أحلام ليست للتسلية

اسرة ومجتمع 2019/01/15
...

ضحى كريم ثابت
الحلم بالنسبة للانثى يشكل الجزء الاكبر من تكوينها النفسي، لانها كائن تشكل الاحاسيس والخيالات الجزء الاكبر في تركيبته، فاحيانا كثيرة تعتاش المرأة على الحلم، واحيان كثيرة تتسلى بالحلم، لكن متى وكيف وهل تتحقق الاحلام؟.
الواقع يقول ان الكثير من احلام المرأة تولد وتموت لاجل الحلم، ربما تكون احلام يقضة او منام.. لكنها حتما لا تتحقق، لان المرأة مازالت الكائن الاضعف في معادلات يرسمها الرجال، لمجتمع ذكوري يعتبرون المرأة فيه عبر التاريخ اما جارية تخدمهم او موديلا يشغل ابصارهم، او شيئا جميلا يوفر لهم المتعة والاسترخاء.
لكني منذ ان تعاطيت لعبة الاحلام قررت ان احقق احلامي، رغم صعوبة تحقيقها، وأول الاحلام ولد وانا اجلس امام شاشة التلفزيون، امسك (الريموت كونترول) واقلب القنوات اتمعن في وجوه وحركات واطلالات المذيعات ومقدمات البرامج، واسأل نفسي هل هذه المذيعة افضل مني؟ ام تلك المذيعة اجمل؟ وعند طرحي السؤال على والدي كنت دائما اسمع ردا لا يعجبني!.
تخرجت من الجامعة وبقيت شهورا متتالية اعيش شيئا من القلق والملل بسبب الروتين المزعج، وانا اشهد اخفاق محاولاتي للحصول على فرصة عمل, ارتبطت بأبن عمي وتحولت من بنت مدللة لعائلة ميسورة الى زوجة عليها مسؤوليات كثيرة.
 فكرت كثيرا في التراجع عن حلمي ووضع شهادتي على الرف لاتحول الى ربة منزل فقط، لكن شيئا بداخلي يدفعني لتكرار المحاولة، حتى لم تبق مؤسسة اعلامية الا وارسلت لها سيرتي الذاتية البسيطة التي تقول باني سيدة شابة احمل البكالوريوس واحلاما بحجم العالم، ربما تتفحص انظارهم الشهادة ولاترى الحلم الذي لايشاطرني احد في تصور حجمه.  
تكررت المحاولات لكن من دون جدوى حتى تغلب علي الملل، وفي احد الايام وانا اتجول بين صفحات الفيس بوك عثرت على اعلان لاحدى القنوات الفضائية عن حاجتهم لمقدمة برامج، وبين الامل واليأس ارسلت لهم سيرتي الذاتية، ويبدو ان الحلم اخذ يتحقق عندما وجدت تجاوبا منهم ودعوني الى اجراء مقابلة في القناة.  
ذهبت الى القناة انا ووالدي والتي لم تبعد كثيرا عن البيت، جلسنا في غرفة الضيافة، كنت ارتجف طوال الوقت، وقلبي يدق بسرعة، وتنتابني مشاعر مختلطة مابين القلق والخوف.  
 كان الاصرار بداخلي يصارع الخوف الظاهر على ملامح وجهي، فاول مرة ادخل فيها استوديوهات محطة فضائية، واول مرة انتقل من مواجهة الشاشة كمشاهدة الى الدخول في الشاشة كمذيعة.
الجلوس امام الكاميرا مرعب جدا، كنت خجلة اتصبب عرقا، ونبضاتي متسارعة، واترقب العيون التي تراقب حركاتي وتفحص كل ما اقول، وانتهت تلك اللحظات بابتسامات لجنة الاختبار اكدها لي المدير المسؤول عندما قال لي بثقة “ارى فيك ادوات الاعلامي الناجح وابتداء من غد انت موظفة في قناتنا”.
ويبدو ان اصراري تغلب على خوفي وكانت النتيجة مشجعة جدا ومبهرة جدا، وادركت حينها ان احلامي ليست للتسلية، فقد قالوا لي في المقابلة  “سيكون لك مستقبل مشرق وستكونين ناجحة” ومن يومها اشق طريق النجاح بثقة وقوة.
 في تلك اللحظات شعرت وكأنني امتلك العالم، فاضت الدموع من عيوني واخذت تتقطر على وجناتي من دون ارادتي من شدة السعادة، حمدت ربي كثيرا، ولا انسى فرحة والدي الذي كان بجانبي في تلك اللحظة.
الموافقة السريعة على قبولي رغم اني لا املك الا الشهادة والحلم، اثارت لدي تساؤلات عدة،  ولاني من الذين يفضلون الوصول الى الاجابات من دون طرح الاسئلة، فقد استنتجت ان ملامحي الواثقة والكاريزما التي وهبها الله لي كانت سببا اساسيا في قبولي السريع. وكما يقولون ان وجوهنا هي جواز سفرنا لقلوب الاخرين، والاهم من ذلك هو ايماني باني ساحقق حلمي هو من جعلني اتذوق طعم النجاح، لم اكتف بما يحمل وجهي من ملامح اصرار تؤهلني للعبور، بل سعيت ومازلت لتطوير مهاراتي وادائي لاكون مذيعة متميزة، لكن احلامي لم تقف عند هذا الحد بل اصبحت تعانق السماء واصبحت اكثر ارهاقا لي..ارهاق ممزوج بمتعة روحية فريدة، لا اعرف اين سأصل، لكني حتما سأصل... فاحلامي ليست للتسلية.