بغداد/ فجر محمد
(العالم برتقالي) شعار أطلقته هيئة الأمم المتحدة هذا العام في اليوم الدولي الخاص بالعنف ضد المرأة وذلك إنصافاً منها للنساء اللواتي تعرضن الى القهر والاضطهاد في مختلف العصور والأزمان خصوصاً في النزاعات المسلحة والحروب، ففي العراق عانت النساء، لا سيما المرأة الايزيديَّة من بطش عصابات داعش الإرهابيَّة، فكم من فتاة صغيرة لا يتجاوز سنها العشرة أعوام اغتصبت على أيدي الإرهابيين من دون رحمة أو شفقة.
النائب عن المكون الايزيدي في مجلس النواب العراقي صائب خدر اشار الى تعرض الكثير من الايزيديات في الفترة التي احتل فيها الدواعش الإرهابيون قراهن في شمال البلاد، فضلا عن اختطاف اكثر من ستين الف ايزيدي غالبيتهم من النساء والاطفال، كما يروي كيف تم تسلم فتاة تبلغ اثني عشر عاما من سوريا وهي حامل بطفل مجهول النسب.
تحقيقات استقصائية
بحسب التقارير والتحقيقات الاستقصائيَّة وجد انه في سوريا واثناء النزاعات المسلحة وهجوم عصابات " داعش " الإرهابيَّة على المدن قامت اكثر من أسرة باستئصال ارحام بناتهن المتخلفات عقلياً خوفاً عليهن من عمليات الاغتصاب الوحشيَّة التي كانت تهدد الفتيات والنساء آنذاك، ورصد أحد المواقع الالكترونية ولمدة ستة اشهر من خلال تحقيق استقصائي حالات استئصال ارحام فتيات مصابات بالتخلف العقلي اذ لجأ ذوو اولئك الفتيات الى تلك العمليات خوفا من بطش داعش وعمليات الاغتصاب التي قد يتعرضن لها تارة وامكانية حملهن بطفل من الدواعش تارة
اخرى.
عمليات بيع وشراء
وفي تقارير أخرى تبين انه في اقليم بادغستان الافغانستاني يظهر الفقر بشكل جلي وواضح مما دفع الاباء الى بيع بناتهم باسم الزواج، وتذكر احدى الصحف العربية حادثة بيع طفلة في الثانية عشرة من عمرها، اذ باعها أبوها مقابل 400 ألف أفغانية (5200 دولار أميركي)، وأضاف المصدر ان الأب ألبس ابنته ثياباً جديدة ثم سلمها مع بعض من ذويه لرجل متزوج يكبرها بكثير، بينما هي تبكي وتصرخ، من دون
مجيب.
كما تبين التقارير أن زواج الأطفال المبكر جداً أو بيع الأطفال هو أحد أعراض مشكلة اجتماعية أعمق وأكثر تعقيداً تتعلق بالفقر ونقص العمل وأساسيات العيش فضلا عن الأعراف السائدة والدوافع الاقتصادية والمشكلات التي تواجهها النساء في الدول النامية، إذ يتم بيع فتيات تتراوح أعمارهن بين 8 و12 عاماً لرجال مسنين من أجل سداد الديون أو حتى توفير القوت
للأسرة..
وتشير التقارير والدراسات الى ان هناك انواعاً من العنف منه الجسدي الذي يعدُّ من أكثر أنواع العنف انتشاراً ضد المرأة، وعادةً ما يتسبّب به زوجها أو أحد أفراد أسرتها من الذكور، ويشمل هذا النوع من العنف أيّ أذى جسدي يَلحق بالمرأة، سواء كان اعتداءً بالضرب أو باستخدام آلة، وتترتب عليه مخاطر صحيّة ونفسية كبيرة للضحية، وقد يتسبّب في بعض الأحيان بوفاة الضحيّة نتيجة القوة المُفرِطة والضرب المُبرِح الذي تعرّضت له، وكذلك العنف اللفظي والنفسي المُمارَس ضد المرأة من خلال ألفاظ مُهينة أو شتائم تنتقص من قدرِها، بالإضافة إلى التهديد اللفظي وسوء المعاملة، ويشمل ذلك التهديد بالطلاق، وللعنف النفسي آثار سلبية تنعكس على نفسية المرأة، بالرغم من عدم وجود آثار واضحة، إلا أنه يؤدي إلى إصابة المرأة بأمراض نفسية حادة
كالاكتئاب.
