سرور العلي
حين أصيبت فاتن رحيم (38) عاماً، بفيروس "كورونا" لم تستطع رعاية طفليها، فلجأت إلى شقيقتها لمساعدتها في إدارة شؤون المنزل، ولضمان سلامتهم من خطر العدوى، وعزل نفسها عن الاختلاط بهم، إذ تقول:"حالما شعرت بأعراض مخيفة، كالصداع المستمر، وضيق التنفس، وارتفاع درجات الحرارة، اجريت فحوصات واكتشفت إصابتي بالفيروس، فخضعت للحجر الصحي في المستشفى لمدة 14 يوماً، وكنت أثناءها أمر بأزمة نفسية بسبب ابتعادي عن طفلي".
وبعد تعافي رحيم تعاملت بحذر مع أفراد أسرتها بترك مسافة بينهم وتعقيم وتطهير المنزل بشكل متواصل، وغسل الخضار واللحوم كثيراً قبل طبخها.
مضيفة"ازدادت مهماتنا بعد تلك الأزمة وتضاعفت مسؤولياتنا من تلبية طلبات الأسرة، والحفاظ على صحتها، والتوجيه الصحيح لاتباع الإجراءات
الاحترازية".
مكافحات
للأم دور كبير في التصدي للفيروس كدور الملاكات الطبية والصحية، ووقوفهم في الخطوط الأمامية، كونها تدير معظم شؤون بيتها من تنظيف واعداد وجبات الطعام، وهناك من أثبتن جدارتهن في مجابهة الأزمة، ودفع خطرها عن أفراد
أسرهن.
توضح طبيبة الأسرة والمجتمع، أحلام سعد:"يكمن دور الأم في توعية أطفالها بضرورة ممارسة العادات الصحيحة بشأن الالتزام بالنظافة اليومية، والوقاية وغسل اليدين وتعقيمهما باستمرار، لتصبح ثقافة راسخة في سلوكياتهم
وتعاملاتهم".
مضيفة"ان المرأة تمثل خط الدفاع الأول لضمان سلامة أسرتها على الرغم من ازدياد مسؤولياتها، وتحملها ظروفاً قاسية، لاسيما ان التعليم أصبح عن بعد، ولكن لتجاوز الخطر يتطلب مشاركتها في التوعية، ورفع مناعتهم بتوفير الفيتامينات والغذاء الجيد".
وشددت سعد على ضرورة عزل الأم المصابة بالفيروس عن أسرتها في المنزل، وتطبيق التباعد الاجتماعي، وأن تطلب المساعدة لرعاية أطفالها وان لم تتوفر المساعدة عليها أن تبذل جهدها في تطبيق أقصى درجات النظافة من غسل اليدين، وتغطية الفم والأنف أثناء السعال والعطس، وتعقيم الأسطح عالية اللمس بانتظام، والابتعاد قدر المستطاع عن الطفل، وعدم لمسه إلا عند
الضرورة.
دور التوعية
وتلعب الإرشادات التي توجهها الأم دوراً كبيراً في حياة أطفالها، من خلال تعليمهم محاربة الشائعات عن الجائحة، والوثوق بمصادر سليمة، والابتعاد عن التوتر والخوف لما لهما من دور في تحطيم الجهاز المناعي لدى الإنسان.
بدوره بين الطبيب فاضل محمد:"يجب على الأمهات المرضعات غسل أيديهن بالصابون والماء قبل لمس أطفالهن، والتعقيم المستمر وارتداء الأقنعة الواقية أثناء الرضاعة، وفي هذه الظروف العصيبة تعد الأم مصدراً مهماً في حفظ توازن الأسرة وحثها على مواجهة الاضطرابات النفسية والاجتماعية نتيجة انتشار المرض".
مجندات
وتتسلح معظم الأمهات بالقوة والصبر، لبث الطمأنينة وإدارة الأزمات، والتغلب على متاعبهن النفسية والجسدية بخلق جو ملائم وصحي في منازلهن، واستغلال فترة العزل بأشياء مفيدة وممتعة.
وبالنسبة للممرضة الشابة رؤى جليل، وهي متزوجة ولديها طفل وتعمل ضمن الصفوف الأمامية، فقد أثبتت حضورها الكبير في تحدي الوباء، وعندما أصيبت به حجرت نفسها في المستشفى الذي تعمل به وتحت اشراف ورعاية زملائها، إذ تركت طفلها لدى والدتها ليحظى باهتمامها، وتتذكر جليل، وهي تحبس دموعها:"لم تفارقني تلك الأيام المريرة وخوفي من نقل العدوى لزوجي وابني، واضطراري لتركهم، ولكن كلما تذكرت أن واجبي المقدس هو تقديم التضحيات لغيري يهدأ قلقي".
وتبين زميلتها أطياف حسين (34) عاماً،:"حرصت على الالتزام بجميع تعليمات الوقاية، وخلق توازن بين عملي في المستشفى وأسرتي وحمايتهم من العدوى، بتغيير ثيابي بين العمل والمنزل كثيرا، والاستحمام والتعقيم قبل مخالطتهم والحديث معهم".
وأكد الممرض فؤاد علاء (46) عاماً، أن النساء يؤدين أدوارهن العظيمة في الحرب والسلم، وبرزت مكانتهن وقوتهن أثناء ظهور الوباء، إذ يرابطن في المستشفيات، ومجندات في تقديم خدماتهن، ومن تسلل لهن المرض وتعافين رجعن لممارسة عملهن الإنساني
النبيل.
الطب البديل
ولم يتوقف هوس زينب خالد (41) عاماً، بتنظيف بيتها باستمرار وشراء علب المعقمات والمطهرات، وقالت بحماس:"تلك المهمة تقع على عاتق ربة البيت، كونها المسؤولة الأولى عن تنظيفه".
إلى جانب اهتمامها بصحة أفراد أسرتها بتوفير العلاجات الطبيعية، كالعسل والليمون، لاحتوائهما على خصائص مضادة للأكسدة، بخلطهما وتناولهما في الصباح، وأضافت "كما أن الزنجبيل له أهمية بتسخينه مع الماء والنعناع المجفف وشربه مع التمر، وأتابع يومياً إرشادات وزارة الصحة للحفاظ على حياتنا من الوباء، ونشر الثياب والأغطية في الشمس، وإعطاء كل طفل من أطفالي معقماً خاصاً به، يستخدمه وفق توجيهاتي ومن دون
إفراط".