عفاف مطر
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن وحول "النسويَّة" وتم تصنيف الجمهور المتلقي الى فريقين لا ثالث لهما، مع وضد، ومن المفارقات الغريبة أنَّ السيدات اللاتي حملن على عاتقهن قيادة هذه الحركة، هاجمن النساء اللاتي لم يتفقن مع
كل أو جزء من أفكار النسوية، وهذا يعلل نعت فئات واسعة من المجتمع لتلك القيادات النسويَّة بالاستبداد والانحلال والسعي وراء هدم
المجتمعات.
الواقع أنَّ حركة النسوية ومنذ بداياتها في القرن التاسع عشر، في موجاتها الثلاث تستحق الاحترام والتقدير، إذ قدّمت النساء وقتذاك تضحيات كبيرة وكثيرة، وعانين من عداء المجتمع لهن، لا سيّما بخصوص مطلبهن الرئيس وهو حق المرأة في الاقتراع السياسي الذي كان محرماً حينها، وتحملن سخرية الرجال وعداء المجتمع لهن أيضاً، ولو قارنا بين القيادات النسويَّة في الموجات النسويَّة الثلاث وأفكارهن وطرقهن لنيل الحقوق، وبين القيادات التي تخرج علينا الآن وبكثرة في السوشيال ميديا، لعرفنا لماذا تُتهم النسويَّة الآن بالانحلال والانحراف، وإذا أردنا أنْ نضع المقارنة في ما يخص الشرق الأوسط على سبيل المثال، ليس علينا سوى المقارنة بين هدى شعراوي ونازك العابد وسهير قلماوي... الخ وبين نجمات النسوية اليوم على الفيسبوك والانستغرام، إذ لمعت نسويات سعوديات كثيرات على حساب النسويات المصريات اللاتي كانت لهن الريادة والصوت الأعلى على مستوى الوطن العربي ولنجري مقارنة بسيطة، نادت درية شفيق ونالت عبر نضالها لها ولباقي المصريات حق الانتخاب، بينما تطالب النسويات السعوديات اليوم بخلع العباءة والنقاب وحرية السفر وحق الإجهاض وعدم الزواج... الخ، لكنْ أليس من باب أولى أنْ يطالبن بحقوق الخادمات الآسيويات اللاتي يتعرضن يومياً للإهانة والضرب وأحياناً
التحرش؟
على النسويات اليوم في كل الدول العربيَّة أنْ ترجع الى أدبيات النضال النسوي الأول في بريطانيا وهولندا ومصر ودفاعهن عن عاملات المصانع والعاملات في الزراعة، والمطالبة بحق التعليم وحضانة الأولاد، للأسف أقول إنَّ الحركة النسويَّة العربيَّة اليوم والمدججة بخطاب الكراهية والمحرضة على الانحراف ليست لها أي علاقة بحقوق المرأة، بل لقد أسأن للمرأة أكثر من
الرجل.