الزراعـــة: الدعم التشريعي والحكومي الانعاش الغذائي

ريبورتاج 2020/02/16
...

بغداد / سها الشيخلي 

عُرفَ العراق منذ آلاف السنين بكونه بلدا زراعيا  بامتياز، وكان يعد السلة الغذائية لدول الشرق الادنى القديم، حيث تبلغ الاراضي الصالحة للزراعة فيه  اكثر من 28 مليون دونم، الا ان المستغل منها 12 مليون دونم  ويجري في ارضه نهران  عظيمان هما دجلة والفرات، الى جانب المياه الجوفية ومياه الامطار، فهل ستكون الظهير للريع النفطي الناضب مستقبلا مع امتلاكه كل مقومات الزراعة الواسعة.

الزراعة والنفط 
اكد لـ"الصباح" مستشار وزارة الزراعة الدكتور مهدي ضمد القيسي ان العراق بلد زراعي وهويته زراعية وستبقى زراعية  والمقولة المشهورة" ان الزراعة هي النفط الدائم"  حقيقة ثابتة والذي ينضب هو النفط ولدينا مؤشرات الموسم الزراعي لعام 2019، تؤكد ان الزراعة افضل من السابق والعراق ثبت وجوده والوزارة حققت الاكتفاء الذاتي لـ 25 محصولا زراعيا، اضافة  الى الحنطة والشعير والشلب، واعلنت وزارة التجارة انها تسلمت 307 آلاف طن شلب، لكن الانتاج هو اعلى من هذا لأن الفلاح باع قسما منه في الاسواق والقسم الاخر احتفظ به كبذور وما تبقى  لاستخدامه الشخصي ، ولذا سيدخل الرز بالبطاقة التموينية ونؤكد ان انتاج الحنطة الفعلي هو الاخر اعلى مما ذكر والاسباب نفسها، لافتا ان الوزراة تسلمت الرتب العليا من بذور الحنطة وهي  276 الف طن ويجري توزيع هذه البذور بين الفلاحين لزراعتها، وتسلمت الوزارة 950 الف طن من الشعير وسيحدد 500 الف طن منه ليوزع بسعر مدعوم للفلاحين كعلف للثروة الحيوانية، وسوف نحدد 500 الف طن للتصدير بعد أخذ موافقة مجلس الوزراء وهذه المرة الاولى التي يصدر فيها  العراق الشعير ، هذه  كلها تطورات جاءت من سياسة الوزارة لحماية المنتج الزراعي المحلي ، وهذه الحماية  تعطي الضمانة للجميع  للسير قدما نحو 
التقدم . 
 
حماية المنتج
واكد القيسي ان هذه الحماية تتحقق من خلال الروزنامة الزراعية التي نحدد عبرها منع استيراد المحاصيل الزراعية لوجود وفرة في الانتاج ، واضاف ان الوزارة متفائلة خيرا لان وزارة الموارد المائية اعطتنا موافقة على اقرار الخطة الواردة من مديريات الزراعة، لذلك ستكون المساحات التي زرعت  اكثر انتاجية من العام الماضي ، مضيفا ان الفلاح في عام 2019 قام بتظاهرة امام مبنى الوزارة مؤيدة لبرامجها وهذه تحدث لاول مرة ، ومن جانبنا نرى ضرورة الاهتمام بالفلاح وتكريمه ، لذا نعطيه بذور الرتب العليا التي يتجاوز سعر طنها المليون و200 الف دينار ونعطيه دعما بنسبة 70 بالمئة، لافتا الى ان البعض راهن على تدهور الزراعة بسبب قلة المياه، لكننا تجاوزنا ذلك بعد الامطار غزيرة في العام الماضي وهذا العام حتى اذا كان قليل المطر نعده رطبا، فالضباب هو رية للمحصول الزراعي ونحن كوزارة متفائلون، كما نرى عام 2020 عاما ممتازا وبالنسبة لنا الا يرادات  متوفرة وسيكون الموسم الزراعي الحالي افضل من
 سابقه . 
 
الأمن الغذائي 
واشار القيسي الى ان الامن الغذائي  يتحقق اذا كان لدينا منتج زراعي يكفي لتغطية الاحتياجات وان القطاع الزراعي يعمل على حراك القطاعات الاخرى، فكل المحاصيل لها علاقة بالقطاع الصناعي والقطاع الزراعي في الوقت نفسه هو داعم للقطاع الصناعي واعني ( الخاص والحكومي والمختلط ) وحركة المجتمع مرتبطة بتطور القطاع الزراعي، وخير ما فعلت الحكومة بدعمها للقطاع الزراعي وشددت على منع استيراد ( الدجاج الحي والمجزور الكامل وبيض المائدة ) وقد اعطت بذلك رسالة الى مربي الدواجن بالعمل ولهم الحماية واليوم التطور الذي حدث بمشاريع الدواجن يؤكد اهمية هذه الرسالة ونتوقع حصول الاكتفاء الذاتي من منتجات الدواجن، وهذا ما يجعلنا نطمئن على صحة مواطننا، ذلك لأن كل المنتجات الزراعية والحيوانية بإشراف الجهات المعنية في الوقت الذي لا نعلم عن المستورد مثلا ما هي العليقة التي غذت الدواجن او لقاحاتها، فضلا عن طعم ونكهة المنتج الزراعي متميزة ولها مذاق جيد، ولهذا احدى الشركات الالمانية طلبت منا رخصة تصدير( الباذنجان والرمان) 
اليها . 
 
