نهضة علي
تعد الكنيسة الحمراء او مقبرة الكلدان الكاثوليك، من أقدم الكنائس في محافظة كركوك، حيث تقع على تلة بارتفاع 15مترا مقابل سوق الحصير شمال المدينة وغرب القلعة، ليطل بناؤها على قلب المدينة، محتفظا بترانيم التراث المسيحي القديم وصلوات السلام في حاضر مدينة التعايش والتآخي والاديان.
أصل التسمية
عماد متي المتحدث باسم الأبرشية الكلدانية في كركوك تحدث لـ(الصباح) عن الكنيسة الحمراء قائلا: "انها تعد من أقدم كنائس كركوك والشرق الاوسط والمواقع الاثرية، التي تعود الى القرن الرابع الميلادي، حيث بنيت من قبل أحد القساوسة لتقام فيها الصلوات والترانيم والابتهالات الدينية في منطقة الحصير شمال كركوك على طريق السليمانية، وبموقع قتل فيه الآلاف من المسيحين على يد احدى الحملات المجوسية لترك دينهم، اذ كان هذا السبب في تسميتها بالكنيسة الحمراء، بعد ان اتفق القس القائم انذاك على بناء كنيسة لإقامة الطقوس المسيحية في المكان المذكور".
طهمزكار
كتب احد المؤرخين وهو صلاح نوري كرابيت عنها، بان الكنيسة الحمراء يعود تاريخها الى انتهاء الحملة المجوسية، فقد شيدها مار مارون مطران كركوك آنذاك بمكان قبر القائد طهمزكرد، الذي توفي بعد اعتناقه المسيحية، بعد أن فشلت حملته وتأثره بماحدث حوله اثناء الحملة، اذ وضعت ذخائرهم في هيكلها لكنها لم تقاوم هي الاخرى، فقد تعرضت ولفترات عديدة الى السطو والتخريب من قبل اللصوص، الى ان اتخذت مخزنا للعتاد (بارود خانة) من قبل العثمانيين، وفي عهد مار لويس ساكو راعي ابرشية كركوك للكلدان (غبطة البطريرك حالياً)، تم في سنة 2007 م تنظيف الكنيسة من الداخل، وتجهيز الرواق بالمقاعد، كما تم تسقيف الممر بمظلة تقي الزائرين من المطر في الشتاء، ومن اشعة الشمس في الصيف، كما تم انشاء سور جديد يحيط بالتلة.متي بدوره بين "انها تعرضت للهدم اثناء الحرب العالمية الاولى، ثم اعيدت كمكان للطقوس والترانيم المسيحية، بعد أن أعيد بناؤها انذاك، وتحولت مؤخرا الى مقبرة لدفن الاموات، اذ تغلق ابوايها طيلة ايام السنة ماعدا يوم عيد طهمزكار يوم 25 ايلول، واسبوع بعد عيد القيامة، والذي يعد عيد الشهداء والمؤمنين، ومن دون هذه الايام لايقام فيها أي قداس فهي فقط لزائري القبور".
جسر السماء
واضاف كرابيت "ان لعيد طهمزكار قصة قديمة، فهو أحد القادة القدماء من عبدة النار آنذاك الذي شن حملته على المسيحيين وعذبهم لاجبارهم على ترك ديانتهم ليعبدوا النار، الا انهم لم يناصاعوا لامره، فقتل عشرات الالاف منهم في مكان الكنيسة، وقد قصت روايات انه شاهد فيما بعد جسرا مابين السماء والارض يصعد عليه الاموات الى السماء، فاعتنق المسيحية وارسل اليه ملكه بمواصلة الحملة والرجوع الى دينه، فرفض وقتل من قبل اتباع الملك، فسمي يوم قتله عيد طهمزكار، استذكار لهذا القائد الذي اعتنق المسيحية وعد
قديسا".
ام الاحزان والحمراء
عند الدخول الى رواق الكنيسة التي تقع في مكان عال تقريبا عن مستوى الشارع وسوق الحصير شمالا عن مركز المدينة، حيث بانت من فوق التلة منها معالم كركوك وماشيد فيها حديثا، وما احتفظت به من القديم، وقلعتها التأريخية ومئذنة جامع النبي دانيال وقبة بغداي خاتون، وعندما تدخل قاعة القداس، التي اعيد اعمارها، وبعد ممر قصير تدخل المقبرة التي يوجد فيها بعض صور القساوسة القدماء مع نبذٍ توضيحية عن عصر الصورة وتأريخها، فضلا عن صور تجسد اقامة القداس قديما في الكنيسة الحمراء، ثم تليها مقبرة تجمع اضرحة المتوفين اثناء الهجمة التي استهدفتهم، اما حاليا فتحتفظ ببعض ماتبقى من قاعتها، بعد ان رممت من قبل الوقف المسيحي، لتكون مكانا للقداس اثناء الاعياد والقاعات الاخرى والباحة الخارجية مكانا لدفن الاموات، اذ ان الابرشية الكلدانية وخلال العام 2013 اجرت حملة ترميم كامل لها، وذلك لاحياء تراثهم ولم شمل الأسر المسيحية في المناطق القريبة، باقامة صلواتهم واحياء
مناسباتهم.
وعاد عماد متي ليؤكد أن "الكنيسة الحمراء حاليا تعد من الكنائس الأثرية، وهناك تحرك من الابرشية لاعداد دراسة متكاملة عن الكنائس الأثرية القديمة لإضافة اقدمها الى لائحة التراث العالمي، خصوصا كنيسة ام الأحزان الواقعة في قلعة كركوك".