عبد الكناني
حفلت نهاية عقد الستينيات ومطلع السبعينيات، استرسالاً في الزمن الى نهاية عقد الثمانينيات.. من القرن العشرين.. المنصرم، باعمال فنية مميزة، نالت إعجاباً محلياً وعربياً.. منقطع النظير، الى درجة أنها عدت نقلة نوعية في الدراما العراقية، بل والاقليمية..
في دول محيطنا الخليجي والشامي، الذي عني مشاهدوه بالدراما العراقية احتفاءً، كلما سنحت لهم فرصة تلقيها، من قنواتهم التلفزيونية، كالعملة الصعبة واللقية النادرة.
من بين هذه الأعمال عدد من التمثيليات، منها.. على سبيل المثال وليس الحصر: «حضرة صاحب السعادة» و{الصرخة» و»عبود يغني» و»ثلاثية الخوف» و»عش البلابل».
و«الصرخة» تأليف عبد الوهاب الدايني، عن قصة قصيرة للروائي نجيب محفوظ.. تمثيل سليم البصري، واخراج المصري ابراهيم عبد الجليل،
اذ أدى الفنان البصري، شخصية لامست هموم شريحة من موظفين مهمشين، بينهم منظم الارشيف المنسي بين الاضابير والملفات والذي لم ينل استحقاقه؛ بفعل البيروقراطية السائدة في النظم الادارية.
عاش هذا الموظف، على أمل زيارة مدير عام الدائرة لغرفته، وتعاقب المدراء من دون ان يتحقق ذلك، الى ان يسمع عن نية المدير الجديد القيام بجولة في الدائرة؛ للتعرف على موظفيها؛ فابتهج هذا الموظف المنسي وعدها ساعة الفرج حيث سيشكو حاله مباشرة للمدير العام بعد ان ذهبت طلباته السابقة ادراج الرياح، برغم لقائه المدير العام قبل ايام أثناء شراء الصحف والمجلات من احدى المكتبات، وصادف ان المدير لا يحمل «خردة» فدفع بدلاً عنه، ولم يجرؤ على الشكوى.. خانته الشجاعة في بث همومه.
منى نفسه بانه سيلتقي المدير العام وسيعرف انه من دفع له اجور الصحف والمجلات وسيسأله عن وضعه وحينها سيقول كل مابوسعه قوله، غير ان آماله خابت فعند اقتراب المدير العام من غرفته أخذه المرافقون.. من رؤساء الاقسام، بعيداً عن الارشيف فسمع الخطوات تبتعد عن غرفته حينها صرخ صرخته المدوية: «ليش» فسمع المسؤول الصرخة وتساءل عن مصدرها؛ داخلاً الغرفة ليشاهد الموظف محني الرقبة على كرسيه حزيناً فعرف انه من دفع له ذلك اليوم وسأله عن طلباته وطلب منه الخروج معه والذهاب لغرفته فشعر بالفخر والابتهاج وخرج معه كالطاووس يتبختر مغيظاً كل من اسهم في كآبته ومتاعبه.
عمل جميل احبته الاوساط الشعبية؛ فاعيد عرضه من تلفزيون جمهورية العراق، مرات عدة، بناءً على الطلبات الملحة.
