تغنى بها المصريون قديماً .. البوسطجي مهنة تكافح للبقاء

استراحة 2020/03/11
...

القاهرة/ وكالات
 
"يحمل أثقالا كبيرة ويكتب وصيته قبل أن ينطلق في مهمته توقعا لما قد يصيبه من الوحوش"، هكذا تحدث قدماء المصريين عن مهنة ساعي البريد أو "البوسطجي" في العامية المصرية، وذلك في رسالة منقوشة على ورق البردي باللغة الهيروغليفية، اذ اعتاد المصريون القدماء نقل الرسائل داخل وخارج البلاد بواسطة سعاة البريد، الذين كانوا ينقلونها سيرا على الأقدام عبر اجتياز البحار والطرق التي تسلكها القوافل والجيوش، وهي المهنة التي توارثتها الأجيال وباتت تمثل ركيزة أساسية في الثقافة الشعبية.
في العصر الحديث، كان لساعي البريد زي مميز يجوب الشوارع بحقيبته ودراجته أو سيرا على قدميه، لتوزيع الخطابات (أو الجوابات باللهجة المحلية) بين الأفراد أو المؤسسات الحكومية، وذلك منذ قرار الخديوي إسماعيل إنشاء هيئة البريد المصري في 2 كانون الثاني عام 1865، لكن المهنة التي تغنى بها المصريون، أصبحت على وشك الاندثار تحت وقع تكنولوجيا الاتصال الحديثة.
كانت كتابة الخطابات تستحوذ على اهتمام فئات كثيرة من المجتمع المصري، لكن لم يعد له وجود في ظل زخم وسائل الاتصال الحديثة، وهو ما تراه الخمسينية نهلة أحمد، في حديثها للجزيرة نت.
وتستطرد نهلة "كانت الجوابات وسيلة أساسية من وسائل التواصل بين الأقرباء والأهل، وكان لها طابع خاص خلال العلاقات الرومانسية، إذ كانت إحدى وسائل الرجال لخطبة الفتيات، فكان بعض الشباب المقبل على الزواج يراسل الفتاة وأهلها لمعرفة رأيهم واستمالتهم، وهو ما حدث مع خالتي التي راسل زوجها والدها لطلب 
يدها".
وأشارت نهلة إلى أنها تعاملت بالبريد السريع المحلي والدولي خلال الثمانينيات، وكانت تحتاج وقتا طويلا لتصلها الخطابات من ذويها، وهو ما كان يستغرق نحو أسبوع للبريد الداخلي، وما يقرب من ثلاثة أسابيع للبريد الدولي.
"برغم انحسار أهمية هيئة البريد نتيجة تطور وسائل الاتصال الحديثة، فإن بعض الفئات تستخدم البريد لإرسال العقود المختلفة أو الوثائق مثل جوازات السفر"، هكذا يشرح محمود قطب، مدير بهيئة البريد المصري، طبيعة عمل الهيئة حاليا.
أشار قطب إلى أنه يوجد العديد من أنواع البريد، مثل الطرود الداخلية والخارجية، والبريد العادي، والبريد المسجل، بجانب البريد السريع والبريد الدولي، وهما الأكثر استخداما، إذ يستغرق البريد السريع نحو 48 ساعة داخل مصر، بينما البريد الدولي يستغرق من ثلاثة أيام إلى أسبوع.
لقد اختفى زمن "شكرا لساعي البريد"، هكذا يقول محمد حسانين، الذي يعمل موزعا بهيئة البريد المصري، موضحا أن تلك العبارة الشهيرة كان يتم كتابتها من مرسل الخطاب على الظرف الخارجي، كنوع من التقدير والتحية لساعي البريد.
وعن الصعوبات التي تواجه ساعي البريد، قال حسانين إنها تتمثل في العمل في الطقس السيئ، لكنه لفت إلى أن العمل بات أسهل حاليا، بسبب التكنولوجيا الحديثة التي تمكنه من الوصول سريعا للعناوين سواء عبر الاتصال أو خرائط غوغل، حيث لا مجال للخطأ على عكس الماضي، حيث كان الخطأ يكلف الكثير من الوقت والجهد.