ضريبة على الثقافة

ثقافة 2018/11/30
...

باقر صاحب
مازال الحديث يتردد في الصحافة الثقافية عن قرار  فرض ضرائب على الكتب المستوردة الى العراق، بنسبة تصل إلى 15%.  كل من  تناول تلك القضية أثار جوانبها السلبية، ففرض ضريبة مرتفعة على الكتب العربية والمترجمة والعراقية المطبوعة في دور نشر مقارها بيروت وعمان ودمشق، يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكتب بما يقلل حوافز المعنيين بالأمر، باحثين وكتاباً ومبدعين وقراء، من الإقبال على شراء الكتب الحديثة التي تعنى باهتماماتهم المعرفية والجمالية، ومن ثم كساد سوق الكتب، التي انتعشت كثيراً في الآونة الأخيرة ، بشكل لم يشهده العراق من قبل، وبالأخص ما نشهده في شارع المتنبي رئة العراق الثقافية الأولى، بل إن كثيرين من باعة الكتب على أرصفة ذلك الشارع تحولوا إلى ناشرين، ونجحوا في ذلك بفعل خبراتهم في التعامل مع قراء من مختلف المستويات، وعرفوا ما يريدونه. 
زحام المتنبي والإقبال عليه من مختلف شرائح المجتمع من سكان بغداد والمحافظات، زحام منتج لبيئة ثقافية مستقطبة لأناس يدفعهم الفضول مشاهدة وتصفح ما هو معروض من الكتب، ويتجاذبون الآراء بشأن ما هو أكثر متعة وفائدة من الكتب.
للتو، قد بدأت معالم نهضة ثقافية تؤتي ثمارها، ليأتي فرض الضريبة المرتفعة على الكتاب المستورد، ليكون طارداً للقراء الجدد، كما أن القدامى قد لا تسمح لهم مستوياتهم المعيشية بالشراء من الآن فصاعداً، والاعتماد على ذخائرهم من الكتب أو الإقبال على الكتب القديمة. هناك إجماع من المتداولين لهذه القضية، إن الكتاب، تصديره واستيراده، مدعوم على نطاق واسع في دول العالم، مثله مثل الأغذية الأساسية التي تشكل قوت شعوبها، فالكتاب غذاء الروح، والطعام غذاء الجسد، تلك البديهية، كيف تغيب عن الجهات المعنية بتطبيق القرار، وأين وزارة الثقافة من كل ذلك. يقول أحد الناشرين إن هناك 19 حاوية مليئة بالكتب القادمة من بيروت والقاهرة محجوزة في ميناء  البصرة محجوزة من قبل هيئة الكمارك، ولن يُفرج عنها إلا إذا دُفع مبلغ الضريبة المقرر.
وإذا كانت أسعار الكتب هي في الأصل مرتفعة، يدرك ذلك من يكون على تماس دائم مع بورصة سوق المتنبي، فكيف تكون أسعارها إذا دُفعت التعرفة الكمركية الجديدة، ربما سيؤدي الأمر إلى إغلاق بعض دور النشر أبوابها، وتضييق الخناق على قطاع واسع من الباعة، الذي أصبح بيع الكتب وشراؤها مهنتهم الأساسية.
عرفنا أن اتحاد الناشرين العراقيين وُعدوا خيراً بإلغاء التعرفة الكمركية على الكتاب، ولكن ليس هناك أمر موثّق بذلك. وإلى أن يصح هذا الإجراء على أرض الواقع، تبقى هذه التعرفة الكمركية كما لو كانت ضريبة مفروضة على الثقافة العراقية ككل، وعدم اهتمام من الجهات العليا بقضية التثقيف ونشر الوعي بين الناس.