ترجمة: خالد قاسم
جون هينلي
بدأت القصة في العاشر من تشرين الأول من العام الماضي بمناشدة على “فيس بوك” أطلقها سائقا شاحنتين طفح بهما الكيل من اقليم “سين ومارن” شرق باريس، وطالبا بحصار وطني لشبكات الطرق الفرنسية احتجاجا ضد ارتفاع أسعار
الوقود.
جمعت الحملة خلال أيام 200 ألف مساند وأفرزت مئات النتائج الثانوية بمختلف مناطق البلاد، اذ بعد أسبوعين ظهر مقطع فيديو يحث سائقي السيارات على عرض ستراتهم الصفراء بوضوح خلف الزجاجات الأمامية للمركبات في عمل تضامني جمع اربعة ملايين مشاهدة.
بعد شهر تقريبا، ولدت حركة السترات الصفراء، ونجحت بالصمود وتحولت أحيانا الى مظاهرات عنيفة ضربت فرنسا.
لكن الأمر لا يقتصر عليها وحدها، فالمظاهرات عموما بدون قيادة وهيكلية ويجري تنظيمها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوسعت دوليا لتشمل بلجيكا الى بلغاريا وصربيا والسويد ودولا اخرى.
وكما هو الحال في فرنسا، وحدت تلك الحركات الوطنية المتنوعة الناس، مهما اختلفت مطالبهم وآراؤهم السياسية، لكن جمعتهم شكوى جوهرية واحدة: لا يستطيعون تلبية
حاجاتهم.
السترة الصفراء رخيصة الثمن ومتوفرة بيسر ويسهل التعرف عليها وفوق كل ذلك تمثل التزاما فرضته الدولة، وأثبتت السترة نفسها أنها خيار مستلهم لرمز ولعبت بوضوح دورا كبيرا في انتشار الحركة
السريع.
ظاهرة عالمية
انتشرت الثورة أولا الى بلجيكا الناطقة بالفرنسية، حيث أعتقل 400 شخص خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد استخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق الحشود التي رشقتهم بالمشاعل والحجارة وكرات البلياردو، وأحرقت السيارات والشاحنات في مدن بروكسل وشارلروه وغيرهما.
ترفض السترات الصفراء، الفرنسية والبلجيكية كافة الأحزاب السياسية المعروفة في بلادهما وطالبت باستقالة رئيس الوزراء شارل ميشيل وتستهدف اطلاق “حركة المواطنين البلجيكيين” للمنافسة في الانتخابات العامة والأوروبية خلال هذا العام. وجرت مظاهرات سلمية الى حد كبير للسترات الصفراء في عدة مدن هولندية منها روتردام، حيث ذكرت إحدى المتظاهرات أن أطفالها يدفعون الضرائب في كل مكان ولا يمكنهم الحصول على سكن.
أما ايطاليا فهناك مجموعة معادية للتقشف والاتحاد الأوروبي استلهمت أفكارها من السترات الصفراء، وكسبت آلاف الأنصار رقميا وتخطط لتنظيم مظاهرة كبيرة مطلع 2019؛ وتوجد في اسبانيا مجموعات” فيسبوك” للسترات الصفراء تنوي البدء بالاحتجاج في مدريد لأن “الأوضاع هنا أسوأ من
فرنسا”.
شوهد محتجون يرتدون السترات نفسها في السويد واليونان وبريطانيا، حيث أغلقت مجموعة مؤيدة للبريكست جسر ويستمنستر. وفي ألمانيا، نظّم اليمين واليسار المتشددان احتجاجات سترات صفراء، كل على حدة، بمدينتي برلين
وميونيخ.
امتدت الحركة الى إيرلندا وبولندا، أما بلغاريا وهي أفقر دول الاتحاد الأوروبي فقد أغلق محتجون الطرق ومنها معابر حدودية مع تركيا واليونان، وطالبوا بخفض أسعار الوقود ورفع مستويات المعيشة، اضافة الى رحيل الحكومة التي يصفونها بالمافيا. وخرجت الحركة عن حدود أوروبا الى كندا احتجاجا على اتفاقية الأمم المتحدة للهجرة، ووصلت الى اسرائيل والأردن بسبب الفساد وارتفاع تكاليف
المعيشة.
واحتجت مجموعة سترات صفراء في تونس بسبب سوء الوضع الاقتصادي، أما السلطات المصرية فمنعت بيع السترات الصفراء خوفا من انتشار الحركة.