الخرس الزوجي.. برود يؤدي الى الانفصال

ريبورتاج 2020/02/02
...

بغداد / رلى واثق

 
 
الخرس الزوجي هو بداية الخلافات الزوجية وانتهاء العلاقة غير الرسمي ، من الممكن أن يطرأ  على الزوجين في اشهر زواجهما الاولى او بعد سنوات، لتنتهي علاقتهما بالتدريج، هناك من ينتبه ويحاول التغيير لاستمرار العلاقة الناجحة وآخرون يستسلمون لذلك، فسرعان مايحكم عليها بالموت، الاسباب كثيرة وراء انتشار هذه الظاهرة سنتعرف عليها بلسان خبراء ومتخصصين واطراف عانت هذه الظاهرة.
فيقول الثلاثيني محمد عبد الستار:" ان التفاهم مع زوجتي معدوم في علاقتنا، فمنذ الاشهر الاولى من زواجنا اعاني اهمالها، هي في الواقع منظمة في المنزل وانيقة، اجتماعية ولبقة في حديثها مع الاقارب والصديقات الا انا، فكل مايربطنا من حديث يتلخص في احتياجات المنزل وينتهي الامر، حتى يأست من مطالبتها 
بالاهتمام".
اما رنا منعم متزوجة منذ خمسة اعوام فتقول: "لا جدوى من الحديث مع زوجي بهذا الشأن فعلاقتنا اشبه بـ(روبوتات ) في منزل واحد نؤدي الاعمال والكلام ان وجد باسلوب بارد، فهو بين العمل وهاتفه المحمول يتنقل بين الالعاب ومواقع التواصل الاجتماعي والاصدقاء، في البداية كنت اتذمر واحياناً الجأ الى الاهل لطلب المساعدة والكثير من الاساليب حتى شعرت ان الموضوع مس كرامتي، ففضلت السكوت والاهتمام بأطفالي بدراستهم والخروج 
معهم".
وتضيف:"هذه المشكلة بمرور السنوات اكتشفت اني لا اعاني منها بمفردي، فهناك الكثير من الصديقات والاقرباء والجيران يعانين الشيء نفسه وكل واحدة منهن اختارت طريقة للتعامل مع المشكلة بين الطلاق والرضا بالامر الواقع وهناك من مازلن يحاربن عسى أن يأتين 
بنتيجة". 
 
مشكلة ذهنية
الخبير النفسي ايسر فخري يبين:"من الممكن أن نطلق عليه الطلاق العاطفي او البرود او الخيانة الزوجية، اذ له مسميات كثيرة يتطور بمرور الوقت كما هو الامر بالفايروسات وغيرها، فنجد له مثيلاً في كل وقت، ولكن تجرى عليه تحديثات تزيد من حدته بين الحين والاخر". وتأسف فخري بقوله:"بات الخرس الزوجي ظاهرة وليس مشكلة الجميع يعاني منها ويسعى بالوقت نفسه لايجاد الحلول لها، لكن ليس لها حل كون جذورها ومؤشراتها موجودة لدى جميع النساء والرجال على حد سواء، فالنساء على قناعة ان الزوج خائن ويبقى كذلك حتى تثبت خيانته، فهي تتربص للزوج وهذا موروث اجتماعي، هذا وانها وضمن اي تجمع نسائي لابد ان يكون في حديثهن جزء عن كيفية كشف خيانة الزوج وما يتعلق بهذا 
الموضوع".
ويضيف:"الامر ذاته عند معشر الرجال، اذ لايكون حديثهم الا في كيفية تمرير الكذب على زوجاتهم او التستر على علاقاتهم وبذلك باتت مشكلة ذهنية وموروثة، وايضاً يتم تحديثها عن طريق البرامج ونقل التجارب عن الاخرين،  الامر الذي يزيد من الفراغ في العلاقة بين الزوجين وتأخذ العلاقة منحى آخر يميلون فيه الى عدم الحديث مع بعضهم".
عنف أسري
الخبيرة القانونية الدكتورة بشرى العبيدي ترى:"أن الخرس الزوجي احد المصطلحات التي تندرج ضمن الاهمال وتتعلق بالعنف ضد المرأة، هذا وان الاهمال يشمل الطرفين، اهمال الرجل للمرأة والعكس، ولكونه يعد شكلاً من اشكال العنف فهو يندرج ضمن الجريمة".
وتتابع:"عند وضع المسودة الخاصة بقانون الحماية من العنف الاسري، كان الاهمال احد الاشكال المشمولة بالحماية، اذ تم وصفه عنفاً اسرياً يستوجب العقاب، وهو صعب اثباته والاصعب أن يندرج ضمن الاجرام، الا اذا ولد آثاراً تتمثل بالمرض النفسي او العاهة نفسية وحتى مرض جسدي نتيجة الاهمال، ويثبت ذلك  عن طريق التحقيق وبذلك يستحق العقاب بموجب قانون العنف الاسري". 
وتطرقت العبيدي الى الآثار التي يتركها الخرس الزوجي او الاهمال بصورة عامة بين الزوجين بقولها:"من المؤكد أن تتولد آثار سلبية تلقي بظلالها على  جميع افراد الاسرة، فتنتهي العلاقة الزوجية الى الطلاق احياناً، فهناك من لا يطيق العيش وفق هذه الحياة، فضلاً عن الاثار التي سيتركها في نفوس الاطفال التي ستنعكس على اسرهم في المستقبل، وعلاقاتهم في الاسرة والمدرسة، وبذلك سيدفع الاولاد ثمن سوء العلاقة بالدرجة الاولى، فالحياة الاسرية لابد ان تكون متكاملة ومثالية حسب اتفاقية حقوق الطفل وسلوكيات الابوين تنعكس بشكل كبير على اولادهم وبالتالي على المجتمع والبيئة بالكامل وهذا الخطر الكبير الذي نحذر منه دوماً، لكن نحن متأخرون في تمرير قانون الحماية والعنف الاسري نتيجة الاعتراضات على بعض فقراته، الامر الذي يؤثر سلباً في 
الاسرة". 
 
