ميادة سفر
تزداد أعداد المصابين بفيروس كورونا «كوفيد - 19» بشكل ملحوظ في بلادنا، بسبب عدم تجاوب المواطنين مع التعليمات الصحية اللازم اتباعها، واستمرار الاستهتار والاستخفاف بالوضع الوبائي، لدرجة عدم تصديق البعض حتى الآن بوجود هذا الكائن القاتل.
برغم التأكيد المتكرر بضرورة الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي، ومنع التجمعات أو التقليل منها قدر المستطاع، ما زلنا نسمع عن إصابات لمخالطين بعد إقامة مجلس عزاء هنا، أو عرس هناك، فوجود أحد الأشخاص المصابين في تلك الأماكن يتسبب بنقل العدوى إلى العشرات الذين بدورهم ينقلوها إلى آخرين، من دون الإصغاء لكلام الجهات الصحيَّة المختصة، وكأنَّ البعض منا يحمل في رأسه كما
يقال «أذناً من طين، وأخرى من
عجين».
والأكثر غرابة وسط هذه الأجواء الوبائية، تلك الازدواجية التي مارسها البعض، والفهم الخاطئ وربما المتجاهل لكل التوصيات بشأن التجمعات، كالالتزام بعدم إقامة مجالس العزاء للمتوفى واقتصار تقبل التعازي عبر الهواتف أو مواقع التواصل الاجتماعي، حرصاً على سلامة الأفراد والصحة العامة، وتم التقيد برغبات ذوي المتوفى في
أماكن دون أخرى. لكن من جانب آخر لم يتردد البعض في الاحتيال على الأخ
(كوفيد – 19) وإقامة حفلات الزفاف والأفراح والليالي الملاح، وإرسال الدعوات للأقرباء والأصدقاء للمشاركة، وكأنَّ «كورونا» لا يدخل تلك الأماكن، ضاربين بعرض الحائط كل التحذيرات المشار إليها، متسببين في تفاقم الأزمة وتزايد أعداد الإصابات.
وليت الأمر توقف هنا واقتصر على هذه الأمور، لكنَّ الذكاء المستفحل في بلادنا أبى إلا أنْ يطفو على السطح ويدلي بدلوه، عند اتخاذ القرارات بإغلاق المقاهي والمطاعم ولاحقاً بعد السماح لها بالعودة لمزاولة العمل في بعض الدول، مع التقيد بالوقاية ومنع تقديم «الأراجيل»، وجدنا البعض بل الكثير من الأفراد يتجمعون على الأرصفة وأمام محالهم وعلى شرفات منازلهم مع الأصدقاء والأهل ويمضون ساعات في تدخين النرجيلة
والشيشة، من دون أي شعور أو تفكير بإمكانية إلحاق الضرر بأنفسهم وبالآخرين.
تلك «الازدواجية في التجمعات» التي شوهدت أكثر ما يكون في مجتمعاتنا العربية، تسببت في التزايد المقلق في أعداد الضحايا، والاستخفاف بأرواح الناس، من دون أي رادع أخلاقي أو إنساني.
متى نعي خطورة الوضع وندرك ضرورة الالتزام بالمنازل لحين انحسار الوباء، وأنّ لدينا متسعاً من الوقت إنْ بقينا أحياءً للسهرات والحفلات والقيام بالنشاطات ولقاء الأصدقاء بعد زوال الخطر، ونعي أنَّ المحبة اليوم هي بالابتعاد عن الآخر لقطع سلسلة انتشار الفيروس.
عندما قيل إنّ التعويل اليوم سيكون على وعي المواطن، يعني أنْ تعمل عقلك وتستخير إنسانيتك وأخلاقك وفهمك، وتدرك أنّ أي تصرف تقوم به لا بدّ أنْ يكون محسوباً بدقة، لأنَّ نتائجه ستعود عليك وعلى محيطك والبلاد أجمع.
تزايد أعداد الإصابات بشكل
يومي يدعوني للقول بأسف:
«قد أسمعت لو ناديت حياً، لكن لا
حياة لمن تنادي»، فرفقاً بهذي البلاد وبنا جميعاً، ولنرفض المشاركة بأي نشاط في الوقت الحالي لأنَّ به
خطراً.