نجم الشيخ داغر
الهلع عبارة عن شعور متصاعد من الخوف الشديد والانزعاج يستمر مع المصاب عدة دقائق قبل ان يتلاشى، ومن أعراضه تسارع في نبضات القلب، مشاكل وصعوبات في التنفس، تعرق. وتشير الإحصائيات إلى أن نوبة الهلع غالباً ما تصيب الشخص مرة او مرتين في حياته، وهذه الإحصائية باعتقادي خاصة بغير العراقيين الذين يمتلكون حسابا في الفيس بوك، لأن هؤلاء باتوا مصابين بفضل اصدقائهم في وسيلة التواصل هذه بهلع مزمن، اذ لا ينفكون يقرؤون في كل دقيقة عن مصيبة جديدة، حقيقية كانت أم لا، وقعت او لم تقع، وذلك بفضل الكثير من اصحاب الصفحات المتبرعين بالكتابة عنها ونشر تفاصيلها المزعومة التي على الأغلب سمعوها او قرؤوها في حساب يعرفون صاحبه او لا يعرفونه، لان الأمر عندهم سيان، فهم يعدون كل ما في هذه الوسيلة صحيحا ومسندا ورجاله كلهم ثقات.
من يتصفح وسائل التواصل الاجتماعي هذه الايام الغاصة بتفاصيل فايروس كورونا، يشعر انه سيموت حالما يخرج من باب داره، فيما ينقل اصحاب الاختصاص مثل منظمة الصحة العالمية انه فايروس غير قاتل، وان نسبة الوفيات بسببه لا تتعدى الـ 2 بالمئة فقط ، بل ان هناك من المختصين من ذهب الى القول ان ضحايا حوادث السيارات مثلا تصل الى أضعاف ضحاياه، لذلك ومثل كل أزمة حقيقية او مفتعلة تجد ان هناك الآلاف من الجهلة أو بعيدي الاختصاص يشاركون بنشر الهلع والتوتر من دون ادنى شعور بالمسؤولية الشرعية او الأخلاقية . ومن جهة اخرى تطالع في صفحات كثيرة اخرى، من يحاول استغلال هذه القضية لاثارة النعرات الطائفية والعرقية، ويعد الوباء عقوبة إلهية على الدولة التي يبغضها، حتى اذا وصل الى دولته قال انه بلاء يصيب المؤمنين، في إلغاء واضح لدور العقل الذي يميزه عن بقية البهائم.
نعم هناك خطر حقيقي من انتشار هذا الفايروس، ولكن نشر الهلع واستغلاله لمعاداة الناس لا يقل خطورة عنه، اذ القول السديد والتصرف الحميد في هذه القضية، يكمن في اللجوء الى المختصين لمعرفة كيفية انتشاره وما هي السبل الكفيلة للوقاية منه، وأيضا المساهمة في الأمور المجتمعية التي يمكن الكتابة عنها، مثل
الضغط على الأجهزة المعنية لتوفير المستلزمات الطبية او اجراء الفحوصات اللازمة ، وهكذا كي نجنب الناس المعلومة الخاطئة ولا نتعبهم نفسيا وبالتالي المساهمة بانتشار المرض عبر إضعاف مناعتهم المتأثرة بحالة الهلع المنتشرة في كل مكان.
وفي الحديث عن الأسباب وراء انتشار او ظهور هذا الفايروس، اود ان لا أتكلم عن العلل الطبية او حتى البيئية ومدى تأثيرها في صناعته، لان هذا يرجع لأصحاب الاختصاص
كما أسلفنا.