شمخي جبر
تعبر حرية التعبير عن الرأي عن حيوية المجتمع واطلاق طاقاته الفكرية والثقافية والسياسية وهي جزء من المشاركة السياسية والثقافية للمواطن في الحياة بشتى مفاصلها. وفقدان حرية التعبير يعني موت للإبداع ومحاربة للتنوع في الرأي وقتل لعملية اثراء المنتج الثقافي والفكري.
من هنا جاءت أهمية تنظيم الحريات العامة ومنها حرية التعبير حتى لاتبقى سائبة فتصبح حقلا للتجاوز على الحريات المكفولة للاخرين او حتى لاتتحول الى فضاء للانتهاك والقذف والشتم والسب.
وقد نصت المادة الدستورية (38 ) على هذا الحق (وحرية التعبير ضمنتها المادة (38) من الدستور.اذ أكد الدستور العراقي2005 ،الباب الثاني ، الفصل الثاني (الحريات العامة ) (38): تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:اولاً :ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.ثانياً :ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.ثالثاً :ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون).
وضمنت المواثيق والعهود الدولية حرية التعبير عن الرأي. ففي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جاء في المادة 19: لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء من دون مضايقة، وفى التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
حرية التعبير عن الأفكار و الآراء باية طريقة كانت بدون رقابة أو قيود حكومية شريطة ان لاتمس مضامين هذه الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقا لقوانين و أعراف الدولة ولاتحرض على الكراهية او العنف او تدعو لافكار شوفينية ،وتحترم حريات الاخرين في العبادة والمعتقد ولا تسيء لأيٍ منها. وحرية التعبير عن الرأي نفتح بوابات الابداع والتجديد، وغلق هذه البوابات يعني فقدان المجتمع لطاقات مثقفيه ومفكريه ومصلحيه (يقول علي ابن الحسين (ع) (إن الله تعالى ما بعث أنبياءه إلا بالكلام وليس بالسكوت وإن الجنة لا تستحق إلا بالكلام وليس بالسكوت).
الحجر على الرأي والفكر يجعل المجتمع يعيش في حالة من الجمود الفكري الذي يحول الافراد الى نعاج والمجتمعات الى قطعان يسهل قيادهتا من قبل الجهلة وإنصاف الأميين. لأنَّ من تستلب حريته ويسطح وعيه يتحول الى إنسان بلا إرادة. فلا يمكن الحديث عن عودة الروح الى الجسم الاجتماعي إلا من خلال حرية الفكر، فمسلوب الارادة والحرية، لا روح له ولا طاقة لديه، فيقع فريسة سهلة لخطابات التحريض على الكراهية والقتل. إنَّ حرية التعبير عن الرأي هي الركيزة الأساسية في العملية الديمقراطية، كما أنها الحرية الأُم لسائر الحريات الفكرية الأخرى، ومظاهرها تتعدد فقد تكون قولاً أو كتابة أو عن طريق تشكيل وإنشاء الجمعيات أو عقد الاجتماعات والتجمعات وغيرها من المظاهر.
هناك معايير دولية لأي قانون لحرية التعبير تتمثل بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المصادق عليها من قبل العراق، كما أن القانون يستند إلى المادة 38 من الدستور العراقي التي أعطت الحق في حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
غلق نوافذ وبوابات الحريات بمصدات الاستبداد والخوف من الاختلاف والتنوع سيجعل عشاق الحرية وطالبيها يضطرون لتكسير هذه المصدات بالطرق كافة مهما كانت قوتها وصلادتها.
اذ لا يمكن للسلطات العامة القائمة في بلد ما ان تمارس سلطتها الا وفق قوانين مكتوبة صادرة وفق الإجراءات الدستورية المتفقة مع الدستور في ذلك البلد، والهدف هو تحقيق مبدأ الحماية ضد الأحكام التعسفية في الحالات الفردية دولة القانون هي الدولة التي تؤطر عملها ومؤسساتها بأطر قانونية تنظم عملها وعلاقتها بمواطنيها. لهذا كله نكرر دعوتنا التي طرحناها منذ 2011 الى ان يطرح مشروع (قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر) للنقاش والإغناء من قبل الفئات المستفيدة من القانون، كتاب وإعلاميين ومثقفين وناشطين ومنظمات مجتمع مدني، لكي تبقى نافذة الحلم مفتوحة نحو الحرية والكرامة الانسانية.