الزراعة والصناعة تقطفان ثمار حملة {دعم المنتج الوطني»

ريبورتاج 2019/12/27
...

بغداد/ رلى واثق
 
بعد سنوات من الاعتماد على استيراد مختلف البضائع من الأطعمة والملابس والمزروعات والكماليات وغيرها، عاد العراق لفتح معامله وزراعة أرضه بدعم أبنائه بعد إطلاقهم لحملات دعم المنتج الوطني حباً بالعراق ودعماً لاقتصاده ورغبة منهم بعودة عبارة (صنع في العراق) مرَّة أخرى للأسواق في المرحلة الحاليَّة على الأقل لسد الحاجة المحليَّة، والهدف الآخر تصدير منتجاتنا الى العالم.ليس هذا فحسب وإنما إعادة الحياة الى المعامل والمزارع سيعمل على تشغيل الأيدي العاملة.
معامل منتجة
رئيس اتحاد الصناعات العراقيَّة علي الساعدي يبين: "هناك فرقٌ بين مفردات تعطيل ومعطل في ما يخص المعامل، فبمجرد أنْ يُفسحَ المجال أمام منتوجاتها فالخطوط والعمل موجودان، نحتاج فقط الى سوق، الآن وبمساندة حملة "دعم المنتج الوطني" تمت إعادة الحياة الى الكثير من المعامل، خصوصاً بعد أنْ لاقت منتجاتنا رواجاً كبيراً من قبل المستهلك".
ويضيف: "نحتاج خلال هذه المرحلة والمراحل اللاحقة الى تفعيل قوانين خدمة للمنتج الوطني ومنها ما يتعلق بالجمارك والتقييس والسيطرة النوعيَّة بفحص المنتجات المستوردة وتطبيق القوانين ذاتها التي تطبق على المنتج الوطني".
ويوضح الساعدي: "في ما يخص استيراد الملابس وما يتعلق بالموضة فنحن لا نطالب بمنع الاستيراد وفرض المنتج المحلي، ولكنْ ندعو الى فرض الجمارك على المستورد، وبذلك لا يكون المستورد بأسعار مخفضة قياساً بالمنتج المحلي فيُهملُ وتصد الأنظار عنه رغم جودة الصناعة، هذا وانَّ فرض الجمارك له فائدتان؛ الأولى زيادة موارد البلد والأخرى ضمان دخول المنتج الوطني لسوق المنافسة".
وتطرق الساعدي الى العقبات التي توضع أمام المنتج الوطني والمتمثلة بارتفاع أسعار (الكاز) لتشغيل المولدات وانقطاع التيار الكهربائي عن المعامل، والتقيد بالمواصفات القياسيَّة، مع ارتفاع أسعار المواد الأوليَّة وارتفاع أجور العمل، وبذلك نحن بحاجة الى جهات حكوميَّة تدعم المنتج الوطني ومؤمنة بضرورة تشغيل المعامل العراقيَّة لامتصاص البطالة ودعم الاقتصاد العراقي.
 