أزمات كثيرة 
الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة حميد النايف تحدث لـ"الصباح" عن الواقع الزراعي حيث قال : لاشك ان هوية العراق  تبقى زراعية  وهو ارض السواد، لكن العملية الزراعية تحتاج الى الكثير بالرغم ما وصل اليه القطاع الزراعي خلال العام 2019 من التقدم ، ومن الوصول الى الاكتفاء الذاتي بالعديد من المحاصيل الزراعية كالحنطة والشعير والشلب وبحدود 25 مادة زراعية  ومع ذلك فالقطاع  اليوم يمر بازمات كثيرة ويحتاج الى انعاش وهذه الازمات تحتاج الى دعم من الحكومة المركزية من خلال تخصيص مبالغ جيدة بالموازنة الاتحادية لوزارة الزراعة لكي تستطيع القيام بمهامها، والحقيقة فان الدعم لم يكن بالمستوى المطلوب، لافتا الى ان القطاع الزراعي قبل 2003 كان ناهضا، حيث كل الاراضي متوفرة والمياه كذلك ، وخلال عام 2003 وما بعده تعرض القطاع الزراعي الى العمليات الارهابية وتجريف البساتين وترك الاراضي وبذلك قلت المناطق المزرعة، فضلا عن تناقص كميات المياه بشكل 
مستمر . 
 
الانعاش الجديد
ويشير النايف الى ان القطاع الآن يشهد انتعاشا جديدا ولكن اذا ما نهضنا بالزراعة، فنحتاج الى دعم مالي وقانوني كبيرين ، فلكي ندعم الفلاحين والمزارعين بالاسمدة اكثر ما تعطيه اليوم الوزارة  ضمن المبالغ المخصصة لها ولكن نحتاج الى دعم اكثر والفلاح يحتاج الى دعم بالمدخلات بشكل كبير وكذلك حماية المنتج المحلي الذي استطاعت الوزارة القيام بهذه المهمة، التي افضت نتائجها بزيادة انتاج القطاع كما ونوعا ، واليوم ما نراه من وفرة محلية للمحاصيل هو دلالة واضحة على حماية المنتج الزراعي المحلي ولكن مع ذلك القطاع الزراعي يحتاج الى الكثير واليوم زرعنا 16 مليون دونم وطموحنا ان نزرع اكثر من 20 مليون دونم وهذا هو طموح مهم ومشروع ، واذا ما توفرت الاموال الجيدة للفلاحين والمزارعين من خلال القروض ستبنى الكثير من المشاريع وجعلها منتجة محليا ، اضافة الى المعامل التحويلية منها معامل معجون الطماطم والدبس والكجب والتمور وهذه مهمة جدا ولكن للاسف الشديد اليوم لا يوجد قانون للاستثمار الزراعي المختص وانما ضمن قانون الاستثمار العام للدولة وهذه مشكلة كبيرة نواجهها، وكما يقال فان راس المال جبان واليوم ظروف العراق ليست جاذبة للاستثمار، بل طاردة له لعدم توفر قوانين رصينة ومضمونة للمستثمرين، ونتمنى انعاش هذا القطاع بقوانين منصفة و ايضا توفير اموال جيدة  من خلال وزارة النفط التي نامل ان تدعم اسعار النفط للفلاحين والمزارعين، لاسيما ان القطاع اذا ما نهض يكون رديفا للواردات النفطية وتكون وزارة الزراعة منتجة اذا ما دعمت ماليا من قوانين للاستثمار، وحماية المنتج المحلي من خلال المنافذ الحدودية، موضحا لدينا الكثير بل ملايين من الدونمات الصالحة للاستثمار، لكن لا يوجد مستثمرون فلدينا 28 مليون دونم صالحة للزراعة ولكن المزروعة 16 مليون دونم ما عدا البساتين (مليون دونم) فتكون مساحة الاراضي المزروعة الان 17 مليون دونم هذه المساحة ضمن الخطة الزراعية وهناك زراعة خارج الخطة ولدينا مليون دونم في المثنى والنجف جاهزة للاستثمار وفيها مياه ولكن لا يوجد مستثمر وكذلك لدينا ملايين الدونمات في اطراف واسط وفي الانبار وصلاح الدين ونينوى وهذه المساحات اذا ما توفرت لها سبل الزراعة ستصبح مناطق خضراء تدعم الانتاج النفطي والموازنة الاتحادية وتزيد الايدي العاملة ويصبح العراق مصدرا للمحاصيل الزراعية .
واكد ان  المواد التي منع استيرادها وهي 25 مادة تكفي لان تكون السلة الغذائية بالكامل، فلم نستورد سوى جزء من الفواكه ولدينا اليوم نظام جديد للبساتين لكي نصل للاكتفاء  الذاتي، ونناشد وزارتي الكهرباء والنفط ان تأخذا طلبات وزارة الزراعة على محمل الجد من خلال دعم القطاع الزراعي بالكهرباء ووزارة النفط كذلك ولكن للاسف الوزارتين لا تصغيان لنا .