تشريعات قانونية
الاكاديمية والناشطة المدنية والقانونية الدكتورة بشرى العبيدي اشارت الى وجود العديد من التشريعات القانونية المجحفة بحق المرأة منها من يحتاج الى تعديل واخرى لابد من الغائها ففي قانون العقوبات العراقي لعام 1969فيما يخص بجرائم الاغتصاب والتحرش لم تكن العقوبة رادعة بالفعل
، ومن الجدير بالذكر ان النساء كن ضحايا للنزاعات المسلحة اذ تعرضن للتعنيف، فضلا عن ذلك ظهور جرائم الابتزاز والتحرش الالكتروني وكم من ناشطة مدنية وحقوقية تعرضت الى السب والشتم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ولم تتم محاسبة المسؤول عن هذا
الامر.
ومن الجدير بالذكر ان هناك عقوبات نصت عليها القوانين هي بمثابة مبررات قانونية لافلات الجناة من جرائمهم ومنها امكانية تزويج الضحية من مغتصبها وهذا القانون موجود في التشريعات العربية باستثناء لبنان والاردن وتونس اذ قامت بالغائه تماما من لوائحها القانونية تكريما وانصافا للضحية والامر ينطبق على جرائم غسل العار التي تم الغاؤها هي الاخرى من قوانين تلك البلدان، في حين مازالت سارية المفعول في بلداننا بحجة التقاليد والعادات السائدة في المجتمع.
تحديات كبيرة
الباحث بالشؤون الاجتماعية الدكتور ولي الخفاجي يرى ان المرأة العراقية تحدت ظروفها بكل قوة وشجاعة وتبوأت اماكن مهمة ومناصب قيادية، ومما زاد من عزيمتها وجود الاتفاقيات التي تحميها ومنها سيداو التي سنت لتوفر الحماية والمساواة للنساء ، وعلى الرغم من ذلك الا ان الانتهاكات بحق النساء مازالت موجودة لذلك فنحن بحاجة الى وقفة جادة
لحمايتهن.
كما يشار الى ان هناك العديد من العوائل التي تتعامل مع بناتها بنظرة دونية وتفضل الذكور عليهن وتنشأ الفتاة داخل اسرتها وهي مهمشة وغير قادرة على اتخاذ القرارات ومنهن من تنشأ وهي خجولة اجتماعيا اومنطوية على ذاتها واخرى تكون عدوانية في طريقة تعاملها ، كما ان هناك الكثير من اولياء الامور يتعاملون مع بناتهم بالعنف ومنعهن من الدراسة وتطوير الذات، لذلك من الضروري ان يتم بناء الفتاة بشكل صحيح كي تكون عنصرا فاعلا
بالمجتمع.
رؤى نسوية
العبيدي لفتت الى ان هناك ورقة ضمن رؤى وتطلعات نسوية وضعتها عدد من الناشطات النسويات من اجل النهوض بواقع المرأة وتم تقديمها الى ممثلة الامم المتحدة في العراق، واشارت تلك الورقة الى ضرورة مشاركة المرأة في مواقع صنع القرار بنسبة لاتقل عن 50 بالمئة وليس الهدف هو الكم فقط بل لابد من اختيار نساء قادرات على شغل مناصب قيادية في مختلف مفاصل الدولة وألا تستثنى من أي وظيفة أو موقع
مهم.
تجارب ناجحة
ندى أيمن (ناشطة في إحدى المنظمات النسويَّة) توضح أنَّ "هناك الكثير من المعوقات التي تقف بوجه المرأة ولكن لا بدَّ من تجاوزها والمضي قدماً من أجل بناء وطنها بجانب أخيها الرجل، كما أنَّ الكثير من النساء في البلاد عانت من العنف والتهميش خصوصاً في فترات الحروب وظهور عصابات داعش الإرهابية التي قامت بأسر العديد منهن ولم يعرف مصيرهن حتى الآن، ومع هذا لا بدَّ من الاقتداء بالتجارب الناجحة التي تمثلت بخروج النساء في دول العالم المختلفة من ويلات الحروب ومآسيها ليصنعن بصمودهن وبطولاتهن صوراً مشرفة.