هل تصبح الهند بؤرة «كورونا» المقبلة

من القضاء 2020/07/11
...

دلهي/ بي بي سي
 
تفشى فيروس كورونا في الهند ببطء، ولكنْ بعد ستة أشهر فقط من الكشف عن أول حالة إصابة مؤكدة، تجاوزت الهند روسيا في عدد الإصابات فيها، لتحتل المركز الثالث بين الدول التي سجلت أعلى عدد للإصابات في العالم.
وقد تنتهي الهند إلى أنْ تكون بؤرة أو نقطة ساخنة لتفشي الفيروس في العالم، فهي البلد الذي يضم ثاني أكبر عدد للسكان في العالم، ويعيش معظمهم في مدن مكتظة ومزدحمة.
 
ارتفاع حالات الإصابة
شهدت الهند مؤخرا سلسلة من ارتفاعات غير مسبوقة في حالات الإصابة، إذ تُضاف عشرات الآلاف من الحالات يومياً. وسجل معظم الحالات المؤكدة في شهر حزيران، وخلال أسابيع من إعادة افتتاح مرافق الحياة العامة في أعقاب إجراءات إغلاق عام صارمة. وفي الثامن من تموز، سجلت الهند 742,417 حالة إصابة مؤكدة. بيد أنَّ النسبة الحقيقية لمعدل الإصابة بين السكان تظل غير واضحة، بحسب العالم المختص بالفيروسات، شهيد جميل.
لقد أجرت الحكومة فحوصا لعينة عشوائية مكونة من 26 ألف شخص في أيار، وقد أظهرت نتائجها أن 0.73 في المئة منهم كانوا مصابين بالفيروس.
وأبدى بعض الخبراء تحفظات بشأن حجم العينة، لكنَّ آخرين مثل دكتور جميل، يقولون إنه المؤشر الوحيد المتوفر والذي يقدم صورة واسعة النطاق على مستوى البلاد الذي ينبغي عليهم العمل ضمنه.
وأضاف: «لو استخدمنا هذا المؤشر لاستنباط عدد الإصابات لدى عموم سكان البلاد، لتوصلنا إلى أنه كان عدد حالات الإصابة في منتصف أيار 10 ملايين حالة».
وعند الأخذ بنظر الاعتبار أنَّ حالات الإصابة المؤكدة في الهند تتضاعف كل 20 يوماً، فمن المفترض أنْ يصل عدد الإصابات الإجمالي الحالي بين 30 و 40 مليوناً.
وثمة فجوة بين الحالات المؤكدة والعدوى الفعلية في كل بلد ولكنها تتباين بدرجات متفاوتة. وإجراء فحوص الكشف عن الإصابة بالفيروس هو الطريق الوحيد لتجسير هذه الفجوة، بحسب دكتور جميل الذي يقول : «إذا أجريت فحوصا أكثر فستكشف المزيد من الإصابات».
 
لا تجري فحوصاً كافية
إن عدد حالات الإصابة المسجلة رسميا في الهند مرتفع للغاية كأرقام إصابة خالصة، لكنه منخفض بحساب النسبة الى عدد السكان، أي نسبة الإصابة بالنسبة للفرد الواحد. ويبلغ متوسط عدد الحالات في العالم ثلاثة أضعاف نصيب الفرد في الهند، وهي حقيقة أشارت إليها الحكومة مؤخراً.
ولكن، بحسب دكتور جميل ، يعود سبب نسبة نصيب الفرد المنخفضة في الهند ببساطة إلى أن البلاد لا تجري فحوص كشف عن المرض كافية.
وإذا قمت بمقارنة الهند بالدول التي لديها عدد كبير من حالات الإصابة قياسا إلى عدد السكان، فستجد أن تلك البلدان تجري فحوص كشف أكثر من ذلك بكثير.
فعدد حالات الإصابة في الهند تبدو غير مرئية تقريبا ضمن هذا المقياس لأن معدل إجراء فحوص الكشف منخفض جداً. ولكن الأمر لا يتعلق بعدد الأشخاص الذين تفحصهم فقط بل ومن هم هؤلاء الأشخاص الذين تفحصهم أيضاً.
وقال كل من هيمانشو تياجي وأديتيا جوبالان، وهما عالمان في الرياضيات درسا استراتيجيات فحوص الكشف عن كوفيد - 19: «إن ستراتيجية الفحص والتتبع غير كافية ما أن تبدأ العدوى في الانتشار بسرعة، فذلك يساعد في احتواء الوباء ولكنه لا يكتشف حالات جديدة غير مكتشفة في المجتمع. ولتحقيق ذلك، يجب على الهند إجراء اختبارات لعدد أكبر من الناس».
 
تفاؤل بأعداد المتعافين
تشير البيانات إلى أن أولئك الذين تم تشخيصهم بالوباء في الهند يتعافون منه بشكل أسرع مما يموتون جراءه.
وقال دكتور جميل إن هذا أمر جوهري لأنه يحدد الضغط على النظام الصحي.
وفي الوقت الحالي، ترتفع نسبة الوفيات بشكل أبطأ من نسبة الحالات المؤكدة أو التعافي ، ولكن إذا تسارع هذا المعدل، سيؤدي إلى زيادة الضغط على المستشفيات، وبالتالي زيادة الوفيات.
وهذا يعني أن معدلات فحوص الكشف المنخفضة تعني تسجيل عدد أقل من الحالات الجديدة، وبوتيرة أبطأ، سيؤدي ذلك إلى تسريع معدل الشفاء مقارنةً بالحالات المؤكدة.
كما أن حصة الهند من حالات الشفاء -أي النسبة المئوية من إجمالي الحالات المؤكدة في بلد معين والتي تعافى فيها المصابون تماماً - أعلى أيضاً. وهي عند نسبة 60 في المئة تقريباً في الهند، وتتقدم على الولايات المتحدة بكثير، حيث تبلغ النسبة فيها 27 في المئة. أما عندما يتعلق الأمر بالتعافي، تكون البيانات غير منتظمة وتعريفاته مختلفة بين مكان وآخر.
وثمة الكثير من التساؤلات بشأن أعداد الوفيات بمرض (كوفيد – 19) في الهند، ويتفق معظم الخبراء على أنه من المحتمل أنه لا يبلغ عنها جميعا. لكن رافي تقول إنَّ ذلك لم يفسر الفجوة الكبيرة في معدل الوفيات بين الهند وبلدان أوروبا. وأضافت: «إذا كانت معدلات الوفيات لدينا عالية حقاً، فليس ممكناً إخفاء هذه الكمية من البيانات، أي ما يصل إلى 20- 40 ضعف عدد الوفيات».
ويوضح دكتور جميل: «لا يمكن لأي دولة أن تتلاعب ببياناتها». «فقد تكون المناعة الفطرية لدى هؤلاء السكان أعلى بسبب كثرة الأوبئة الآخرى التي عايشوها. لكننا في واقع الأمر لا نعرف حتى الآن سبب معدلات وفياتهم المنخفضة جداً».