تشجيع الاقتصاد المعرفي

العراق 2018/11/26
...

 
سعد الطائي
 
تقوم النظرية الاقتصادية التقليدية على ان عوامل الإنتاج الرئيسة تتمثل بـ (رأس المال ، القوى العاملة، الأرض)؛ وهي طالما شكلت العوامل والمرتكزات للاقتصاد الزراعي والصناعي فيما بعد، حتى جاءت مرحلة ما بعد الثورة الصناعية ونتيجة التطورات الهائلة ظهر اقتصاد جديد يقوم على المعرفة ويستند عليها في جميع مفاصله ومرتكزاته يسمى الاقتصاد المعرفي.
ويقوم هذا الاقتصاد على المعرفة فهي عامل الإنتاج المهم، فالفكر والعلم والابتكار والابداع والذكاء هو رأس المال الذي يمكن استثماره، وبواسطته يمكن الحصول على مردودات اقتصادية كبيرة. وينتمي اقتصاد المعرفة لمرحلة ما بعد الصناعة وهي المرحلة التي تلت الثورة الصناعية وتم الاهتمام برأس مال المعرفة وما نتج عن ذلك من ظهور الثورة التكنولوجية والمعلوماتية حتى وصلت الى ما عليه الان من سيادة لهذا القطاع التكنولوجي والمعلوماتي على الأسواق العالمية، فهو يأتي في مقدمة القطاعات الاقتصادية سواء الصناعية او الزراعية او التجارية او الخدمية. وقد وصلت نسبة مساهمة قطاع الاقتصاد المعرفي الى 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول العالم، في إشارة واضحة لمدى أهمية هذا القطاع الرائد.
ويرتكز القطاع المعرفي على المعلوماتية والابتكار والابداع والذكاء، وهو يقوم على رأس المال البشري المتميز الذي يمكن ان يكون قاطرة للمجتمع في نموه وتقدمه وتطوره الاقتصادي والعلمي. وقد شهد قطاع الاقتصاد المعرفي توسعاً كبيراً مع زيادة التوسع باستخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتوسع الكبير في استخدام تقنيات المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة في حياة افراد المجتمع.
وفي بلدنا يتوجب على الجهات المختصة العمل على الاستثمار والاهتمام بالاقتصاد المعرفي لما له من أهمية ودور كبيرين في تطوير اقتصادنا الوطني بشكل عام ولأهميته في مواكبة التطورات الحاصلة في هيكلية الاقتصاد العلمي حالياً والذي يتجه الى تطورات كبيرة ومتسارعة بفعل التطورات الحاصلة في المجالات التكنولوجية 
ولمعلوماتية.
إن الاستثمار في اقتصاد المعرفة سيأتي بفوائد كثيرة للاقتصاد العراقي منها انه يوفر الكثير من فرص العمل لاسيما لرأس المال البشري المتميز والمبدع والمبتكر والمتمثل بالعقول والطاقات المبدعة لاسيما فئة الشباب الخريجين وبما يسهم في التقليل من معدلات البطالة بين هذه الفئة المهمة في المجتمع والقادرة على تقديم الكثير من المنجزات التي يمكن ان تسهم في تطوير واقع المجتمع بواسطة ما يمكن ان يقدموه من مبتكرات ومنتجات في مختلف المجالات العلمية والحياتية والتكنولوجية. 
كما انه يعد استثماراً علمياً مستداماً في مجال العقول البشرية المبدعة والمتميزة في البلد وبما يحافظ على هذه الطاقات والتي تمثل ثروة 
لمجتمعنا. 
كما ان الاستثمار في اقتصاد المعرفة سيأتي بفوائد لاقتصادنا من ناحية تقليل معدلات الاستيراد من خارج البلد وما تكلفه من مبالغ مالية كبيرة سنوياً تذهب في استيراد هذه التقنيات التي يمكن تصنيعها محلياً اذا ما تم الاستثمار في مجالها. 
كما انها يمكن ان تعمل على دعم الاقتصاد الوطني بواسطة المداخيل المالية التي سوف تنتج عنها والتي يمكن ان تسهم في تحسين الموازنة العامة للدولة، فضلاً عن ان الاستثمار في اقتصاد المعرفة يساعد على دمج الاقتصاد الوطني مع الاقتصادات المتقدمة والاستفادة من المزايا الاقتصادية والمالية في التبادلات مع اقتصادات الدول المتقدمة وبما ينعكس ايجاباً على اقتصادنا 
الوطني.
إن الاستثمار في اقتصاد المعرفة يعد خياراً ستراتيجياً يجب الاقدام عليه والاهتمام به ويتطلب ذلك العمل على إقامة البنى التحتية القوية والواسعة له في بلدنا، والتي تتمثل بداية في تطوير التعليم في جميع مراحله والتركيز والاهتمام بالاختصاصات العلمية والتقنية والتوسع بها وتشجيع الباحثين باستثمار نتائج بحوثهم في المجال التطبيقي وتحويل هذه النتائج الى منتجات ملموسة يمكن استثمارها وتصديرها والحصول على مردودات مالية بواسطتها.
كما يجب استثمار الاختراعات التي يقدمها المخترعون وتحويلها الى سلع ومنتجات قابلة للاستثمار والافادة منها اقتصادياً، كما ينبغي توفير المناخ الملائم لهذه الطاقات المتميزة وتوفير رؤوس الأموال اللازمة لإقامة هذه البنى والمشاريع الخاصة باقتصاد المعرفة، كما انه يفترض تشريع القوانين الكفيلة بحماية حقوق الملكية الفكرية والاختراعات وبما يسهم في حفظ حقوق 
المخترعين.
ان الاستثمار في اقتصاد المعرفة يمكن ان يكون له دور كبير في تطوير اقتصادنا الوطني وجلب المنافع الكثيرة له بفعل المردودات الناتجة عنه، لذا فإن الاهتمام بهذا النوع من الاقتصادات الحديثة يعد من الأمور الغاية في الأهمية لاقتصادنا الوطني.