الى أين ؟

الرياضة 2020/09/28
...

خالد جاسم
*في واقعنا الرياضي المؤلم الذي لم يعد مفترقا أو مختلفا عن مجمل الواقع العام لم تعد علاقاتنا الانسانية في الكثير من المفردات والتفاصيل آمنة وعفوية كما كانت عليه الحال حتى زمن قريب , و هذا التعقيد ليس ناتجا عن العمق والدراية بماهية الأشياء وكوامن الواقع الحاضر بل بسبب الزيف والسطحية , وكأن هذا العصر ومبرراته الكثيرة أعاد تربيتنا بمنطق الحاجة المستمرة التي أصبحت جشعا والاستهلاك الدائم الذي أصبح إدمانا والمنفعة المادية التي أصبحت منهجا وقناعة ، وأجاز أن نلون مفرداتنا المتداولة اليومية ومشاعرنا ، فأصبحنا نرتاح للظلم ، ونتصالح مع الرشوة ،ونتجمل بالكذب وننحاز لأهل الثقة على حساب أهل الكفاءة ,ونتباهى بعبادة - الأنا - ونبارك النفاق ونشهد مع الفساد .. نعم نحن جزء من تلك المنظومة الخربة والبيئة الملوثة في واقع رياضي تترسخ فيه الثوابت الخاطئة وتلفظ منه الأشياء الصحيحة حتى صار من يتحدث عن الخطأ وضرورة الاصلاح وأهمية التغيير هو الصوت النشاز, وكثيرون يثرثرون ولايصمتون لحظة واحدة ربما خوفا من سماع صوت أعماقهم التي تعكس النقيض وكل ذلك هو نتاج تفاعلات وممارسات صارت سلوكا ومنهج تصرف في الوسط الرياضي بعد أن غابت الكوابح الأخلاقية واختفت الرقابة والمحاسبة على الأخطاء والمخطئين مع سيادة منطق عدم الخوف من القانون الذي لايحمي المغفلين فقط , بل ولن يقف مع المظلومين ولن ينصر الشرفاء ولايحمي من يعمل بضمير النزاهة ويطالب بالنظافة التي ماعادت جزءا من الايمان بل تهمة شنيعة لمن يتحدث عنها ويطالب بها.
الى أين نحن سائرون في رياضتنا ؟ ذلك هو السؤال ولنودع ماقبله من تساؤلات ظلت بلا أجوبة طوال أعوام مضت أكل فيها الزمن من جرف النهوض والتقدم في ذمة التاريخ . هل البيئة الرياضية الحالية بمقوماتها وشخوصها وعلى اختلاف العناوين تصلح أن تكون حاضنة ومنطلقا حقيقيا لتحقيق التغيير والانتقال الى واقع أفضل ... ؟
للأسف فان الطريق الخطأ معبد بالتسهيلات طالما هو يقدم قانون التنازل والامتيازات ومبادلة المصالح لكل من يسلكه بينما طريق الصواب صار متخما بالألغام والعبوات الناسفة بل ومعبد بقانون العقوبات لأنه نضال حقيقي من أجل التصحيح والبناء لكنه نضال يقطع الأنفاس ويزعج درب الظلام .. ومن هنا عليك أن تكون لطيفا وصامتا وتصفق وتجمل الأمور وتنافق بامتياز لأن كل عنوان تقابله يقاتل بشراسة في معركة الدفاع عن مقدساته في الرياضة وهي مقدسات تحتوي مفردات المنصب والامتيازات والمصالح ليس الا.
نعم صارت الرياضة عالم مذهل القسوة وانت ترى كل تلك الصراعات والتقاطعات وعدم الالتقاء بين عناوين يفترض بل ومن الواجب أن تجتمع تحت خيمة واحدة كتب عليها بالخط العريض مصلحة الرياضة والرياضيين لكن أيا من تلك العناوين تتعاطى مع الأمور بمنطق نقابي ومصلحي بحت ينحاز لمنطق القبيلة وكأننا في زمن الجاهلية ..لايتحدث أحد عن تشريع قوانين تنظم دورة حياة الرياضة وتضعها على السكة الامنة والجادة الصواب .. ولن تلتقي بعنوان يبسط على طاولته مشروع النهوض والكيفية المطلوبة في اختصار الزمن والاقتراب من حافات النجاح وتلمس طريق الانجازات الرياضية ..الكل يريد ويطالب بمنطق مادي بحت .. الكل يبحث عن وسائل تمنحه الضوء الأخضر في الهيمنة والاستيلاء على الممتلكات والمنشات والملاعب .. والكل يتحدث عن التمويل والاستثمار وزيادة الميزانية والحصول على مزيد من الامتيازات .. والكل يتحدث عن مؤامرات خارجية تتربص بالرياضة العراقية ولا أحد يفكر أو يراجع نفسه ويعترف بفشل اليات عمله وافتقاره الى خريطة عمل موضوعية تعيد لرياضتنا الاعتبار وتنجينا من شرور الحظر والعقوبات التي نفرضها نحن على رياضتنا أصلا أو نعبد للاخرين الطريق اليها ..