لندن / وكالات
بالرغم من تقارب النسب الكبير في استطلاع الرأي بين قبول ورفض خروج لندن من كتلة الاتحاد الاوروبي، وبعد مفاوضات شاقة قادتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مضيا في طريق تحقيق اتفاق “بريكست” الذي صوت عليه البريطانيون في استفتاء رسمي لصالح خروج بلادهم من دول الاتحاد، وافق القادة الأوروبيون امس الأحد الموافق 25 من تشرين الثاني من عام 2018 على اتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
اذ شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل امس الاحد انعقاد القمة الأوروبية للتصديق على اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد، لكن ذلك لن يشكل نهاية المعضلة، فالاتفاق لا يزال بحاجة لموافقة البرلمان، الذي يضم معارضين لتفاصيل “بريكست”.وبعد 18 شهرا من المفاوضات، التي شهدت أيضا مطالبة إسبانيا في اللحظات الأخيرة بضمانات في ما يتعلق بدورها بشأن مستقبل جبل طارق، أقر زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد وعددها 27 دولة، شروط الانسحاب ويضعون الخطوط العريضة لمستقبل العلاقات بين الاتحاد والمملكة المتحدة.تصريحات اوروبية
بدوره قال رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك: “صدّق القادة الأوروبيون على اتفاقية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.وأضاف توسك بعد أقل من ساعة على بدء انعقاد القمة الاستثنائية للقادة الأوروبيين “قادة الدول الأعضاء الـ27 وافقوا على اتفاق خروج بريطانيا، وإقرار إعلان سياسي للعلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي ولندن”.وقال رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، في تصريحات للصحفيين: “هذا يوم تعيس جدا لنا لأننا نرى بلدا كبريطانيا يغادر الاتحاد الأوروبي، هذه لحظة حزينة”، متابعا “صوت بنعم لأنه افضل اتفاق حققناه”.
وأضاف يونكر “الاتحاد الأوروبي لن يغير رأيه بشأن القضايا التي اتفقنا عليها”، موضحا “أعتقد أن البرلمان البريطاني برلمان حكيم ويعرف ما عليه فعله، لذلك أتوقع أن يصوت بنعم أيضا”.وأكد رئيس المفوضية الأوروبية “نريد أن نبقى في حوار مستمر مع بريطانيا في ما يخص القضايا والمواضيع المشتركة بيننا”.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “لم تكن الخيارات سهلة منذ عامين، سنواصل عملنا من أجل الانتخابات الأوروبية المقبلة علينا البقاء كقوة مشتركة وموحدة”.
وأضاف ماكرون “أشكر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشيل بارنييه على ما قام به من جهد، يجب أن يكون هناك قوانين خاصة بالمنافسة والصيد، ويحب أن تخضع هذه الأنشطة لقوانين مشتركة بيننا وبين لندن”.
وأكد الرئيس الفرنسي “هذا ليس يوما حزينا، ولا سعيدا، علينا أن نحترم قرار الشعب البريطاني، لقد اتخذوا قرارا سياديا”.
بينما قال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشيل بارنييه: “هذا الاتفاق هي خطوة ضرورية لبناء الثقة بين لندن وأوروبا”، مؤكدا “ستبقى بريطانيا حليفة للاتحاد الأوروبي وشريكة قوية له”.وأضاف بارنييه “عملت بجد أنا وفريقي وفريق مفاوضي بريطانيا من خلال تعاوننا كدول أعضاء، لقد عملنا مع بريطانيا وليس ضدها”.بينما قال رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني: “سيصوت البرلمان الأوروبي على الاتفاق في كانون الأول أو كانون الثاني، لا أعرف بالضبط”، متابعا” غالبية الأعضاء سيصوتون لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد”.وأضاف تاجاني “تصويتنا لصالح خروج بريطانيا سيكون رسالة لأعضاء البرلمان البريصطاني بأن هذه أفضل اتفاقية بيننا”، مؤكدا “أنا متفائل بأن البرلمان البريطاني أيضا سيصوت لصالح الاتفاق”.ولفت تاجاني “من المهم العمل بعد بريكست للعلاقات بيننا، فيجب أن نعمل معا على قضايا أخرى في المستقبل والاقتصاد ولمكافحة الإرهاب وغيرها”.
كانت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أكدت في تصريحات نقلتها “تلغراف” “ستكون صفقة بريكست ملبية للمصالح الوطنية وتصب في مصلحة البلد والشعب، بغض النظر لمن صوتوا لصالح الانسحاب أو البقاء”. بدورها صرحت رئيسة ليتوانيا داليا جريباوسكايتي بعد الجلسة “تم إقرار اتفاق خروج بريطانيا لكن طريق عملية الخروج ما زال
طويلا”.
بنود الاتفاق
وكانت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي اتفقا الأسبوع الماضي على وثيقة من 585 صفحة تختتم شروط رحيل بريطانيا. وانتهت القمة بالمصادقة على اتفاق خروج لندن من الاتحاد الأوروبي ليدخل بذلك القرار حيز التنفيذ في 29 آذارالمقبل.وشملت بنود “اتفاق الانسحاب” غي المسبوق الذي استمرت المفاوضات المضنية بشأنه بين لندن والمفوضية الأوروبية 17 شهرا، نحو 60 صفحة تضمنت إعلانا سياسيا ملحقا بالاتفاق حول العلاقة المستقبلية التي يأملون فيها بين الطرفين. وعرض الاتفاق أولا على الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ثم تنضم إليهم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للتأكد من موافقة الجميع على النص.
قلق دولي
في الوقت نفسه عبرت دول أخرى أعضاء في الاتحاد في نهاية المفاوضات عن قلقها وطلبت ضمانات في مجالات أخرى مثل حقوق صيد السمك في المياه الإقليمية البريطانية في المستقبل.وهذه القضية لم تحل في اتفاق الانسحاب الذي ينص على ضرورة التوصل إلى تفاهم بشأنها بحلول منتصف 2020. لكن مصدرا أوروبيا قال: “سيكون هناك إعلان في محضر المجلس الأوروبي الذي سيؤكد أنها قضية تشكل أولوية” لدى الدول الـ27.وهذا الإعلان سيتضمن قضايا أخرى تتعهد فيها الدول الـ27 بالتزام الحذر حيال لندن في تطبيق الاتفاقات المتعلقة بها، مثل المنافسة النزيهة في المجال الاقتصادي.ويحل اتفاق الانسحاب خصوصا قضية الفاتورة التي يفترض أن تدفعها لندن إلى الاتحاد الأوروبي بدون أرقام، وينص على حل مثير للجدل لتجنب العودة إلى حدود مادية بين إيرلندا ومقاطعة لإيرلندا الشمالية البريطانية. وهذه النقطة كانت موضع انتقادات جديدة من قبل وزير الخارجية السابق بوريس جونسون الذي صرح في بلفاست امس أن ذلك سيحول إيرلندا الشمالية “مستعمرة اقتصادية للاتحاد الأوروبي”، كاشفا بذلك عن الأوقات الصعبة التي تنتظر ماي للدفاع عن الاتفاق في المملكة المتحدة.