مواصفات عراقيَّة
مدير إعلام دائرة التقييس والسيطرة النوعيَّة عامر محمد يؤكد أنَّ "المنتج الوطني يخضع للمواصفة العراقيَّة والأمر ذاته ينطبقُ على البضائع المستوردة، إذ نتعامل وفق برنامج مع التجار بواسطة الشركات الفاحصة الأجنبيَّة، فالتاجر الذي يورد سلعة للعراق تكون ضمن المواصفة العراقيَّة، وبدأ العمل بهذا البرنامج منذ 2011، ضمن برنامج أطلق عليه اسم (الفحص والتفتيش قبل التوريد)، وحالياً تم التجديد مع أربع شركات".
وعن دعم المنتج الوطني تحدث محمد بقوله: "إذا كان المنتج الوطني مطابقاً للمواصفة العراقيَّة ويغطي حاجة السوق، فبالتعاون مع الأجهزة الرقابيَّة كالمنافذ الحدوديَّة والجمارك ووزارة الصحة نمنع استيراد تلك السلعة، وهذا ما حدث قبل ثلاثة أشهر، إذ تم منع استيراد مادتي الملح والشعريَّة لتعهد أصحاب المعامل العراقيَّة بسد حاجة السوق وبعد الفحص من قبل فرق التفتيش وأخذ العينات أثبت جودته ومطابقته.. وهذا الأمر ذاته طبِّقَ على مادة الاسمنت، التقييس والسيطرة النوعيَّة موجودة ليست فقط لحماية المستهلك وإنما لحماية المنتج الوطني ودعمه ورغبة بإعادة العمل بجميع معاملنا".
أما في ما يتعلق بظاهرة الغش الصناعي فيقول: "تم التعاون مع شعبة الجريمة الاقتصاديَّة وتزويد القضاة بالعلامات التجاريَّة المزورة، وإجراءات أخرى أكثر صرامة للقضاء على ظاهرتي الغش الصناعي والتجاري".
واستدرك محمد عن موضوع صلاحيَّة المنتج الغذائي محذراً المستهلك بقوله: "لا بدَّ أنْ يتجنب المستهلك تناول المنتجات الغذائيَّة، لا سيما الألبان منها (الاكسباير)؛ أي المنتج الذي ستنتهي صلاحيته قريباً، لذلك المنتج العراقي نحرص ألا يحوي موادَّ حافظة ولا يكون هناك فرقٌ كبيرٌ بين إنتاجه وصلاحيَّة انتهائه حفاظاً على صحة المستهلك، وعليه وضعنا شرطاً على التجار المستوردين للألبان والمنتوجات المجمدة تورد تلك المنتجات للعراق في الربع الأول من تاريخ الإنتاج، وذلك لاختلاف ظروف العراق من انقطاع للتيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وسوء التخزين في بعض الأحيان".
 
استقرار اقتصادي
مدير عام دائرة العمليات الماليَّة وإدارة الدين في البنك المركزي محمود داغر يقول: "عالمياً ينعكس الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي على أسعار صرف العملة، باعتبار أنَّ العملات هي من تعمل على تسهيل أمور الحياة اليوميَّة، وهذا ما موجود حالياً في العراق، وأنَّ ارتفاع أسعار الصرف بمقدار نمرة أو اثنتين والعكس لا يعني عدم استقراره، وحتى الآن لم يرتفع سعر الدينار العراقي عن 1 بالمئة صعوداً أو نزولاً، فهو ما زال ضمن المدى (1190 ـ 1205) وفي أشد الأيام صعوداً لم يرتفع عن (1210)، هذا ووفق صندوق النقد الدولي طالما لم يرتفع سعر الصرف عن 2 بالمئة فهو طبيعي".
ويوضح: "استشعار تأثر منظومة الأسعار يكون في السوق وحركته، وهذا يكون واضحاً في أسواقنا كوننا نستورد جميع السلع من الخارج، وكان لا بدَّ أنْ تتأثر الأسعار صعوداً، لكنَّ هذا لم يحصل".
وتابع: "نحن الآن وضمن الإجراءات التنسيقيَّة مع الجمارك، متأسفاً لضعفها، لكنْ مع كل ذلك تشهد انخفاضاً للاستيراد خصوصاً بعد ظهور المنتج الوطني وحملة الترويج الإعلامي له دعماً للمنتج الصناعي والزراعي، فلو تمكنا من السيطرة على سعر الصرف من جهة والجمارك قامت بدورها في حماية المنتج الوطني سيكون لذلك تأثيرٌ إيجابيٌّ في الاقتصاد العراقي بشكل عام".
 