حياة روتينية
استشاري الطب النفسي محمد نادر العزاوي يقول:"الخرس الزوجي  يعد ثاني اخطر انواع الانفصال بين الزوجين بعد الانفصال العاطفي، وهو اقرب للانفصال النفسي الذي تقتصر فيه العلاقة بين الزوجين على تلبية الحاجات المادية الملموسة مع طرح المشاعر والاحاسيس الانسانية جانباً، فيتواصل الطرفان من اجل تناول الطعام وشراء مستلزمات المنزل والحديث عن الاحداث الجارية او الاخرين، دون الاقتراب من دائرة المشاعر المتبادلة 
بينهما".  
وعن اعراض الخرس الزوجي يوضح العزاوي:
"تحول الانشطة اليومية الى افعال روتينية تخلو من الروح والتجديد والمفاجآت، وقلة الكلام بين الطرفين وتركزه على الأساسيات فقط من دون التطرق للتفاصيل، ومن اخطر الاعراض هي تصنع الاهتمام ببعضهما امام الاخرين والرجوع الى حالة الانعزال وعدم الاهتمام عندما ينفردان ببعضهما، هذا وان السبب الاكثر شيوعاً لذلك يكون لعدم خبرة الطرفين او احدهما بالتعامل مع الاخر او عدم فهم الزواج والمسؤولية المترتبة عليه ما يجعل الطرفين يتعاملان بمزاجية مع الموضوع مايؤدي الى تفضيل الصمت وبعدها الانفصال".
 
دراسات
 وفقاً لبعض الدراسات، التي اكدت ان  الحالة الاقتصادية والاجتماعية ليست القاسم المشترك في حالات الخرس الزوجي، بل ان الاضطرابات الاخلاقية والجنسية والنفسية لدى اي من الشريكين او  كليهما تعد من الاسباب الرئيسة، وهي امور يمكن علاجها بواسطة المتخصصين كالمشكلات الجنسية والنفسية، او معرفتها اثناء فترة الخطوبة كالسلوكيات غير الاخلاقية".
 
أمراض عضوية
استاذة علم الاجتماع سحر رائد تطرقت الى :
"ان استمرار تحمل الزوجين للضغوط الناتجة عن حالة الخرس الزوجي لفترات طويلة، يؤدي الى ظهور امراض عضوية للطرفين كالضغط، والسكر، وتهيج القولون العصبي، وزيادة الوزن، فضلاً عن العصبية، والتوتر، والقلق، هذا ومن الممكن أن يلجأ احد الزوجين او كلاهما للبحث عن علاقات جديدة لمشاركتهما اهتماماتهما ليفتح بعدها باب للخيانة 
الزوجية".
وتضيف:"الانفصال النفسي للزوجين داخل المنزل يفرغ شحنات سلبية تؤثر في نفسية الابناء وتؤدي الى خلل واضح في شخصياتهم منذ الصغر، كما ينعكس ذلك على علاقتهم بالوالدين، وينتج عن غياب المشاعر وعدم التعبير عنها بين الزوجين نشوء ابناء غير اسوياء، وغير قادرين على التعبير عن مشاعرهم وتكوين أسر متوازنة نفسياً في 
المستقبل".وحذرت رائد :"من التهاون في هذا الامر الذي يعده الكثيرون بسيطاً، لان استمرار الحياة مع وجود اعباء نفسية مستمرة وفجوة عاطفية تتسع يوماً بعد يوم، من شأنه أن يقود افراد الاسرة الى 
الجنون". ونصحت:"بفتح مجال للحوار الصريح بين الزوجين والتعاون والاتفاق على وضع حلول عملية للتغلب على تلك الأزمة، مع مراجعة كل طرف لواجباته تجاه الاخر قبل المطالبة بحقوقه،  وفي حال استنفاد جميع الحلول والتأكد من استحالة استمرار الحياة بين الطرفين، يعد الطلاق الرسمي حلاً ايجابياً بدل الاستمرار بعلاقة زوجية مشوهة تؤثر في الاسرة 
بأكملها".