جرت السبت في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق جلسة تأبين الشاعر البصري الشاب أكرم الأمير، الذي رحل بعد معاناة مع المرض في العاشر من كانون الثاني الحالي.
وكان قد ناشد اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، في أيلول العام الماضي، وزارة الصحة والجهات الرسمية، للتدخل لإنقاذ حياة الشاعر الشاب أكرم الامير، المصاب بسرطان في الرئة.
وقال الاتحاد في بيان صحفي له: (ببالغ القلق تلقّى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق خبر إصابة الشاعر الشاب أكرم الأمير بداء لعين في الرئة، فأكرم هو الاسم الابداعي الأصيل، والطاقة الشابة المثابرة، والاهتمام به يعني ربح الوطن لجيل يحمل مشعل الثقافة والمعرفة).
وقد دعا الأمين العام لاتحاد الأدباء ابراهم الخياط إلى أن يُطلق اسم الشاعر الأمير على مربد السنة الحالية، فكما بادرت الناصرية النجيبة وأطلقت اسم الشاعر العامل البسيط الشارد الفاقد البوهيمي عقيل علي على مهرجان "الحبوبي" في سابقة سحبت البساط من تحت الأرجل الرسمية المتلألئة في الصالات والمنتديات، فاليوم جديرٌ بالبصرة الكبيرة أن تدع الأسماء الراسخة المعروفة زاهيةً زاهرةً في أبراجها وتضع تاج مهرجاناتها على رأس الشاعر الشاب الواعد المغتال بيد المرض اللعين والاهمال الحكومي المتعمد، ففي هذا نكون قد كرّمنا جيلا شعريا شابا بكامله.
جلسة التأبين التي كانت بعنوان (صباح الخير يا أكرم)، أدارها الشاعر منار المدني بدأت بقراءة قصيدة الشاعر الفقيد أكرم الأمير، والتي كانت: (الماضي/ قطرةُ زيتٍ محروق/ تفترسُ مُفكرتي الصغيرة/ تمتد في الانتظار/ ذوبان حروف/ لا خلاص لورقي القادم/ الزيتُ صيادٌ ماهر/ بعينين يعانقهما -الإستكماتزم -/ لا يفرقان بين النسور الجارحة والنوارس/ حروفٌ تشابهت/ عالمٌ من مسوخ/ يعرفونني، أخافهم/ مفكرتي/ فتيل ايامي المحاكةِ بالتعاسةِ والوجع/ وجعٌ لا يدعني اشتاق اليه/ تعاسة تشابهتُ معها بالملامحِ/ حديد وهواء رطب/ ليلة حمراء/ الصدأ جنين).
وعلى أنغام عازف الناي الشاعر يماني عبد الستار، شارك الشاعر علي فرحان بقصيدة: بعنوان "غادر الشاعر حربه وحياته": في ليلة ما/ سيولدُ شاعر ٌ ما من رئةٍ معطوبة/ وستبكي/ كولدٍ يمضي الى المدرسة/ عينهُ على اليد الناعمة/ وهي تنتزعه من الأمومة/ الى بطالة الشعر والحياة/ ستتقيأ فطورك الاول في حقيبة المدرسة/ وحين يمرُّ العلمُ الوطنيُّ مرفرفاً/ ستبكي مثل طفلة يتيمةٍ/ فيما معلم الرياضة/ يركض بعيدا/ بعيداً جداً/ ليلحق بالأبناء المنصرفين الى النجف السعيدة/ هذا ما سيحدث دائما/ للأولاد المحرومين من البلاد او الوسادة../ يا أكرم/ البقرات السمينات في الشاطئ الآخر/ هل سيأكلن طيورك؟/ لماذا سئمت غياب بينلوب ياحبيبي../ في هذا الصباح سنلظم الأبر كلّها، بخيط الشعر المتين/ ولهذا لن يرتبك رمشاك الطويلان/ فثمة دموع تسقي طيورك التي تتنزه../ زرافات من العاشقات سينطنّ من مكامنهن/ الى كمائن اليمن/ وسيعلقن بحقائب رامبو/ رسائلهن الثقيلة ستخرّب ميزان الذهب/ امّا قبلهن التي تنشج/ فسوف تصل../ يا أكرم/ ارمِ تاجكَ في المستنقع/ الكرسيُّ عليلٌ أسفنجهُ/ برائحة الخوف تَفوحُ مقابضه/ موسيقى العرش ذابلة/ والجنيات عاطلة أجنحتهن.. الذي احتفظ بشبابه/ السيفُ فقط.
كما وقد شارك كل من الشاعر "مصطفى عبود، أحمد عدنان، عبد الله النائلي، راوية الشاعر، عدي السراي، حسين المخزومي، علي الحمزة" بقصائد تزهر بالحزن والدموع.
وكان من بين المتحدثين الناقد علي الفوّاز، الذي قال: أقسى ما في موت رامبو الثلاثين، كان موت الحلم، والشاعر هو عبارة عن حلم يمشي.. وحين نلتقي اليوم لنشاطر أكرم الأمير تلك اللحظة -الرامبوية- لحظة أن يموت الحلم، لحظة أن تتحول القصيدة إلى كائن يطارد الحلم، إلى كائن يبحث عن وجه آخر للحياة.. أكرم كان ضاجّاً بالحياة، كان ضاجّاً بالاحتجاج، كان ضاجّاً بالماء والعطش في آن واحد.. وأظن أن هذا الضجيج المركب، هو الذي أثر على شعرية الأمير، هذا التوهّج، وهو الذي دفعه أن يتمرّد على هذه الحياة..