المنتوج الوطني يستعيد هيبته وينافس المستورد

ريبورتاج 2020/03/02
...

بغداد / رلى واثق / فجر محمد 
 
داخل احد المحال التجارية وبالقرب من ركن بيع المنتوجات الغذائية، كان الثلاثيني عمار عادل يبحث عن منتجات الالبان المحلية المصنعة من ابو غريب تحديداً و بلهفة واضحة ويقول:"منذ ان انطلقت الحملة الهادفة الى دعم المنتوجات الوطنية وانا احث اسرتي على استهلاك تلك المنتوجات ومقاطعة المستوردة ايماناً مني باهمية دعمها وتشجيعها ، فضلا عن ثقتنا الكبيرة بها على الرغم من وجود انواع مختلفة اجنبية وعربية، الا ان ذائقتنا الغذائية لا تستسيغ غير المحلي المصنع باياد عراقية".
 
الباحث بالشؤون الاقتصادية والاكاديمي الدكتور فالح الزبيدي يرى ان البلاد التي لا تدعم منتوجها الوطني لا يمكنها ان تحقق النجاح والتطور، وتفضيل المنتوج المحلي لن يتم ما لم تكن هناك اجراءات حقيقية داعمة على سبيل المثال وضع تشريعات وقوانين تقنن من عملية الاستيراد، وفرض الرسوم الجمركية على المنتوجات المستوردة.
 
ثقافة عامة 
العشرينية سارة محمد تقول:"رغم وجود المنتوج الوطني الا اننا كنا نفضل المستورد ومن مختلف المناشئ، لعدة اسباب منها قلته والثقافة العامة التي فضلت المستورد على المحلي، الا ان الحملة التي اطلقت قبل اكثر من ثلاثة اشهر عن دعم المنتوج الوطني كانت كفيلة برغبة المواطن باقتنائه والاعتماد عليه، لاسيما المنتوجات الغذائية ، حتى اعتدنا على قراءة المنتوج قبل شرائه والتأكد من وجود عبارة (صنع في العراق)، فهذه الجملة كفيلة لوضع البضاعة في عربة التسوق".
وتضيف :"كثيراً ما نجد في الاسواق بضائع مستوردة كنا قد اعتدنا على شرائها في وقت سابق قد انتهت صلاحيتها وهي متكدسة في رفوف المحال، وهذا مايؤكد اعتماد المواطنين على المنتوج المحلي وتفضيله على المستورد، هذا الامر زرع الفرحة في النفوس واعاد الثقة بالمنتوج المحلي، متمنية أن نصل الى مرحلة الاكتفاء".
 
تقييس وسيطرة
مدير اعلام دائرة التقييس والسيطرة النوعية عامر محمد يؤكد ان:"المنتوج الوطني يخضع للمواصفة العراقية كما هو الحال للبضائع المستوردة"، وفيما يتعلق بدعم المنتوج الوطني فيقول:"اذا كان المنتوج الوطني مطابقاً للمواصفة العراقية ووزارة الصحة والجمارك ويغطي حاجة السوق سيتم منع استيراد ذلك المنتوج وهذا ماحدث بالفعل مع عدة منتجات بعد تعهد المعامل العراقية بسد حاجة السوق من تلك المواد، وبعد الفحص من قبل فرق التفتيش التي اكدت ذلك تم المنع".
ويضيف:"التقييس والسيطرة النوعية ليس فقط لحماية المستهلك وانما لحماية المنتوج الوطني ودعماً له ورغبة باعادة العمل بجميع 
معاملنا".وحذر محمد المستهلك من "تناول المنتوجات الغذائية، خاصة الالبان المنتهية الصلاحية او ماستنتهي صلاحيته قريباً، فنحن حريصون على خلو المنتوج الوطني من المواد الحافظة وهذا ايجابي على صحة المستهلك لما لها من ضرر على الصحة، هذا وقد اشترطنا على التجار المستوردين للمواد المجمدة وغيرها ان تورد الى العراق في الربع الاول من انتاجها لضمان وصولها الى المستهلك قبل انتهاء صلاحيتها بمدة كافية ".
 اما في ما يتعلق بظاهرة الغش الصناعي فيقول محمد:
"تم التعاون مع شعبة الجريمة الاقتصادية وتزويد القضاة بالعلامات  المزورة، واجراءات اخرى اكثر صرامة للقضاء على ظاهرتي الغش الصناعي والتجاري".
 
