البيت والوقاية الصحيَّة...

الثانية والثالثة 2020/03/28
...

رئيس التحرير

ثقافة البقاء في البيت لا تعني فرض عزلة إجباريَّة، ولا حتى التجاوز على حق الإنسان في الحركة والعمل، بقدر ما تعني دعوة إنسانيَّة ووقائيَّة للحرص على الحياة والابتعاد عن مصادر التلوث والعدوى، فوباءٌ خطيرٌ ومُعدٍ مثل «كورونا» وضع الجميع أمام مسؤولياتهم الشرعيَّة والقانونيَّة والأخلاقيَّة، والتي تتطلب اتخاذ كلِّ الإجراءات المناسبة، وحتى الصارمة لبيان أهمية ثقافة البقاء في البيت، ولضرورتها في تعزيز دور المواطن في سياق التفاعل والتواصل الاجتماعيين، وعلى نحوٍ يجعل المجتمع آمناً وبعيداً عن مكاره الوباء وأضراره الجائحة.
إنَّ وباء كورونا فرض واقعاً جديداً على العالم، مثلما وضع الجميع أمام ضوابط اجتماعيَّة، تبدأ من حظر التجوال، ولا تنتهي عند البقاء في البيت، والتي ينبغي التعاطي معها بعقلانيَّة وواقعيَّة وبمسؤوليَّة، فهذا الوباء سريع العدوى، وفايروساته تنتقلُ عن طرق التلامس والاقتراب والاختلاط، وهو ما يقتضي وجود مثل تلك الضوابط التي تحمي الأفراد والجماعات من خطر العدوى، ومن كلِّ ما يُعرّض البيئات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة والصحيَّة الى مشكلات خطيرة، ولعلَّ ما حدث في الصين، وما يحدث اليوم في أوروبا وفي الولايات المتحدة من مظاهر مرعبة لهذا الوباء الجائح، يستدعي الحديث عن ضرورات تلك الضوابط، حمايةً للأمن الاجتماعي والحضاري، ولمواجهة الأضرار وتداعياتها على حياة الناس.
البقاء في البيت، ممارسة وقائيَّة اختياريَّة، لها فاعليتها في حماية النفس والآخرين، إذ ستُسهمُ في تأمين بيئة اجتماعيَّة وصحيَّة سليمة، مثلما تساعد الجهات الرسميَّة، على وضع الخطط والبرامج اللازمة لحماية المجتمع، وفي تقليل الخسائر التي يمكن أنْ تُعرّض المجتمع الى صعوبات اقتصاديَّة واجتماعيَّة كبيرة..
إنَّ ما تدعو إليه خلية الأزمة بضرورة البقاء في البيت، هو دعوة للوقاية والمشاركة، ولمساندة عملها في مواجهة ما يحصل من مشكلات، لا سيما أنَّ معدلات التعافي من فيروس كورونا أصبحت عالية، وهي تعكسُ الحاجة الى مزيدٍ من التعاون والتساند والتكافل، والى الشجاعة في إخبار الجهات الصحيَّة بالإصابات التي قد تحدث هنا أو هناك، فضلاً عن أنّ البقاء في البيت يدخلُ في إطار السياقات التنظيميَّة التي يمكن من خلالها تقديم المساعدات الممكنة للأسر على المستوى العلاجي أو على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، لا سيما أنَّ الجهات الرسميَّة في الدولة قد وضعت خططاً لذلك، ومنها ما يتعلّق بتأمين رواتب العاملين في مؤسساتها، والمتقاعدين، فضلاً عن أصحاب العقود وغيرهم، وهذا ما يُعطي فرصة تنظيميَّة لغرض مساعدة الآخرين في تنظيم حياتهم، علاوة على حمايتهم من التعرّض لعدوى المرض ولأخطاره الجسيمة..