منظمة اليونسيف