معايير مختلفة
وبينما هو يقلب احدى علب الالبان يشير عمار الى ان المنتوجات الوطنية قد قطعت شوطاً كبيراً في سبيل تحقيق النجاح، ولكنها بحاجة الى التطوير اكثر كي تكون محط انظار واستهلاك المواطنين، فضلاً عن الخضراوات والفواكه التي يفضلها الجميع لكونها ذات طعم 
مميز.
الباحث بالشؤون الاقتصادية ليث علي اشار الى ان حملة دعم المنتوج الوطني  يجب ان تكون خاضعة بالاساس الى عدة متطلبات ومعايير لابد من توفرها ومنها البنية الاساسية للتكنولوجيا الحديثة، فعلى سبيل المثال اذا كان الهدف تطوير الانتاج الزراعي فيجب اعتماد التقنيات الحديثة والوسائل المتطورة كي يكون المنتوج بالمستوى المطلوب، من ثم الاهتمام بالجوانب التنظيمية والقانونية وهي حماية المنتوجات وان تكون اسعار بيعها مناسبة للمواطنين كي لا يضطروا الى استهلاك المستورد لرخص ثمنه، فضلاً عن ضرورة توزيع المنتوجات على سبيل المثال الخضراوات المحلية يجب ان ينظم توزيعها بين المحافظات والمدن بصورة متساوية 
وصحيحة.
تكاتف الجهود
وزارة الصناعة والمعادن دعت في لقائها مؤخراً مع مجلس النواب والنخب والكفاءات الى الدعم والترويج للمنتوج الوطني، ووضع الحلول الجذرية لتتصدر المنتوجات المحلية بدلا ًعن المستوردة  قائمة مشتريات المواطن، كما نتج عن اللقاء عدد من التوصيات منها تفعيل العمل بالمادة (27/أ) من قانون الموازنة المالية العامة لسنة 2017 بالزام الوزارات الاتحادية والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة بشراء المنتوج المحلي مع اعطاء مرونة في فروقات السعر لصالح المنتوج العراقي، وقيام ديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة وفقاً للمهام المناطة بكل منهما بمراقبة مستوى التطبيق ومساءلة المقصرين، فضلاً عن تزويد الوزارة بقائمة الاحتياجات المطلوب توفيرها، كما بين اللقاء ان هناك مساعي من وزارة الصناعة والمعادن  لتخفيض كلف الانتاج في مصانع القطاع العام لدعم سعر المنتوج المحلي بالتزامن مع وجوب قيام الشركات بتطبيق المواصفات القياسية في الانتاج والتسويق ومتابعة تحديثها واعتماد معايير التصنيع الجيد والحصول على شهادات الايزو للمنتوجات الوطنية.
 
قوانين للصناعة
رئيس اتحاد الصناعات العراقية علي الساعدي بين:
 "ساعدت حملة دعم المنتوج الوطني في اعادة الحياة الى الكثير من المعامل، وقد لاقت المنتوجات العراقية رواجاً كبيراً  واقبالاً من المستهلك، هذا وان استمرت هذه الحملة  فانها ستعيد الثقة بالعامل العراقي لزيادة الانتاج وتحسين نوعيته". 
ويتابع:"نحتاج خلال هذه المرحلة والمراحل اللاحقة  الى تفعيل قوانين خدمة للمنتوج الوطني، وتطبيق القوانين ذاتها التي تطبق من قبل الجمارك على البضائع 
المستوردة".
 وتطرق الساعدي الى:"ان هناك عقبات توضع امام المنتوج الوطني متمثلة بارتفاع اسعار الكاز لتشغيل المولدات وانقطاع التيار الكهربائي عن المعامل، والتقيد بالمواصفات القياسية، مع ارتفاع بأسعار المواد الاولية وارتفاع اجور العمل، وبذلك نحن بحاجة الى جهات حكومية تدعم المنتوج الوطني ومؤمنة بضرورة تشغيل المعامل العراقية لامتصاص البطالة ودعم الاقتصاد العراقي".  
 
تأهيل وتطوير
ويبين الباحث بالشؤون الاقتصادية ليث علي بان الموارد البشرية بحاجة الى تأهيل فعلي فمثلاً المُزارع في دول الجوار والعالم مؤهل بشكل كبير، ويعمل على تطوير مهاراته الشخصية بشكل مستمر و مواكبة التكنولوجيا وكل مايخص المجال الذي يشتغل به، والامر ينطبق على الادوية المصنعة في العراق يجب ان تكون قادرة على منافسة نظيرتها السويسرية والالمانية، وبالتالي تكون محل ثقة واستقطاب للمستهلك، ان نجاح حملة دعم المنتوج تحتاج عدداً من الاجراءات ومنها الاهتمام بالبنى التحتية والنهوض بالاقتصاد الوطني، واعادة ثقة المستهلك بالمنتوجات الوطنية، لاسيما ان هذه الاجراءات بامكانها ان توفر فرص عمل كثيرة وتساعد في التخلص من البطالة 
المقنعة.
 
الامن الغذائي
ويلفت ليث علي الى ان القطاع الزراعي بدأ ينتعش بشكل واضح مع وجود الامطار التي تساقطت بكميات كبيرة في العامين المنصرمين، وهذا ادى الى تحسن منتوج الحنطة والشعير والرز وان تحقيق الامن الغذائي يرتبط بشكل مباشر بنظيره 
الوطني.
هناك الكثير من المصانع والمعامل الحكومية والخاصة بحاجة الى اعادة تأهيل، فضلاً عن الصناعات البتروكيمياوية التي تستهلك الكبريت والفوسفات، هي الاخرى لم تأخذ دورها الفعلي، بل يتم هدر كميات كبيرة منها دون الانتفاع منها بشكل حقيقي. 
مؤكداً  ضرورة الاهتمام بالاستثمار وفتح الباب امامه وتقديم التسهيلات الممكنة كي تتطور الصناعات اكثر، بالاضافة الى توفير فرص عمل للمهندسين والفنيين في تلك المشاريع لامتصاص البطالة 
الموجودة.