جذّاب .. ولكنه عجيب!

الرياضة 2020/10/03
...

علي رياح  

وضع الأندية الرياضية في العراق مازال مبهما ، ولعلـّي أتحلى بأقصى قدر من الصراحة حين أقول : إنه وضع نادر ولن تجد له نظيرا على كل هذه الأرض!  
والعنوان العريض (الأندية الرياضية ترفض الوصاية) كان وسيبقى جذابا ومدهشا ، ولكنه يثير التعجّب في الوقت نفسه؟! ، فهو جذاب من جهة ، لا شك في هذا .. لأنه ربما يعيدنا إلى ذلك الإرث النضالي العميق للشعب العراقي في مواجهة التبعية والهيمنة قبل عقود طويلة من الزمن ، ولكن التعجب يأتي - في الوقت نفسه- من الشكل والمضمون والتوقيت!  
فالمؤتمر الموسع الذي عقدته الأندية الرياضية العراقية مؤخرا في قاعة نادي الكرخ الرياضي يحمل أصداء لم تنته بعد ، فقد جاء ليعبر عن رغبة أكيدة في الاستقلال إداريا وماليا عن الحكومة ، وهذا الخطاب رائع ونتمناه جميعا ، لكنه خطاب حالم لا صلة له بالعمل الرياضي في العراق من قريب أو بعيد!  
الأندية تريد أن تستقل ، وترفض وصاية الحكومة ، وتعلن مجددا قدرتها على أن تمضي وحدها تخطيطا وتنفيذا ، وهي بذلك تنسى الحقيقة الدامية وهي أنها أندية تعيش على المال الحكومي ، وأنها ستتعثر كثيرا وطويلا إذا تأخر عنها المَدد الحكومي شهرا واحدا ، وأنها بعد أن استمرأت المكوث طويلا في حضن الحكومة لا يمكن أن ينفع معها الفطام في شيء!  
هذه هي الإشكالية الحقيقية التي نعرفها جيدا ، لكننا نتفادى التسليم بها .. فالرياضة في العراق ذراع للحكومة في كل حين وعهد .. لا أعني بالذراع أنها (قوة) بيد الحكومة ، وإنما أعني الذراع الممدودة التي تـُحسن المطالبة بالمال وليست لديها القدرة على أن تتدبّر أمورها ، وهذا أمر ناجم عن سياسة قديمة بقيت مهيمنة على المشهد برغم كل التحولات السياسية التي شهدها العراق ، وبرغم كل ما يجري في العالم من حولنا من (خصخصة) ومن ارتفاع لمفعول لغة التمويل والاستثمار من أجل أداء رياضي أفضل!  
والأمر - في وجهه الآخر - يقودنا إلى الحديث عن هذه المماحكات التي نشهدها بين أندية عراقية كثيرة من جهة ووزارة الشباب والرياضة في عهد عدنان درجال ، وهي مماحكات لها وجهان متباعدان من التفسير .. الأندية تقول إن درجال يريد أن يوظف قوانين الحكومة كي يبسط قبضته على مفاصلها أو على الاقل القرار فيها وخصوصا ما يتعلق بترشيحه لانتخابات اتحاد الكرة كهدف نهائي لدرجال ، والأخير يريد أن يغيّر المشهد بكل ملامحه ، وواضح أنه يريد أن يغيّر الكثير من الشخوص أيضا!  
مؤدّى القول هنا إننا نعيش ثورة بلا قضية .. فالجميع لم يتحرك خطوة واحدة تجاه الحل العملي الوحيد في رأيي والذي سيكون المَخرَج والأمل للرياضة عندنا ، وهو تحويل الأندية إلى شركات مساهمة تفتح المجال أمام كل راغب في العمل فيها ويقدم لها من ماله ، من أجل أن تذهب كل شركة (كل ناد) نحو سياسة تجارية ربحية إن أمكن مع الحفاظ على الهوية الرياضية والقدرة على الإنجاز!!