تلجأ معظم الفتيات إلى الأعمال والحرف اليدوية، نتيجة لغياب الوظائف بعد تخرجهن وحصولهن على الشهادة الجامعية، اذ اسهمت التكنولوجيا بتسويق منتجاتهن والإعلان عنها، فدخلن سوق العمل بمهاراتهن وابتكاراتهن، متخطيات بهذا غياب الفرص في التعيين، وصعوبة افتتاح محال تجارية بسبب غلاء بدل الايجار.
نخلة في أميركا
نهضت سالي كوريال (30 ) عاماً وهي في قمة اليأس، لتخلق من أناملها مجاميع من قوس قزح، لترسمها على مادة الرزن، تحدثنا سالي كما الفراشة وهي تبث الالوان بسطورنا وتقول: "عند هجرتي انا ووالديّ الى اميركا، اعتراني الملل وصار كما الظل يلاحقني، عندها قررت أن أتصفح موقع اليوتيوب، شدني هذا العمل اليدوي، فتعلمت كيف أضع الالوان ومع خبرتي بالرسم اتقنت هذه الصناعة، ما جعلني احتل مكاني في المهجر كنخلة عراقية شامخة، ومع ذلك فالامر لم يكن بهذه السهولة، فشراء الالوان ومادة الرزن مكلف جداً، ما جعلني أعمل وأجمع المال للشراء، لذلك يجب على كل من يريد أن يتطور ويبتكر ويتقدم الا يقف عن حدود ترسمها الظروف له، وان النجاح حتماً سيكون حليفك إن لم تستسلم، وكما يقال، ان الفرص تأتيك على شكل عمل شاق، لهذا لابد من انتهازها".
إحياء حرف قديمة
لشغفها بالفن ورغبتها في إعادة احياء التراث، والحفاظ عليه وإرجاعه إلى الأذهان، قامت زينة حقي (31 )عاماً، بتوثيق وتزيين وجوه عراقية شعبية، بشكل مختلف عما كان شائعاً قديماً في العراق على"الخوص"، وعن هوايتها، قالت حقي:"أنا أرسم منذ الطفولة ولكن بدايتي في عالم "الهاند ميد"، كانت قبل أربع سنوات تقريباً، إذ بدأت بالرسم على خامات لم أجربها سابقاً مثل القماش والخشب والجلد".
مضيفة، وهي تعرض أحد أعمالها الذي أنجزته مؤخراً"لدي غرفة خاصة هي مرسم ومشغل، ووقت انجاز العمل الواحد يعتمد على التفاصيل فقد يستغرق من ثلاثة أيام إلى أسبوع، أن كان عملاً يحتاج للكثير من الدقة، وأحاول باستمرار أن ابتكر وابتعد عن المألوف في الخامات".
حقائب ومراوح وأطباق طعام وغيرها من المنتجات اليدوية، تبدعها أنامل حقي الحاصلة على بكالوريوس في الهندسة، شاركت بها في عدة بازارات ومعارض، إذ لاقت أعمالها صدى واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وطلب البعض اقتناءها، وتأمل حقي أن تقيم معرضها الخاص وأن تصل أعمالها الفنية لبقية دول العالم، لأنها رمز من رموز تراثنا على حد تعبيرها.
مجسمات تراثيَّة
أما الشابة هيام أياد، خريجة معهد الفنون الجميلة في مدينة البصرة، فقد نجحت بتجسيد التراث العراقي القديم بمنحوتات نالت إعجاب الكثيرين، وتضم نساء من الفولكلور البغدادي ومنها، "أم الچرغد الأحمر، و أم الگصايب، والمسحرجي"، بالإضافة إلى لوحات بغدادية تضم الشاب البغدادي، و"أم العباية" مجسدة على قوارير الشاي، والأكواب الزجاجية الملونة.
تقول أياد عن أعمالها:" بدأت بممارسة العمل عام ٢٠١٤ ، في البداية كنت أصنع أشكال رسوم متحركة لأطفالي، بعد ذلك أصبحت انحت شخصيات يكون شكلها مقارباً للحقيقة، وكانت سهلة، لاني خريجة فنون جميلة، قسم الرسم، وفكرة صنع المصغرات جاءتني عن طريق المواقع الالكترونية، وأعجبت بمجسمات صغيرة مصنوعة من عجينة السيراميك، بحثت عنها بموقع اليوتيوب، وتعلمت صناعتها في المنزل".
وأضافت" دائماً ما تُستقبل أعمالي بالتشجيع والتمنيات لي بالنجاح والوصول للعالمية، وأن يقول لك شخص من المتابعين، نعتز بكِ ولنا الفخر إنكِ من العراق أو نفتخر بكِ بنتاً لمدينتنا، فهو بحد ذاته شعور لا يضاهى ولا يقدر بثمن، ولا تخلو أعمالي من النقد كأي عمل فني آخر".
أعمال يدويَّة
اما فاطمة حسن (31) عاماً فمنذ الصغر تهوى الرسم بالمسامير، ومن ثم تلوينها حتى باتت تروج لأعمالها في منصات التواصل الاجتماعي ولاقت دعماً كبيراً، تقول عن ذلك:"بالممارسة المستمرة اقتربت من الاحتراف في هذا الفن الصعب، إلى جانب عملي التطوعي بتعليم الأطفال في المناطق النائية والأرياف، وأجد أحياناً صعوبة في الحصول على الخامات الأولية".
بينما فضلت نور حسين (27) عاماً، الإبداع في الأعمال اليدوية كالأساور البسيطة، والخواتم، والحقائب والرسم على الأطباق، وأكدت مبتسمة"بدأت في المرحلة الثانية من الجامعة بالاعتماد على نفسي، لتوفير مصاريف الدراسة بدعم من أسرتي، فقمت بفتح مشغل صغير داخل البيت، وأطمح لإنشاء ماركة خاصة بأعمالي، وتوسيع مشغلي ليستوعب عدداً أكبر من الفتيات لتعليمهن الحرفة ".
نحت الصابون
تقوم رنا يوسف (22) عاماً، بتحويل قطع "الصابون" إلى مجسمات فنية رائعة، عن طريق النحت باستخدام أدواتها البسيطة وأصباغ التجميل.
وعن شغفها بالنحت، أوضحت يوسف:"تفجرت موهبتي في النحت أثناء دراستي الجامعية في كلية طب الأسنان، وكان لأساتذتي الدور الكبير في تشجيعي وتقديم الدعم لي، ما زاد من حبي لهذه الموهبة، ومررت بتجارب فاشلة في النحت، شعرت حينها باليأس والإحباط وبعد محاولات عديدة نجحت، إذ كانت رغبتي في النجاح أكبر من خوفي من الفشل".
وعن الجمع بين النحت وطب الأسنان، أضافت"لا أتخلى عن النحت لأن طب الأسنان عبارة عن نحت وإبداع".