الزراعة عراقيَّة
وزير الزراعة الدكتور صالح الحسني قال في تعليق نشرته الوزارة واطلعت عليه الصباح: "وزارة الزراعة عملت على منع الاستيراد للمحاصيل الزراعيَّة والمنتجات الحيوانيَّة بشكل تدريجي حتى وصل مجموع المفردات الممنوعة من الاستيراد لوفرة المنتج المحلي الى 23 محصولاً نباتياً ومنتجاً حيوانياً، واستطعنا توفير الأموال الطائلة التي كانت تصرف على الاستيراد، إذ وفرنا 150 مليار دينار فقط من منع استيراد التمور وهذا مثالٌ واحدٌ من الكثير".
ويستطرد: "بدعم من الوزارة مع الفلاحين والمزارعين ومن أجل إنجاح موسم الزراعة فقد وصلت المساحات المزروعة الى أكثر من 16 مليون دونم بالعديد من المحاصيل الزراعيَّة ذات الهويَّة العراقيَّة، وهذا ما حصل أيضاً بعد منع استيراد البيض، إذ صار العرض أكبر من الطلب وبالتالي انخفض سعر طبقة البيض الى الحد الطبيعي، وهذا ما كنا نسعى إليه".
ورحب الحسني بحملة (دعم المنتج الوطني) بقوله: "هذه الحملة جاءت مكملة لعمل وزارة الزراعة، فلولا دعمكم وتفهمكم لانتصرت أبواق الفساد ونالت من عملنا"، راجياً "الاستمرار بهذه الحملة وصولاً لتطبيق شعار (الزراعة عراقيَّة).
 
مليارا دولار
الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني يؤكد: أنَّ "قيمة خسائر كل دولة كانت تصدر منتوجاتها للعراق بلغت نحو ملياري دولار، وأنَّ حملة دعم المنتجات الوطنيَّة ومقاطعة المستورد وأبرزها المواد الغذائيَّة، أسهمت بإعادة الحياة للمنتج الوطني".
ويتابع: "هنالك الكثير من الأسواق المنتشرة في عموم بغداد والمحافظات أكد أصحابها أنَّ المستهلكين بدؤوا بشراء المنتجات الغذائيَّة والتي تنتج داخل العراق، وأحجموا عن شراء المواد المستوردة من جميع المناشئ رغم تخفيض أسعارها بشكل كبير"، مبيناً أنَّ "الشركات المحليَّة المنتجة لتلك المواد أصبحت تتلقى طلبات لحجز تلك المواد والتي قد يتطلب وصولها أسبوعاً أو أكثر بسبب كثرة الطلبات وتوزع لمنتجاتها لبعض الأسواق وليس جميعها".
وأردف: "تلك الحملة التي دعمها الشباب أثبتت نجاحها وأدت الى تحسين الإنتاج عن طريق اعتماد طرق تسويق وتصاميم جديدة وجعلت أغلب المصانع تعمل بكامل طاقتها وخطوطها الإنتاجيَّة، مع دعم وزارة الزراعة بعد منعها دخول 33 منتجاً مستورداً الى العراق نظراً لكفايَّة المنتج المحلي، وإسهام ملاكات الجمارك والمنافذ الحدوديَّة في هذه الحملة بالتشديد على منع إدخال تلك المنتجات الزراعيَّة".
والمح المشهداني الى أنَّ "الخسائر المتوقعة لكل دولة بسبب هذه الحملة تقدر بملياري دولار بسبب توقف غالبيَّة المصانع والمزارع التي استحدثت قبل سنوات لتصدير منتجاتها الى العراق"، مطالباً الحكومة بضرورة دعم المصانع العراقيَّة وأصحابها بتخفيض تكاليف الإنتاج من الطاقة الكهربائيَّة والمشتقات النفطيَّة والسماح بدخول المواد الأوليَّة، فضلاً عن توفير القروض، إذ يمكن لأصحاب المصانع الانتقال الى صناعات مكملة للمحليَّة العراقيَّة وخفض أسعار الإنتاج الموجود في الأسواق خلال ستة أشهر من تطبيق هذه النقاط.